المحتوى الرئيسى

منيرة السوار: أردت أن أضغط قلمي على وجع الاختلاف عن الآخر

07/15 01:34

في هذا الحوار مع الكاتبه البحرينيه منيره السوار، نتناول فيه تجربتها الروائيه، من خلال روايتها «جاريه» الحائزه علي جائزه «كتارا» عن فئه الروايه المنشوره.

منيره السوار بدات بالكتابه قبل 8 اعوام تقريباً. وكانت روايتها الاولي بعنوان «نساء المتعة» التي صدرت عن الدار العربية للعلوم ناشرون 2008. وفي عام 2012 صدرت روايتها الثانيه «حسين المسنجر» عن المؤسسه العربيه للدراسات والنشر. واخيراً «جاريه» الصادره عن دار الاداب. كما كانت لها تجربه في الترجمه سبقت تجربتها الروائيه لكتاب حول تربيه الطفل بعنوان «المربيه المثاليه» لجو فروست، وقد صدر عن دار العلم للملايين 2006.

] انطلقت من بطوله المراه في «نساء المتعه» ثم عدتِ اليها مع «جاريه». لماذا المراه؟ ولماذا الصراع العنصري: ابيض/ اسود؟

ـ لان المراه هي الاصل، وصوت الحياه الاول، وام هذه الارض. لانها زهره كُل بيت. لان المراه كائن عظيم. تستحق المراه ان نكتب عنها ونكتب بلسانها ونعبّرعن مكنونها لانها تحمل في قلبها سر الكون وحروف ابجديّه الحُب بفطرته الاولي. مهما سطرنا من سطور، ومهما نبشنا في حروف اللغه، ومهما حكينا من حكايات وروايات، سنبقي دائماً واقفين عند عتبه المراه الاولي ننتظر منها ان تروي لنا تجربتها الانسانيه الثريه علي مر الازمان والعصور.

اما بالنسبه الي الشق الثاني من السؤال، فلاني موجوعه من الظلم الانساني الواقع علي اصحاب البشره السوداء منذ بدء التاريخ، لا لشيء سوي انهم خُلقوا ببشره سوداء! هذا الالم والوجع الذي اشعر به حيال هذه الفئه المنكسره من الداخل كان لا بد ان ينسكب حبراً علي ورق من خلال روايه ما. مع العلم اني لم اطرح او اناقش هذا الالم عبر فكره صراع عنصري او اضطهاد كما تفضلت، بل كما سبق وذكرت اني تناولته من زاويه انسانيه تمثلها شابه سوداء ذات انوثه مسحوقه باقدام مجتمع يتبني ايدولوجيات كالمساواه بين الناس واحترام حقوق البشر، بينما هم فعلياً غارقون حتي النخاع في عنصريه وقبليه وجاهليه بغيضه!

] بين حريه اختيار المصير والقدر الثابت اين تقف شخصيات «جاريه»؟

ـ كل شخصيه من شخصيات الروايه مارست حياتها بشكل مُسير، مستسلمه بذلك لظروفها، ولكن هذا الاستسلام لم يستمر طويلاً، اذ وقفت تلك الشخصيات لتراجع نفسها وتعيد ترتيب ذكرياتها وتقرر في النهايه ان الوقت قد اذن لتحدّد مصيرها بنفسها وتسير في الحياه وفقاً لمخططها بعيداً عن قدرها الثابت.

] الي اي حدّ تحاكي احداث «جاريه» واقع البحرين الاجتماعي؟

ـ جاريه روايه انسانيه لا ترتبط بمكان او ارض. جاريه تناقش وجع الانسان الذي خلق ببشره سوداء. وهؤلاء خرجوا من موطنهم الاصلي وانتشروا في اصقاع الارض وعانوا من نظره الاخر (الابيض) الدونيه لهم وللون بشرتهم.

وانا لا انظر اليها كازمه اجتماعيه موجوده في واقع البحرين، بقدر ما هي من وجهه نظري ازمه انسانيه شديده الخصوصيه. واشكال ذاتي يتعلق بقبول الانسان لشكله ولمظهره الخارجي. هو ليس صراعاً مع الاخر المختلف فقط، بل هو ايضاً صراع مع الذات.

] ماذا اردت ان تقولي؟

ـ اردت ان اضغط بقلمي علي وجع الاختلاف عن الاخر. هذه هي ثيمه العمل الاساسيه. اياً كان هذا الاختلاف، وكيف يساهم المجتمع بعنصريته في تحطيم هذه الذات المختلفه عنه والمخالفه له حتي تعجز تلك الذات المحطمه عن التعايش مع نفسها، فضلاً عن التعايش مع الاخرين.

ولكن، كما سبق واشرت فانّ العنصريه اللونيه هي المحور الاساسي الذي تدور حوله الروايه من خلال «جاريه» الشابه السوداء الرافضه لهويتها والباحثه عن هويه اخري ترضيها وتعيد لها اتزانها النفسي.

] بدايه «نساء المتعه»، ثم «حسين المسنجر» واخيرا «جاريه». كيف تطورت تجربتك الروائيه؟ وما هي الرسائل التي قدّمتها في كل روايه؟

ـ من الصعب ان التمس تطوراً لافتاً بين روايتي الاولي «نساء المتعه» وروايتي الثانيه «حسين المسنجر»، وذلك لاني كتبتهما بشكل متلاحق، فلم تكن هناك فسحه للتنفس بين الروايتين. لكن استطيع ان اقول ان تجربتي الثالثه «جاريه» هي التي شهدت تطوراً ملحوظاً، لتراكم خبرتي من خلال القراءه والاطلاع في السنوات الفاصله بين العملين اولاً. وثانياً، لانها كُتبت من خلال ورشه المحترف باداره الروائيه نجوي بركات التي كانت بمثابه العين الثانيه التي تقرا نصي وتشير الي نقاط الضعف فيه.

بالنسبه للرسائل التي مررتها من خلال الروايات الثلاث فقد كانت مختلفه في كل واحده منها. في «نساء المتعه» وجهت رسالتي لاولئك الذين يدَّعون المثاليه والسير علي الصراط المستقيم، بينما هم اكثر الناس ازدواجيه، اذ يكيلون الامور بمكيالين لتحقيق اغراضهم ورغباتهم وشهواتهم تحت مظله الشرعيه الزائفه التي تتصادم مع العقل والايمان والمنطق والاخلاق.

وفي روايه «حسين المسنجر» وجهت رسالتي لمن يتهمون البسطاء من الناس باتهامات لا عد ولا حصر لها من كونهم يتبنون ايدولوجيات معينه ولهم مطامع سياسيه، في حين انّ الامر بالنسبه لهذه الفئه المطحونه من الشعب لا يتعدّي الرغبه في احترام ادميته والعيش بكرامه تليق بانسانيته.

وفي روايتي الاخيره «جاريه» وجهت رسالتي لاصحاب البشره السوداء الذين يشعرون بالعار لانهم ولدوا ببشره سوداء، الذين عانوا من نظره عنصريه جرحت طفولتهم وادميتهم، بحيث باتوا مشوهين من الداخل. هذه الفئه التي اري بانها تستحق ان تعيش بكبرياء يتناغم مع رفعه وتميز اللون الاسود.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل