المحتوى الرئيسى

بالصور| عزبة العسال.. منطقة عشوائية أصبحت آيلة للسقوط «بعد التطوير»

04/07 18:29

شوارع ضيقة كالأزقة، مليئة بالمطبات، تغمرها المياة العطنة والقمامة المتناثرة في كل مكان داخل عزبة العسال بحي شبرا العريق، و"بيارات" المجاري المكشوفة وسط الشوارع الرئيسية دون أغطية أو اشارات تحذر المواطنين من خطر السقوط المميت، ومواسير الصرف الصحي الجديدة المعلقة في مقدمة المنازل، وعلى مداخل السلالم الضيقة المساحة الأشبه بسراديب المقابر الفرعونية التي لا تسمح بمرور أكثر من شخص ودورات المياة الواقعة في مواجهة الصالة الرئيسية الصغيرة حينًا، وفي كثير من الأحيان يوجد "الحمام تحت بير السلم"، ومطبخ لا يتسع لوقوف شخص واحد فقط مثل غرفة الحبس الإنفرادي في أماكن الإحتجاز نقلوا أدواته إلى شقة أخرى بالدور الأرضي وغرفتين داخليتين تم تقليص مساحتهما إلى النصف "مترين في متر"، ولا تضمان أكثر من سرير واحد فقط و"رف" دولاب معلق أعلاه، وأسقف خشبية بارزة منها "عروق" بالية أكلها التشقق وسكنها السواد والصدأ، وأرضية من البلاط المشقق الذي تتسرب منه المياة إلى الدور الأرضي وأهالي يتحسرون على البيت القديم الأكبر مساحة مما تحول إليه اليوم، حتى صار حال معظم الأهالي هناك يعيشون على هامش الحياة في قلب عشوائيات العاصمة.

داخل عزبة العسال، الحياة أشبه بالعيش فوق صفيح ساخن داخل عشش أقرب ما تكون إلى حياة اللاجئين داخل المخيمات لما يزيد عن 400 وحدة سكنية قائمة على مساحة 40 فدان تم تجديد بعضها والبعض الأخر تم هدمه وإعادة بناؤه مرة أخرى عبر شركة "سوديك" العقارية على مدار أربع سنوات كاملة.

"سوديك" سقطت في عزبة "العسال"

كانت محافظة القاهرة قد بدأت أولى خطوات تطوير مناطق عزبة جرجس والعسال وحارة عبدالدايم، بالقرب من شارع أحمد بدوي في حي شبرا في يناير 2014، بدعم وتمويل من صندوق "دعم مصر" لتطوير العشوائيات الذي خصص 65 مليون جنيه لعمليات الإحلال والتجديد، بالإضافة إلى أكثر من 3 ملايين و700 ألفًا من قبل شركة "سوديك" لتنفيذ المرحلة الأولى من تطوير العزبة، طبقًا للاتفاق الثلاثي الموقع في مايو 2012 بين الدكتور عبدالقوي خليفة، محافظ القاهرة حينذاك، ورئيس قطاع المشروعات بالشركة حاتم رياض الحلوجي، والدكتورة منى زكريا، خبير الهندسة المعمارية واستشاري الترميمات وتجديد المباني المسئولة عن إدارة مشروع إعادة تأهيل منطقة العسال كطرف ثالث .

وينص الاتفاق على أن تقوم الشركة العقارية بإحلال وتجديد الوحدات السكنية وغير السكنية للمشروع المقرر أن يتم تنفيذه على مدار أربع سنوات منذ توقيع البروتوكول لإعادة تأهيل البنية الأساسية للعسال بالتنسيق مع شركات المياة والصرف الصحي بالقاهرة للمساهمة في تطوير جوانب التنمية المجتمعية والبشرية والاقتصادية داخل المنطقة على أن تلتزم المحافظة بتوفير كافة البيانات والمعلومات الخاصة بالعزبة والخرائط المتاحة والمشاركة في اعداد الدراسات وتحديد الاحتياجات وإنهاء إجراءات التخصيص لتسكين الأهالي وتوفير الأراضي اللازمة لبناء مركزا للخدمات العامة داخل المنطقة.

بعد مرور 4 سنوات على توقيع الاتفاقية، انتقلت عدسة "التحرير" إلى عزبة العسال، للوقوف على حقيقة الوضع بعد تسليم الأهالي الشقق الجديدة، وهناك لا صوت يعلو فوق صوت الفقر والإهمال والوجع، رغم انتهاء "سوديك" من إعادة بناء 17 منزلا ضمن المرحلة الأولى لمشروع تطوير العشوائيات، بحسب تصريحات الدكتورة منى زكريا، استشاري الترميمات وتجديد المباني في إطار تحسين الظروف المعيشية لأكثر من 10 آلاف مواطن من أهالي "العسال"، باستثمارات تقترب من 5 ملايين جنيه، مخصصة لتطوير 4 مناطق عشوائية في محافظة القاهرة من بينها العزبة بالتعاون مع مؤسسة الفنار، إحدى مؤسسات الاستثمار الاجتماعي في المنطقة، حيث تخدم برامج سوديك للمسئولية المجتمعية أكثر من 7000 أسرة كل عام، وتركز بشكل رئيسي على مجالي التعليم وتطوير العشوائيات على حد قولها . 

عدد كبير من الأهالي الذين التقتهم "التحرير"، داخل عزبتي جرجس والعسال يطالبون الحكومة، بإعادة بناء منازلهم التي تم اسناد أعمال تطويرها إلى شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار "سوريل"، إحدى شركات مجموعة"سوديك" العقارية التي يمتلك 40% من أسهمها مستثمرين سعوديين،  والباقي أسهم في البورصة ويرؤس مجلس إدارتها "غير التنفيذية" الدكتور هاني سري الدين، بدعم وتمويل من صندوق "تحيا مصر" لتطوير العشوائيات، خاصة بعد دخول شركة "المقاولون العرب" في أعمال المقاولات التي تقوم بهدم المساكن القديمة الآيلة للسقوط، لإعادة بناءها بالخرسانة المسلحة عبر بروتوكول مشترك بين الشركة وصندوق "تحيا مصر" في ديسمبر الماضي .

وهو ما أكده محمد عشماوي، المدير التنفيذي لصندوق تحيا مصر الذي أوضح أنه من واجب المسئولية الاجتماعية للصندوق تولى استكمال ورفع كفاءة الصرف الصحى بالمنطقة، وتطوير السوق الشعبي الموجود بها وإنشاء شبكة لمكافحة الحريق إلى جانب أعمال تبليط وإنارة الشوارع الجانبية .

جاء ذلك بعد فشل الشركة السابقة في أعمال التطوير والإحلال والتجديد لمباني العزبة، في ظل حالة التقلص الشديدة الواقعة في مساحتها وسوء التشطيبات النهائية والتصميمات الداخلية الذي وقعت فيه شركة "سوديك" العقارية التي نفذت المرحلة الأولى من مشروع تطوير العزبة، فضلا عن تأخرها في تسليم الأهالي وحداتهم السكنية لأكثر من عام ونصف بعد وعود تسليمها في مدة أقصاها 5 شهور.

المتحدث العسكري يعلن انتهاء تطوير العسال.. والأهالي يصرخون

قبل أيام أعلن العقيد محمد سمير، المتحدث العسكري عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك"، في بيان رسمي، يوم الأحد قبل الماضي، عن انتهاء الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بالتعاون مع عدد من الشركات المدنية من تطوير 45 منطقة عشوائية في نطاق محافظاتي القاهرة والجيزة وحلوان من بينها عزبة العسال بتكلفة مالية بلغت 497 مليون و400 ألف جنيه ضمن بروتوكول التعاون مع صندوق تطوير العشوائيات واتحاد بنوك مصر.

وجاء في نص البيان، أن تلك المشروعات تضمنت أعمال الإحلال والتجديد لشبكات المياة والصرف الصحي وشبكات الحريق ورصف وإنارة الشوارع الرئيسية والفرعية ووضع انترلوك بالممرات وانشاء عدد من الأسواق المجمعة لخدمة المواطنين وإعادة إنشاء عدد من المنازل الخاصة للمتضررين .

في المقابل الوضع داخل العزبة أكثر سوءًا وما يزال محلك سر، فالخيول تعسكر في شوارع العزبة التي تحولت إلى ما يشبه "اسطبل الحيوانات"، والماعز تسكن فوق أسطح المنازل القديمة الآيلة للسقوط، والمنازل ضيقة للغاية وتقلصت مساحتها عما كانت عليه قبل الهدم إلى النصف والأبواب الخشبية دون سنفرة وتبرز الفوارق بين الألواح بصورة كبيرة، والتشققات والشروخ بارزة في الجدران والأسقف التي لم تكمل عامها الأول بعد، مما يهدد حياة الأهالي بصورة بالغة.

أم أحمد: المحافظ بيقول لنا احمدوا ربنا

إحدى الأهالي داخل العزبة، وتدعى "أم أحمد" وهي سيدة أربعينية تحدثت إلينا والدموع تسبق حديثها، وهي تروي بغضب شديد عن تفاصيل معيشتها داخل الشقة الجديدة المطورة من قبل المحافظة، وشركة سوديك العقارية، فبدأت بالدعاء و"الحسبنة" على كل من تسبب في تضييق المعيشة عليهم ولم يراع ضميره في عمله، قائلة: حسبي الله ونعم الوكيل في اللي شطبوا لنا بيوتنا، الشقة القديمة كانت متبلطة بالسيراميك، ومساحتها ضعف مساحة الشقة الجديدة اللي فيها شروخات في الجدران، والسقف في أقل من سنة من الاستلام والأوضتين اللي جوه مش واخدين سرير واحد ورف دولاب معلق والحمام في وش الصالة والمطبخ وبلاط الشقة كله درجة عاشرة بينقط ميه على الجيران، وبعد كل ده سيادة المحافظ يقول لنا احمدوا ربنا".

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل