المحتوى الرئيسى

وائل عبد الفتاح يكتب: ..وما زلنا نتأمل علاقة مصر وأمريكا

05/04 11:23

تشعر أن كيسنجر خيَّاط العلاقات الممزقة... ما زال حاضرا وموديلاته تلقى رواجا فى سوق الدول التى عاشت ركودها الطويل مثل مصر.

حين ظهر كيسنجر بكامل لياقته فى 1974، كان هذا إيذانا بانتقال التحالف الاستراتيجى من موسكو إلى واشنطن.. مرحلة ما زالت مستمرة إلى الآن/ لكنها لم تكن كلها على وتيرة واحدة أو بنفس الدرجة والحميمية.

ربما تكون العلاقة فى عمق شرعية الدولة المصرية/ التى تأسست بوعد بريطانى وهو ما يمنح «الرعاية الدولية» حضورا فى بنية الدولة.

وربما تكون ضمن علاقات ما بعد الانتصار فى الحرب الباردة، حيث أمريكا قوى عظمى وحيدة والأنظمة تحكم بالوكالة.

وهذه العلاقة بعد 25 يناير ارتبكت/ وبحثت عن سبل أخرى... ومن هنا ركاكة اختصار السيد نبيل فهمى فى علاقة لها طابع محدد هو «الزواج..».

ربما كان الإطار الذى يسيطر على وعى/ ولا وعى دبلوماسية مصرية تلعب فى الحديقة الخلفية للحاكم، وليس لسياسات أو توجهات أو مصالح أو رؤية دولة.

ذروة هذا «الزواج..» كان توقيع معاهدة كامب ديفيد، حيث أصبح الاستعراض/ والأحلام/ والطموحات عند الطرفين/ واقعا واتفاقية و«نجم ساطع» أى مناورات دائمة وآلة ضخمة/ يعبر عنها تضخم السفارة وأجهزة الموظفين/ تغطية سياسية ودبلوماسية لنشاط المخابرات الأمريكية/وسطاء وسماسرة على مستويات عليا فى الدولة لعمليات التسليح «كان بينهم مبارك وأبو غزالة قبل رحيل السادات»، بل إن المسؤول عن ملف قطع الغيار اللواء محمد العصار لعب دور «الرقم المهم» أو «الجسر الفعال» بين القاهرة وواشنطن طوال حكم المجلس العسكرى، وفى سنة المرسى والإخوان.. وخبا الدور بعد ٣٠ يونيو.. تلك اللحظة المناسبة لإعادة تنظيم المعونة على يد أوباما الساحر المنتظر الذى خيب الانتظارات كلها/ وبدا مشوشا/ هو الذى أُفرغت الشوارع من أجله حين زار القاهرة/ وابتلعت المدينة الصاخبة سكانها ليمر بين طرقاتها كأنها ماكيت إعلان عن منتج وهمى.

أوباما لا غيره كان وراء وقف المعونة/ كيرى وزير خارجيته وهيجل وزير دفاعه لم يقفا مع القرار/ والأخير فى مكالمة مع السيسى/ عندما كان وزيرا للدفاع/ تحدث عن الاستمرار/ بينما بدت التخفيضات فى طريقها لأن تخرج عن مهمة المعونة وفق الرسائل السرية لكامب ديفيد: ضامن التوازن الاستراتيجى فى التسليح بين مصر وإسرائيل/ ثالثة العلاقة ورابطة العقد.

والمعلومات تقول إن المساعدات العسكرية/ كانت استجابة لطلب السادات عدم المساعدة الأمريكية لإسرائيل/ وتذويبا لمخاوف تل أبيب على توازن التسليح/ فكان الاتفاق أن تمول أمريكا ما يساعد مصر على أن يكون تسليحها أمريكيا بنسبة ٩٠٪، أما الـ١٠٪ الباقية فتكون من مصادر أخرى/بعد الموافقة الأمريكية.

المعونة كلمة سر/ أكثر منها حقيقة فى العلاقات المصرية الأمريكية «لا تمثل سوى ٧٪ من ميزانية مصر البالغة ٢٨٧ مليار جنيه مصرى».

إنها لحظة إعادة ترتيب الوكالة/ أو تحولها إلى نمط جديد/ فقد كان المستبد/ من أيام استعراض السادات وكيل الحليف الاستراتيجى، والوكيل أهميته فى أنه يحافظ على فراغ كان مبارك ماهرا فى صناعته.

ولهذا بدا فى الواقع وطوال سنوات مبارك أن أمريكا لا تريد تحولا ديمقراطيا فى مصر، تريد إجراءات توحى بالديمقراطية تضمن لها إعادة شحن لوكالتها التى قامت على أن الحاكم يصنع الفراغ من حوله. أن يحجز لمصر مكانا لا تفعل فيه شيئا.

مبارك كان «صانع فراغ» من الصعب أن يشغله أحد، وهذا كان سر جاذبيته دوليا، لعب فى ملفات متعددة هامة بالنسبة لأمريكا والاتحاد الأوروبى.. يرعى السلام بالطريقة الإسرائيلية، لكنه لا يتركها تنفرد بالمنطقة، يملك مسمار جحا فى كل الملفات، من فلسطين إلى دارفور وأخيرا لبنان.

أهمية مبارك بالنسبة للعالم كانت أنه لا يصنع شيئا، ولا يترك أحدا يصنع شيئا فى المربع التاريخى الذى رسمته مصر لوجودها الحيوى منذ ثورة الضباط وربما قبلها.

سر المنعطف الدراماتيكى فى قصة «المعونة» سينكشف عما قريب: هل تجديد الوكالة؟ أم تعديل التوازن الاستراتيجى ليكون دور الجيش المصرى حماية سيناء «وأمن إسرائيل طبعا»؟ أم الحفاظ على التصور الأمريكى عن حكم الإسلام المعتدل لمنع الإسلام المجاهد؟ أم أنها علامات غروب إمبراطورية المهيمن الوحيد؟

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل