المحتوى الرئيسى

بعيدا عن الأساطير وأخطاء السينما.. ريتشارد قلب الأسد قتلته نملة

04/06 11:33

مازال التاريخ يذكر ريتشارد الاول ملك انجلترا قائد الحمله الصليبيه السفاح الذي ازهق دماء المسلمين سعيًا لاحتلال فلسطين، واراضي المسلمين، فلولا وقوف صلاح الدين الأيوبي في وجهه، وجنود المسلمين لكان هناك تاريخ اخر يروي الان، بعيدا عن الاخطاء التاريخيه التي تم تجسيدها في الاعمال السينمائيه بالاخص فيلم "الناصر صلاح الدين".

في مثل هذا اليوم 6 ابريل من عام 1199م توفي ريتشارد الرابع، وسمي بـ "قلب الأسد" بسبب سمعته العسكريه، وشراسته في القتال، وقد ولد في 8 سبتمبر 1157 م، وفي عمر السادسه عشر قاد جيشًا واخضع المتمردين علي عرش ابيه هنري الثاني، ملك انجلترا في بواتو، وقاد الحملة الصليبية الثالثة بعدما رحل فيليب الثاني، ملك فرنسا حينها لكن لم يستطع الاستيلاء علي "اورشليم" او مدينه القدس.

اعلن ريتشارد رسمياً دوق نورماندي في العشرين من يوليو عام 1189، ثم توّج ملكاً في دير وستمنستر في الثالث من سبتمبر من نفس العام، وبعد ان اصبح ريتشارد ملكًا، وافق هو وفيليب، علي الذهاب في الحمله الصليبيه الثالثه، لان كليهما خشي ان يغتصب الاخر اراضيه في غيابه.

وبدا في تجهيز الجيش الصليبي الجديد، فانفق معظم ما في خزانه والده، وزاد الضرائب، ولجمع المزيد من الاموال، باع العديد من الالقاب الرسميه، والامتيازات، والاراضي للراغبين، واتخذ قرارات اداريه في اراضيه ثم انطلق في الحمله الصليبيه في صيف 1190 م.

رسي ريتشارد بقواته في عكا في 8 يونيو 1191، وقدّم دعمه لابن مقاطعته البواتوي جي دي لوزينيان، الذي ارسل له الجنود لمساعدته في قبرص، وتحالف ريتشارد مع هيمفري الرابع، لورد تورون، والذي كان يتحدث اللغه العربيه ويدين لـ "جي لوزينيان" بالولاء، ويتحدث العربيه بطلاقه، فاستخدمه ريتشارد كمترجم وكدليل.

ساهم ريتشارد وقواته في الاستيلاء علي عكا، وفي النهايه تفاوض كونراد من مونفيراتو مع صلاح الدين علي شروط الاستسلام ورفع رايات الملوك علي المدينه، واختلف ريتشارد مع ليوبولد الخامس دوق النمسا حول مشاركه اسحاق كومنينوس حاكم قبرص في الحمله الصليبيه، فغادر ليوبولد الحمله الصليبيه الثالثه فورًا، ثم غادر فيليب بعد ذلك بوقت قصير، وبعد مزيد من النزاعات مع ريتشارد حول وضع قبرص وتملك اورشليم، وجد ريتشارد نفسه -فجاه- بلا حلفاء.

استبقي ريتشارد 2.700 اسير مسلم كرهائن ضد صلاح الدين الايوبي للوفاء بجميع شروط استسلام الاراضي حول عكا، وقبل ان يغادر فيليب، سلّم اسراه الي كونراد، لكن ريتشارد اجبره علي تسليمهم له، خشي ريتشارد ان يعرقله الاسري عن التحرك بقواته من عكا، فامر باعدامهم جميعًا.

وبعد ذلك اتجه جنوبًا، وهزم قوات صلاح الدين الايوبي في معركه ارسوف في 7 سبتمبر 1191‏، وفي نوفمبر 1191، بعد الاستيلاء علي يافا، وتقدم الجيش الصليبي نحو القدس حتي وصل الي بيت نوبا، علي بعد 12 ميل من القدس، وكانت معنويات المسلمين في القدس منخفضه جدًا خشيه سقوط المدينه بسرعه، الا ان الطقس الذي كان سيئًا باردًا مع امطار غزيره وعواصف، بالاضافه لخوفه من ان يحاصر جيشه في القدس، دفعاه للانسحاب والعوده الي الساحل، ثم حاول التفاوض مع صلاح الدين الايوبي، الا انه لم ينجح في ذلك، وفي النصف الاول من عام 1192، حصّن هو وجنوده عسقلان.

اضطر ريتشارد بقبول كونراد كملك لاورشليم بعد ان تم انتخابه، ثم باع قبرص لجي دي لوزينيان، وبعد ايام في 28 ابريل 1192، اغتيل كونراد قبل تتويجه، ولم يُعرف من وراء الجريمه، الا ان المؤرخين يشتبهون في تورط ريتشارد.

تقدم الجيش الصليبي مره اخري نحو القدس في يونيو 1192، ورغم ان المدينه كانت علي مرمي البصر، الا انهم اضطروا للانسحاب بسبب الخلافات بين قاده الجيش، كان ريتشارد ومعظم قاده الجيش يريدون اجبار صلاح الدين الايوبي علي التخلي عن القدس من خلال مهاجمه قاعده سلطانه مصر، في حين اصر قائد القوات الفرنسيه هيو الثالث دوق بورجوندي علي ان الهجوم المباشر علي القدس يجب ان يتم.

قسّم هذا الشقاق الجيش الصليبي الي فصيلين، ليس في قدره احدهما فرض رايه علي الاخر. وقال ريتشارد انه سيصاحب اي هجوم علي القدس فقط كجندي بسيط، ورفض قياده الجيش، ودون قياده موحده، اضطر الجيش للانسحاب والعوده الي الساحل.

بدات فتره من المناوشات البسيطه مع قوات صلاح الدين في الوقت الذي تفاوض فيه ريتشارد وصلاح الدين الايوبي علي تسويه الصراع، كما علم ريتشارد بان فيليب وشقيقه جون بدئا في التامر ضده، ومع ذلك اصر صلاح الدين علي هدم تحصينات عسقلان، التي صنعها رجال ريتشارد، وعدد قليل من النقاط الاخري.

حاول ريتشارد محاوله اخيره لتعزيز موقفه التفاوضي بمحاوله غزو مصر، لكنه فشل في النهايه، نفد الوقت امام ريتشارد، وادرك انه ليس بامكانه تاجيل عودته.

وتوصل مع صلاح الدين الايوبي علي تسويه في 2 سبتمبر 1192، اشتملت علي هدم تحصينات عسقلان، والسماح للحجاج والتجار المسيحيين بدخول القدس، وتضمنت هدنه لمده ثلاث سنوات.

اجبر الطقس السيء سفينه ريتشارد علي ان تحط في كورفو، في اراضي الامبراطور البيزنطي إسحاق الثاني، الذي اعترض علي ضم ريتشارد لقبرص التي كانت ارض بيزنطيه مسبقًا، وابحر ريتشارد مع اربع مرافقين من كورفو، واسر ريتشارد قبل عيد الميلاد عام 1192 بوقت قصير قرب فيينا من قبل ليوبولد الخامس دوق النمسا، الذي اتهم ريتشارد بالترتيب لقتل ابن عمه كونراد من مونفيراتو.

سجن ليوبولد ريتشارد في قلعه دورنشتاين، وصل خبر تحطم سفينه ريتشارد الي انجلترا، الا ان الاوصياء علي عرشه ظلوا لعده اسابيع غير متيقنين من مكان وجوده، وفي 28 مارس 1193، تم تسليم ريتشارد للامبراطور هنري السادس، الذي كان بحاجه للمال لتجهيز جيش للمطالبه بحقوقه في جنوب ايطاليا، فاحتجز ريتشارد لكي يحصل علي فديه.

طلب الامبراطور 150.000 قطعه فضيه فديه لاطلاق سراح ريتشارد، وعملت امه علي جمع الفديه، وارسلت مع سفراء الامبراطور عبر المانيا، وفي 4 فبراير 1194، اطلق سراح ريتشارد.

وبعدما عاد ريتشارد الي اراضيه، وجد اخيه جون استولي علي نورماندي لكن سامحه وعاد الي الحكم مره اخري، وفي مساء اليوم الخامس والعشرين من مارس عام 1199، كان ريتشارد يتجول حول محيط القلعه بدون ارتداء درعه، يتحقق من وضع جنوده المتواجدين فوق جدران القلعه، ويقضي وقتاً ممتعاً وهو ينظر الي احد الجنود الذي كان يحمل القوس والنشاب بيد واحده.

صوّب هذا الجندي القوس تجاه ريتشارد، وقد لاقي هذا الفعل استحساناً من قبل الملك، الّا ان رجلاً اخر رمي الملك بسهم ضرب كتفه الايسر بالقرب من عنقه، واٌدخل الملك خيمته.

وقام الجرّاح (الذي وصفه البعض بالجزّار) بازاله السهم بطريقه غير احترافيه علي الاطلاق، ما ادي الي تحول الجرح بشكل سريع الي غرغرينه.

ويقال ان ريتشارد طلب احضار قاتله اليه الذي اختلف في اسمه، فقيل بيير او بيتر، وقال البعض ان اسمه جون، وعندما وقف بين يدي ريتشارد، اتضح له انه مجرد صبي، وزعم هذا الصبي ان ريتشارد كان قد قتل ابيه واخويه؛ فاراد قتل ريتشارد انتقاماً لذلك.

اعتقد الصبي انه سيتعرض للاعدام، لكن ريتشارد اراد ان يكون رحيماً وهو علي وشك توديع الحياه، فسامح الصبي علي فعلته وقال له: اكمل حياتك، وبفضلي ستري نور الغد.

وقبل اطلاق سراح الصبي، امر باعطائه 100 شلن، وقام ريتشارد بتوريث جميع اراضيه لاخيه جون، اما المجوهرات فورثها لابن اخته اوتو.

وتوفي ريتشارد في السادس من ابريل عام 1199 في احضان والدته، ووصفت وفاته بمصطلح الاسد الذي قٌتل من النمله وذلك يعزي الي طريقه قتله.

ويقول احد المؤرخين: «اثبت ريتشارد في اخر اعماله ان الشهامه كانت غير مثمره خلال العصور الوسطي بهمجيتها ووحشيتها، حيث قام المرتزق الشائن ميركادير بسلخ جلد قاتل ريتشارد وتعليقه علي القلعه فور وفاه ريتشارد.»

دُفن قلب ريتشارد في روان في نورماندي، ودُفنت احشاؤه في شالو (المكان الذي توفي فيه)، اما باقي جسده فدُفن في كنيسه فونتفريد في انجو بجانب ابيه.

وفي عام 2012، قام العلماء بتحليل ما تبقي من قلب ريتشارد واكتشفوا انه قد تم تحنيطه باستخدام عده مواد من ضمنها اللبان، وهي ماده ذات اهميه رمزيه وذلك لانها قُدمت عند ولاده المسيح وتحنيطه تم وفقاً للمسيحيه. 

2015-04-06 11:29:16 | ايمن محمود

2015-04-06 10:56:34 | ايمن محمود

2015-04-06 10:48:05 | محمود نبيل

2015-04-06 10:06:30 | معتز لاشين

2015-04-06 09:09:47 | خالد الفوي

2015-04-06 06:59:01 | خالد الفوي

2015-04-06 06:56:52 | علاء سكر

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل