المحتوى الرئيسى

البابا فرنسيس فى الـG7

06/23 06:48

فوجئنا الجمعة قبل الماضى وفى اليوم الثانى لاجتماع كبار العالم الاقتصادى والصناعى الـ G7 فى بوليا – بإيطاليا أن دخل عليهم قداسة البابا فرنسيس ليجتمع وجها لوجه مع قادتهم وضيوفهم، ورغم جسده الواهن ولكن ذهنه المتقد (87 سنة) ألقى فيهم كلمة عن مستقبل الذكاء الاصطناعى والتوازن بين كرامة الإنسان والنظر إلى مستقبله والتقدم التكنولوجى والأخلاقيات التى يجب اتباعها، هذا اللقاء يذكرنا بطيب الذكر البابا لاون الثالث عشر عندما أطلق وثيقة مشهورة «الأشياء الحديثة» عام 1891 فى مستهل الثورة الصناعية والذى اهتم بكرامة العمال وحقوقهم فى مواجهة أفكار كارل ماركس فى كتابه «رأس المال» الصادر 1867 والذى تحول لاحقا إلى الأيديولوجية الشيوعية والاشتراكية مستعبدا الإنسان ومعاديا للأديان .

وعودة للبابا فرنسيس لم تكن هذه المرة الأولى التى يتعرض لهذا الموضوع فقد سبق أن استبق المخاوف المترتبة على انفلات هذا العالم التكنولوجى الجديد فأصدر عام 2020 «نداء روما» مطالبا بما أسماه الخوارزميات الأخلاقية (نسبة للعالم أبو جعفر الخوارزمى الذى اكتشف مجموعة من الخطوات الرياضية والمنطقية المتسلسلة اللازمة لحل مشكلة ما) كما وجه فى بداية هذا العام بمناسبة اليوم العالمى للسلام رسالة لتوجيه أنظار العالم إلى العلاقة بين الذكاء الاصطناعى والسلام العالمى والتوازن بينهما.

وفى كلمته قال إن الله قد أعطى البشر روحه ليكون لهم «الحكمة والفطنة والمعرفة فى كل عمل». ولذلك فإن العلم والتكنولوجيا هما نتاجان للإمكانات الإبداعية التى لدينا نحن البشر. وبالتالى من خلال استخدام هذه الإمكانات الإبداعية التى وهبها الله لنا، ولد الذكاء الاصطناعى. الذى وكما هو معروف، هو أداة قوية جدًّا، تُستخدم فى العديد من مجالات العمل البشرى: من الطب إلى عالم العمل، ومن الثقافة إلى مجال الاتصال، ومن التعليم إلى السياسة. استخدامه سيؤثر بشكل أكبر على أسلوب حياتنا، وعلاقاتنا الاجتماعية، وفى المستقبل حتى على الطريقة التى نرى بها هويتنا كبشر. ومع ذلك، غالبًا ما يُنظر إلى موضوع الذكاء الاصطناعى كشىء ثنائى التكافؤ: فمن ناحية، هو يحمّس على الإمكانيات التى يوفرها، ومن ناحية أخرى هو يولّد الخوف من العواقب التى يقترحها.

أضاف الأب الأقدس يقول، وحول هذا الموضوع بالتحديد، اسمحوا لى أن أؤكد: فى مأساة مثل مأساة الصراعات المسلحة، من المُلحّ أن نعيد التفكير فى تطوير واستخدام أجهزة مثل تلك التى تُعرف بـ«الأسلحة المستقلة الفتاكة» لحظر استخدامها، بدءًا من التزام فاعل وملموس من أجل إدخال سيطرة بشرية أكبر وأهمّ. لا ينبغى لأية آلة على الإطلاق أن تختار ما إذا كانت ستقضى على حياة إنسان أم لا. وعلينا الآن أن نضيف ملاحظة عامة على ما قلناه. إن زمن الابتكار التكنولوجى الذى نعيشه، فى الواقع، يترافق مع وضع اجتماعى خاص وغير مسبوق. ويتم تسجيل نوع من الضياع أو على الأقل كسوف المعنى البشرى وتضاؤل واضح لمفهوم الكرامة البشرية. وهكذا، فى هذا الزمن الذى تُسائل فيه برامج الذكاء الاصطناعى الإنسان وأفعاله، يخاطر ضعف الروح المرتبط بفهم قيمة وكرامة الإنسان بأن يصبح أكبر نقطة ضعف فى تنفيذ وتطوير هذه الأنظمة.

وتابع البابا قائلا، إن القرار الأخلاقى، فى الواقع، هو القرار الذى يأخذ فى عين الاعتبار لا نتائج عمل ما وحسب، وإنما أيضًا القيم المعرضة للخطر والواجبات الناتجة عن هذه القيم.

إن المجتمع العالمى يعانى من أوجه قصور هيكلية خطيرة لا يمكن حلها بمجرد عمليات ترقيع أو حلول سريعة وعرضية. هناك أشياء تحتاج إلى التغيير من خلال عمليات إعادة ضبط أساسية وتحولات مهمّة. ولا يمكن أن تقودها إلا سياسة سليمة، تشمل مختلف القطاعات والمعارف الأكثر تنوعا. وبهذه الطريقة، يمكن لاقتصاد مندمج فى مشروع سياسى واجتماعى وثقافى وشعبى ويتوق نحو الخير العام أن «يفتح الدرب أمام فرص مختلفة، لا تعنى وقف الإبداع البشرى وحلمه بالتقدم، بل توجيه تلك الطاقة بطريقة جديدة».

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل