Desktop
Poster Image

لاتزال أصداء قرارات وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، محمد عبداللطيف، بشأن خطة هيكة التعليم، ونظام الثانوية العامة، مستمرة، مابين ارتياح من قبل أولياء الأمور بشكل عام، نتيجة تخفيف الأعباء المادية والمعنوية، والنفسية على الطالب، ومابين معارض لتلك القرارات، كونها أضرت بأصحاب المصالح داخل دواليب العمل بالوزارة، ونخرت أعمدة ملكوت «أباطرة الدروس الخصوصية»، وشركاء «السناتر» ممن لايمتهن أغلبهم مهنة التدريس.
منذ عقود طويلة، انتشرت ظاهرة الدروس الخصوصية فى مصر، وباتت عبئا على كاهل أولياء الأمور، وسببا من أسباب تدهور التعليم والمعرفة، بل وتراجع الثقافة والتربية بين الطلاب، خاصة مع اعتماد أغلب أعضاء هيئة التدريس خلال العقود الماضية عليها كمصدر أساسى للدخل، قبل أن يمتهنها من لاينتمون إلى حقل «التربية والتعليم»، وأصبح هؤلاء يمارسون ضغوطا على التلاميذ والطلاب فى الفصول للالتحاق بالمجموعات، التى يتم تكوينها على مدار أيام الإجازة، وبداية الدراسة، طمعا فى نيل مزايا، لايتمتع بها من لايلتحقون بمجموعة «الأستاذ فلان – والأبلة فلانة» وبات هؤلاء مغضوبا عليهم طوال العام، ينكل بهم، ويهمشون بين قرنائهم، وكأنهم ليسوا من أبناء مصر.
تطور الأمر شيئا فشيئا إلى أن أصبحت غرف الاستقبال بالمنازل المصرية قاعات للتدريس، يتسابق المعلمون خلالها إلى تقديم أفضل مايملكون من معلومات وخبرات ومعارف لكسب أكبر قاعدة من الطلاب والطالبات واستمالة عقول و«جيوب» أولياء الأمور، فتحول الفصل المدرسى إلى مجرد استراحة، ينام خلالها الطلاب، ويلهون على أعين معلميهم دون تدخل منهم كونهم منشغلين بالإعداد لمرحلة مابعد المدرسة داخل المنازل، فأصبح الفصل خاويا على عرشه، لاعلم ولامعرفة، بل أصبح مقرا لتدمير الأجيال.
وليت قطار التدهور وقف عند هذا الحد، بل أغرى شيطان الإنس نفسه، ومن حوله، بالسعى إلى إقرار ماسمى بعد ذلك بـ «السناتر»، لتكون عوضا عن محراب العلم المقدس، لتبدأ مرحلة النكبة الكبرى على المدارس والتعليم فى مصر، فخرج علينا أصحاب «السبوبة» بفتح أبواب جنتهم الزائفة لاستقبال طلاب مصر داخل قاعاتهم، وجنى مبالغ طائلة من وراء ذلك.
ومع الوقت وانتشار وسائل التواصل الاجتماعى الحديثة، استغل «أرباب المصالح» مواقعها للتسويق لأنفسهم، ولفت الأنظار وكسب أعداد أكبر من الطلاب داخل قاعات واستادات ومسارح ذات معازف، مؤكدين قدرتهم على توصيل المعلومات، والعلم لآلاف الطلاب دفعة واحدة، وهم الذين طالما أكدوا عدم قدرتهم على التدريس بشكل جيد داخل الفصول، مرجعين الأمر إلى تكدسه بعشرات الطلاب.
وظهر لنا فى الآونة الأخيرة أسماء معلمين يشتهرون بها كفنانى المهرجانات، يتسابق كل منهم فى تحصيل مايمكنه تحصيله من جيوب أولياء الأمور، محققين ثروة طائلة بالملايين، ولانبالغ أن نقول مليارات، وتملك بعضهم مدارس دولية كاملة، وآخرين وصل بهم الحال إلى مكافأة طلابهم بسيارات ورحلات وهدايا عينيه وماليه، وبالطبع من دماء المساكين من أولياء الأمور المغلوب على أمرهم، يكدون ويسعون ويتجرعون مرارة الأيام، لتوفير نفقات زيادة حسابات «مافيا الدروس الخصوصية» فى البنوك.
وبالطبع كان لابد لهؤلاء أن يكونوا المهاجمين الأول، لقرارات التطوير، ليست الأخيرة تلك فحسب، بل لأى خطة تطوير يمكنها مع الوقت، أن تهدم ملكهم، وتهدد استقرار حساباتهم البنكية، وتمنع أيديهم عن الوصول لجيوب الأهالى.
وشهدت السنوات الأخيرة الماضية، ظهور ملامح تشكيلات أصحاب المصالح تلك، داخل الوزارة وخارجها، والتى جمعت مابين المعلمين أصحاب السبوبة الأصليين، وقيادات حالية وسابقة بالوزارة ومديرياتها، وأصحاب مدارس خاصة، وقيادات بمجالس الأمناء المختلفة، وهم يمثلون «إدارة الظل» الحقيقية لأزمة الدروس الخصوصية، واجهوا بأسلحتهم المختلفة، وعلى رأسها السوشيال ميديا، كل خطط التطوير، وتمكنوا من تنحية أى وزير، يقف ضد مصالحهم، وأطلقوا «خفافيش الظلام»، ينهشون سيرة وسمعة هؤلاء الوزراء، وتمكنوا من إخراج مسرحيات هزلية، تضع هؤلاء الوزراء فى مواقف محرجة معرقلين مسيرتهم.
من جانبها، أعلنت وأكدت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، أن ما اتخذه الوزير محمد عبداللطيف، من قرارات، ليس وليد اللحظة، بل هى خطة تمت دراستها ومناقشتها من قبل المختصين، قبل إعلانها، تسهم فى الحد من ظاهرة الدروس الخصوصية، ومافيا الكتب الخارجية، التى طالما أثقلت كاهل أولياء الأمور، ولم تمنح جديدا للطالب سوى التراجع، وتهدف إلى عودة هيبة المعلم والفصل الدراسى، ورفع مستوى الأداء داخل المدارس، وعودة التعليم إلى مساره الصحيح.
وقال الدكتور أيمن بهاء الدين، نائب وزير التربية والتعليم، «إن ملعمى الدروس الخصوصية، لا يفيدون الطالب من الناحية التعليمية، لأن أغلبهم غير متخصصين تربويا، وعلينا تطوير المعلم من كل النواحى، وبالنظام الجديد للثانوية، سنقضى على ظاهرة السناتر التعليمية، والدروس الخصوصية».
ومن جانبه أكد حازم راشد، الأستاذ بكلية التربية جامعة عين شمس، أن القرارات الجديدة بدمج عدد من المواد فى مادة واحدة متكاملة، إجراء متفق عليه فى العالم منذ عدة سنوات، ليدرس الطالب المعلومات بشكل شامل، ولكن النقطة الأساسية، ليست فى المنهج الجديد، ولكن فى تدريب المعلم الذى سيقوم بتدريس هذه المواد الجديدة، موضحا أن التحدى الموجود أمام الوزارة، هو تدريب المعلم بشكل مكثف فى الفترة الزمنية القصيرة المتبقية قبل بداية العام الدراسى الجديد، مؤيدا اتجاه الوزارة، لزيادة مدة الدراسة إلى 31 أسبوعا بدلا من 24 أسبوعا، مؤكدا أن ذلك سيفيد الطالب، والعملية التعليمية ككل، ويعطى فرصة للتدريس بشكل أكثر فعالية، مشيرا إلى أن العام الدراسى الفعلى فى مصر قصير جدا، مقارنة بباقى دول العالم، مطالبا الوزارة بمزيد من الوقت، لإطالة العام الدراسى أكثر من ذلك؛ لتحقيق القدرة على الاستفادة من المناهج المطورة.
من جهته، قال أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية جامعة عين شمس، حسن شحاتة، إن الوزارة وضعت يدها على المشكلات الحقيقية، التى تواجه العملية التعليمية، واعتمدت فى تشخيصها على الأرقام، ومسح الواقع المتأزم فى المدارس، موضحا أن الوزير قبل قراراته عقد حوارا مع أعضاء مجلس التعليم قبل الجامعى، وأعضاء المجلس الأعلى للجامعات، وخبراء المراكز العلمية التابعة للوزارة، ثم خرج بهذه القرارات، التى نأمل منها إعادة التوازن للعملية التعليمية.
وأكد، أن تقليل عدد المواد الدراسية، سواء بدمج بعضها فى مادة واحدة متكاملة، أو جعل بعض المواد غير مضافة للمجموع الكلى للطالب، يساعد على اتقان الطلاب للمهارات المستهدفة، ويقلل من لجوء الطلاب إلى الدروس الخصوصية.
وكان الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالى والبحث العلمى، ترأس عقد الاجتماع الأول للجنة الوزارية لتنفيذ مشروع المواءمة بين مخرجات الدراسة وسوق العمل، بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة.
وفى مستهل الاجتماع، شدد الدكتور أيمن عاشور على أهمية التعاون المثمر بين وزارة التعليم العالى والبحث العلمى ووزارتى التربية والتعليم والتعليم الفنى والعمل، مؤكدا أن تضافر الجهود، يهدف إلى تطوير منظومتى التعليم والتدريب؛ لتخريج كوادر مؤهلة قادرة على المنافسة فى سوق العمل المتغير، وبالتالى تحقيق أهداف التنمية المستدامة (رؤية مصر 2030).
وأكد، على ضرورة التعاون بين الوزارات المعنية لتطوير مهارات الطلاب، بدءا من المرحلة قبل الجامعية، مرورا بالمرحلة الجامعية، حتى سوق العمل، مشيرا إلى أن هذا التعاون، يأتى فى إطار استشراف متطلبات سوق العمل المستقبلية، وتأهيل الخريجين، لتلبية احتياجاته المتغيرة، بما يتماشى مع رؤية القيادة السياسية فى توطين الصناعات، ورفع جودة التعليم، مشيرا إلى الأولوية، التى تمنحها الدولة، لتطوير جميع محاور منظومة التعليم، وخاصة العنصر البشرى، من خلال حسن الاختيار والتأهيل، سواء الفنى أو الشخصى، بما يضمن تحقيق أعلى درجات الموضوعية، والحياد، والجدارة، بما ينعكس على جودة الخدمة التعليمية، التى يحصل عليها الطلاب.
وتناول الاجتماع، مناقشة سبل تطوير البرامج التدريبية لكى تتناسب مع متطلبات سوق العمل، وتوفير فرص عمل حقيقية للخريجين، وربط التعليم بسوق العمل، والبحث عن آليات لربط مخرجات التعليم العالى باحتياجات القطاعات المختلفة، وتشجيع التعاون بين الجامعات والشركات.
وأوضح «عاشور»، أن هناك وجهين لربط الدراسة بسوق العمل: الأول أكاديمى، يتمثل فى برامج الجامعات المختلفة، والثانى مهنى، يتحقق من خلال مراكز التميز الجامعية، التى تعمل على سد الفجوة بين المعرفة النظرية، ومتطلبات سوق العمل، ما يمكن الطلاب من اكتساب الخبرات العملية اللازمة.
وتم خلال الاجتماع استعراض الجهود المبذولة حاليا، لرفع مستوى وتطوير مستوى خريجى الجامعات، لتلبية متطلبات سوق العمل، كما تم بحث فرص التعاون بين الوزارات المعنية؛ لتعزيز هذه الجهود وتوسيع نطاقها.
وتطرق الاجتماع إلى خطورة الكيانات التعليمية الوهمية، وأثرها السلبى على العملية التعليمية، وسوق العمل، وضرورة اتخاذ إجراءات رادعة تشمل تشديد العقوبات، وذلك بالتعاون بين الجهات المعنية لمكافحة هذه الكيانات والحد منها؛ لحماية حقوق الطلاب.
ومن جانبه، أكد محمد عبداللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، أهمية التنمية البشرية، مشيرا إلى حاجتنا للنظر إلى الماضى والمستقبل لتقييم الوضع الحالى، لافتا إلى أن التغيرات العالمية المتسارعة، مثل الثورة الصناعية الرابعة والتحول الرقمى، تتطلب التركيز على الابتكار، حيث أصبح التنافس عالميا، وليس محليا، ولذلك يجب تطوير المحتوى التعليمى، ومهارات التدريس؛ لتمكين الطلاب من مواكبة هذه التغيرات، فضلا عن ضرورة إعادة هيكلة الكوادر التعليمية، لتتناسب مع المتطلبات العالمية الجديدة، مؤكدا ضرورة التعاون، لتحقيق هذه الرؤية، وتطوير نظام تعليمى، يواكب تطلعات المستقبل.
وفى كلمته، أوضح وزير العمل، التزام الوزارة بتطوير منظومة التدريب المهنى، مشيرا إلى وجود شبكة واسعة من المراكز الثابتة والمتنقلة المنتشرة فى جميع محافظات الجمهورية، والتى تعمل على تأهيل الشباب لسوق العمل المحلى والعالمى، موضحا أن الجهود الحالية، تركز على تحديث هذه المراكز، وتزويدها بأحدث البرامج التدريبية، وذلك من خلال التعاون مع القطاع الخاص وصندوق تمويل التدريب والتأهيل، ومؤكدا أهمية الشراكة مع اتحاد الصناعات المصرية ومبادرة «ابدأ»، لتطوير برامج تدريبية تلبى احتياجات سوق العمل المتغيرة، بهدف استعادة مكانة العامل المصرى المؤهل فى الأسواق العالمية.
وفى ختام الاجتماع، اتفق الحضور على تشكيل لجنة مشتركة، تضم ممثلين من الوزارات المعنية لدراسة احتياجات سوق العمل بدقة، وتحديد أولوياته، لتشكل رؤى الوزارات فى تطوير برامجها لتأهيل الخريجين على نتائج هذه الدراسة، ما يضمن ملاءمة مخرجات التعليم لسوق العمل.

Time Icon

منذ 5 ايام

Comma Icon
الرياضة
Facebook فيس بوك