الفيلم السوداني أجساد بطولية يرصد قهر النساء ومحاولات النجاة على مدار 7 عقود

الفيلم السوداني أجساد بطولية يرصد قهر النساء ومحاولات النجاة على مدار 7 عقود

منذ 3 أيام

الفيلم السوداني أجساد بطولية يرصد قهر النساء ومحاولات النجاة على مدار 7 عقود

بدأت سينما زاوية المصرية في 17 يوليو الجاري عرض الفيلم السوداني أجساد بطولية للمخرجة سارة سليمان، بحضور سوداني واسع في قاعة العرض، حيث يهتم أبناء الجالية السودانية بمشاهدة الفيلم، الذي يروي نضال النساء في مجتمعهم من بداية القرن العشرين وحتى سبعينيات القرن الماضي، ويعرض الفيلم في إطار برنامج أيام القاهرة السينمائية المستمر من يونيو وحتى أغسطس 2024.\nفيلم أجساد بطولية هو فيلم وثائقي تاريخي طويل تعرض من خلاله المخرجة سارة سليمان نضالات النساء من خلال الجسد الأنثوي، الذي قمعته الحكومات والأعراف الاجتماعية عبر التاريخ، والفيلم يوثق هذا القمع من 1900 وحتى السبعينيات.\nوقبل العرض في سينما زاوية، خاض الفيلم جولة في عدد من المهرجانات السينمائية حول العالم، حيث كان عرضه العالمي الأول في مهرجان الفيلم الوثائقي في أمستردام "إدفا"، فشارك في قسم "front light"، ليكون أول فيلم وثائقي سوداني يشارك بهذا القسم، ثم عُرض في مالمو للسينما العربية، ومهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية في مصر، ومهرجان القدس للسينما العربية في فلسطين، وحصل على جائزة شيرين أبو عقلة كأفضل فيلم وثائقي.\nكان الفيلم بذرة وُلدت نتيجة بحث مطول بعنوان "سياسات الجسد في الحركة النسوية السودانية"، قامت به سارة سليمان أثناء دراستها بإحدى جامعات لندن، إذ التحقت بمدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية هناك، وكانت تنجزه لنيل درجة الماجستير، وفقاً لتصريحات سابقة لسارة.\nوقد أوضحت سارة في حوار لها في مركز الإبداع بدار الأوبرا المصرية في يناير الماضي أن الفيلم يبين كيف أن العادات والتقاليد قمعت الجسد، موضحة أنها حرصت على أن يكون عنوانه أجساد بطولية، لتحرير كلمة جسد التي ما زال هناك تخوف منها في المجتمعات.\nأجساد النساء مُنتهكة على مدار عقود\nيناقش الفيلم من خلال استضافة مجموعة كبيرة من رائدات الحركة النسوية السودانية، والنشاطات النسويات، ومنهن من تعرضن لتجارب فعلية نتاج العادات التي كانت محيطة بهن، مثل الختان وعادات الولادة القاسية، ويفتتح الفيلم بدايته بعبارة نسوية متوارثة "يا أم ضفاير قودي الرسن".\nومن المواضيع التي ذكرت في الفيلم، ما يسمى "عملية العَدل"، وهي عملية جراحية تُجرى للنساء بعد الولادة، قوامها تضييق فتحة المهبل بعد خروج الجنين، والهدف منها هو استمرار شعور المتعة لدى الزوج أثناء العلاقة الجنسية، وتُجرى العملية في كل مرة تلد فيها المرأة مهما بلغ عدد مرات الولادة.\nوهناك أيضاً "عملية العَدل للقبر" حيث تُجرى نفس العملية ولكن يتم تخييط منطقة المهبل بأكملها، حتى تعود المرأة مرة أخرى بكر، اعتقاداً أنها يجب أن تلقى ربها بنفس الحال الذي وُلدت عليه.\nكما تطرق الفيلم لعادات الولادة القاسية التي كانت تتعرض لها النساء في هذه الفترات الزمنية، ومنها "الولادة بالحبل"، وهي عبارة عن ربط يدي الأم بحبل معلق في سقف الغرفة حيث تشد نفسها إلى الأعلى في نفس الوقت الذي تقوم فيه إحدى السيدات بجذب الجنين باتجاه الأرض، وذكرت إحدى ضيوف الفيلم أن بعض النساء كانت تؤدي هذه العملية لهن أن يخرج أجزاء من الرحم مع الجنين.\nومن الأمور الأخرى القاسية على المستوى الجسدي التي كانت تُطبق على النساء، ما تسمى "الشلوخ"، كانت تُجرى هذه العملية أثناء مرحلة انتقال الفتاة من مرحلة الطفولة إلى البلوغ، وهي جروح تُنحت على الخدود على جانبي الوجه أو على الصدغ (طولية أو عرضية)، ولا تترك هذه الجروح حتى تلتئم حتى تترك أثراً غائراً في الوجه. أيضاً ذكر الفيلم عادة الختان، وكيف كان يتم إقناع الفتيات بها وأنها مرحلة مهمة لا يجب بعدها أن تخالط الصِبية لأنها أصبحت فتاة مكتملة الأنوثة.\nيتعرض الفيلم أيضاً إلى طقوس الملابس وعلاقتها بأجساد النساء وما تعبر عنه في السياق الذكوري للمجتمع السوداني، مثل الرحط، وهو زي نسائي كان منتشراً حتى بدايات القرن الماضي، ومخصص لغير المتزوجات، ويتكون من شرائح جلدية رفيعة تُلف وتربط حول الخصر وتتدلى إلى منتصف الفخذ، فيما تظل صدورهن عارية، ومن طقوس ليلة الزفاف "قطع الرحط" وبهذا يتحول زي الآنسة إلى زي المتزوجات وهو القرقاب، عبارة عن قطعة قماش تُلف على الجزء الأسفل من الجسد من الخصر حتى الساقين، فيما تسدل قطعة أخرى على الجزء العلوي منه.\nونتيجة لهذا القهر والحرمان اللاتي تعاني منه النساء والسيطرة على أجسادهن، ابتكرن ما يُسمى "الزار السوداني"، والذي يعتمد ساحة واسعة تجمع النساء يمارسن فيها كافة الطقوس والأمور الممنوعة عليهن، بعضهن يرتدي زي الرجال وأخريات يشربن الخمر أو السجائر، وتضم هذه الجلسات النسائية الموسيقى والرقص بكل أشكاله التعبيرية والحركة والصراخ وأنواع شتى من الطعام واللحوم.\nيتناول الفيلم أيضاً تاريخ الحركات التحررية في السودان، ورائدات التغيير على مدار 7 عقود متتالية، وتأثيرهن، مثل الاتحاد النسائي السوداني، ومدرسة الدايات، ومجلة صوت المرأة وتأثيرها على رفع الوعي النسوي.\nوعلى الجانب الفني، تطرق الفيلم إلى فرقة البلابل النسائية، وكانت مكونة من 3 فتيات، يتجولن في ضواحي المدن السودانية، واستضاف الفيلم هادية طلسم إحدى عضوات الفريق الغنائي، للتحدث عن رد فعل المجتمع وقت ظهورهن والصعوبات التي تعرضن لها، وذكرت هادية أن أكثر ما كان يؤلمها أثناء جولاتهن نظرة الرجال لهن أنهن مستباحات، ويتم التحرش بهن جسدياً ولفظياً في صالات الحفلات أثناء مرورهن، لكن ذلك لم يغير اهتمامهن بالفن.\nضم الفيلم الضيوف التاليين: الأستاذة الجامعية فدوى عبد الرحمن، الأستاذة الجامعية والناشطة النسوية هادية حسب الله، مصممة الأزياء سعدية الصلحي، الناشطة النسوية فاطمة القدال، إحسان فقيري رئيسة مبادرة لا لقهر النساء، فاطمة بابكر محمود مؤسسة منظمة تحرير المرأة الأفريقية، الطبيب النفسي عبد الله عبدين، بلقيس بدري مديرة المعهد الإقليمي لدراسات الجندر.\nذكر الفيلم أيضاً أدوار النساء الملهمات على مدار عقود، ومن بينهن: مهيرة بنت عبود، وفاطمة أحمد إبراهيم، وفاطمة عبد المحمود، وسعاد الفاتح البدوي، وخالدة زاهر، وتطرق الفيلم لعلاقتهن بالأنظمة الحاكمة وتعرض بعضهن للسجن.\nوعلى الرغم من أن الفيلم ناقش قضايا مهمة في المجتمع السوداني، إلا أن أكبر عراقيل الفيلم كانت طريقة السرد التي اتبعتها المخرجة، والتي شابها بعض العشوائية والتشتيت والقفزات غير المنظمة بين شخصية وأخرى أو حدث وآخر دون ترتيب يفسد تركيز المُشاهد، بالإضافة إلى اتباع أسلوب السرد الوثائقي النمطي للغاية، من خلال الحديث المستمر للضيوف بشكل متتالٍ دون تنبيه حتى بالانتقال من شخصية لأخرى.

الخبر من المصدر