المحتوى الرئيسى

الفيلم السوداني أجساد بطولية يرصد قهر النساء ومحاولات النجاة على مدار 7 عقود

07/19 16:13

بدأت سينما زاوية المصرية في 17 يوليو الجاري عرض الفيلم السوداني أجساد بطولية للمخرجة سارة سليمان، بحضور سوداني واسع في قاعة العرض، حيث يهتم أبناء الجالية السودانية بمشاهدة الفيلم، الذي يروي نضال النساء في مجتمعهم من بداية القرن العشرين وحتى سبعينيات القرن الماضي، ويعرض الفيلم في إطار برنامج أيام القاهرة السينمائية المستمر من يونيو وحتى أغسطس 2024.

فيلم أجساد بطولية هو فيلم وثائقي تاريخي طويل تعرض من خلاله المخرجة سارة سليمان نضالات النساء من خلال الجسد الأنثوي، الذي قمعته الحكومات والأعراف الاجتماعية عبر التاريخ، والفيلم يوثق هذا القمع من 1900 وحتى السبعينيات.

وقبل العرض في سينما زاوية، خاض الفيلم جولة في عدد من المهرجانات السينمائية حول العالم، حيث كان عرضه العالمي الأول في مهرجان الفيلم الوثائقي في أمستردام "إدفا"، فشارك في قسم "front light"، ليكون أول فيلم وثائقي سوداني يشارك بهذا القسم، ثم عُرض في مالمو للسينما العربية، ومهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية في مصر، ومهرجان القدس للسينما العربية في فلسطين، وحصل على جائزة شيرين أبو عقلة كأفضل فيلم وثائقي.

كان الفيلم بذرة وُلدت نتيجة بحث مطول بعنوان "سياسات الجسد في الحركة النسوية السودانية"، قامت به سارة سليمان أثناء دراستها بإحدى جامعات لندن، إذ التحقت بمدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية هناك، وكانت تنجزه لنيل درجة الماجستير، وفقاً لتصريحات سابقة لسارة.

وقد أوضحت سارة في حوار لها في مركز الإبداع بدار الأوبرا المصرية في يناير الماضي أن الفيلم يبين كيف أن العادات والتقاليد قمعت الجسد، موضحة أنها حرصت على أن يكون عنوانه أجساد بطولية، لتحرير كلمة جسد التي ما زال هناك تخوف منها في المجتمعات.

أجساد النساء مُنتهكة على مدار عقود

يناقش الفيلم من خلال استضافة مجموعة كبيرة من رائدات الحركة النسوية السودانية، والنشاطات النسويات، ومنهن من تعرضن لتجارب فعلية نتاج العادات التي كانت محيطة بهن، مثل الختان وعادات الولادة القاسية، ويفتتح الفيلم بدايته بعبارة نسوية متوارثة "يا أم ضفاير قودي الرسن".

ومن المواضيع التي ذكرت في الفيلم، ما يسمى "عملية العَدل"، وهي عملية جراحية تُجرى للنساء بعد الولادة، قوامها تضييق فتحة المهبل بعد خروج الجنين، والهدف منها هو استمرار شعور المتعة لدى الزوج أثناء العلاقة الجنسية، وتُجرى العملية في كل مرة تلد فيها المرأة مهما بلغ عدد مرات الولادة.

وهناك أيضاً "عملية العَدل للقبر" حيث تُجرى نفس العملية ولكن يتم تخييط منطقة المهبل بأكملها، حتى تعود المرأة مرة أخرى بكر، اعتقاداً أنها يجب أن تلقى ربها بنفس الحال الذي وُلدت عليه.

كما تطرق الفيلم لعادات الولادة القاسية التي كانت تتعرض لها النساء في هذه الفترات الزمنية، ومنها "الولادة بالحبل"، وهي عبارة عن ربط يدي الأم بحبل معلق في سقف الغرفة حيث تشد نفسها إلى الأعلى في نفس الوقت الذي تقوم فيه إحدى السيدات بجذب الجنين باتجاه الأرض، وذكرت إحدى ضيوف الفيلم أن بعض النساء كانت تؤدي هذه العملية لهن أن يخرج أجزاء من الرحم مع الجنين.

ومن الأمور الأخرى القاسية على المستوى الجسدي التي كانت تُطبق على النساء، ما تسمى "الشلوخ"، كانت تُجرى هذه العملية أثناء مرحلة انتقال الفتاة من مرحلة الطفولة إلى البلوغ، وهي جروح تُنحت على الخدود على جانبي الوجه أو على الصدغ (طولية أو عرضية)، ولا تترك هذه الجروح حتى تلتئم حتى تترك أثراً غائراً في الوجه. أيضاً ذكر الفيلم عادة الختان، وكيف كان يتم إقناع الفتيات بها وأنها مرحلة مهمة لا يجب بعدها أن تخالط الصِبية لأنها أصبحت فتاة مكتملة الأنوثة.

يتعرض الفيلم أيضاً إلى طقوس الملابس وعلاقتها بأجساد النساء وما تعبر عنه في السياق الذكوري للمجتمع السوداني، مثل الرحط، وهو زي نسائي كان منتشراً حتى بدايات القرن الماضي، ومخصص لغير المتزوجات، ويتكون من شرائح جلدية رفيعة تُلف وتربط حول الخصر وتتدلى إلى منتصف الفخذ، فيما تظل صدورهن عارية، ومن طقوس ليلة الزفاف "قطع الرحط" وبهذا يتحول زي الآنسة إلى زي المتزوجات وهو القرقاب، عبارة عن قطعة قماش تُلف على الجزء الأسفل من الجسد من الخصر حتى الساقين، فيما تسدل قطعة أخرى على الجزء العلوي منه.

ونتيجة لهذا القهر والحرمان اللاتي تعاني منه النساء والسيطرة على أجسادهن، ابتكرن ما يُسمى "الزار السوداني"، والذي يعتمد ساحة واسعة تجمع النساء يمارسن فيها كافة الطقوس والأمور الممنوعة عليهن، بعضهن يرتدي زي الرجال وأخريات يشربن الخمر أو السجائر، وتضم هذه الجلسات النسائية الموسيقى والرقص بكل أشكاله التعبيرية والحركة والصراخ وأنواع شتى من الطعام واللحوم.

يتناول الفيلم أيضاً تاريخ الحركات التحررية في السودان، ورائدات التغيير على مدار 7 عقود متتالية، وتأثيرهن، مثل الاتحاد النسائي السوداني، ومدرسة الدايات، ومجلة صوت المرأة وتأثيرها على رفع الوعي النسوي.

وعلى الجانب الفني، تطرق الفيلم إلى فرقة البلابل النسائية، وكانت مكونة من 3 فتيات، يتجولن في ضواحي المدن السودانية، واستضاف الفيلم هادية طلسم إحدى عضوات الفريق الغنائي، للتحدث عن رد فعل المجتمع وقت ظهورهن والصعوبات التي تعرضن لها، وذكرت هادية أن أكثر ما كان يؤلمها أثناء جولاتهن نظرة الرجال لهن أنهن مستباحات، ويتم التحرش بهن جسدياً ولفظياً في صالات الحفلات أثناء مرورهن، لكن ذلك لم يغير اهتمامهن بالفن.

ضم الفيلم الضيوف التاليين: الأستاذة الجامعية فدوى عبد الرحمن، الأستاذة الجامعية والناشطة النسوية هادية حسب الله، مصممة الأزياء سعدية الصلحي، الناشطة النسوية فاطمة القدال، إحسان فقيري رئيسة مبادرة لا لقهر النساء، فاطمة بابكر محمود مؤسسة منظمة تحرير المرأة الأفريقية، الطبيب النفسي عبد الله عبدين، بلقيس بدري مديرة المعهد الإقليمي لدراسات الجندر.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل