دور فاعل للمجتمع المدني
صدق الرئيس عبدالفتاح السيسى رسميا على قانون منح التزام المرافق العامة لإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية الذى سبق ووافق عليه مجلس النواب بصورة نهائية فى ٢٠ مايو الماضى. ويلزم القانون رئيس الوزراء بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون خلال شهر بعد العرض على وزير الصحة وذلك لتنظيم عملية الاستثمار فى المستشفيات والمنشآت التى ستطرحها الدولة لحق الانتفاع سواء كانت قائمة عاملة بالفعل أو جديدة.\nالآن أصبحنا فى مواجهة حقيقة تشير بوضوح إلى عجزنا عن إدارة المنشآت الصحية والمستشفيات الحكومية فى ظل اقتصاد قوى لم يعد قادرا على الوفاء بالتزامات هامة أقرها الدستور حقا عدلا متساويا لكل المصريين.\nأرجو ألا يفهم من حديثى أننى أتنصل من واقع صعب نعيشه أو أننى أعلن رفضى للقانون لمجرد الرفض وإبداء رأى مناهض لسياسة الحكومة.\nقد يكون فى هذا القانون الحل ولكن ليس من وجهة نظرى أو واقع تجربتى الطويلة فى مجال الصحة كطبيبة أو العمل الخدمى العام التطوعى.\nتمنيت لو أنه قد أتيحت الفرصة لأصحاب الرؤية والكفاءات المتميزة فى مجالات الصحة والاقتصاد والعمل العام لمناقشة القانون قبل تمام صياغته وإصدار السيد الرئيس له.\nالقانون رفضته النقابة العامة للأطباء وعدد من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى واعتبرته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية خطوة للتنازل عن اعتبار الصحة خدمة عامة توفرها الدولة طواعية لمواطنيها ليتحول الأمر إلى مشروع استثمارى يتيح العلاج لمن استطاع إليه سبيلا ويحرم غير القادرين من فرص الشفاء والعلاج.\nقرأت القانون مليا وناقشته مع زملاء من الأطباء والصحفيين والعاملين بمجالات العمل المدنى: الواقع أن نقاط الخلاف جاءت هامشية أما ما ساد من الرأى فقد جاء مؤيدا لأن القانون فى صياغته الحالية يشير بوضوح إلى أن تطبيقه سيؤدى إلى تحويل المنشآت الصحية المملوكة للدولة والتى من المفترض أنها تقدم خدمة حيوية مجانية للإنسان المصرى إلى كيانات استثمارية هادفة للربح.\nالملاحظة الأكثر أهمية هو ذلك الأثر الذى سيبدو حتما سلبيا على منظومة التأمين الصحى الشامل الأمر الذى حاولت البيانات الحكومية نفيه بصورة مختلفة إلا أنها جاءت بصورة غير واضحة المعالم أو محددة المعايير فبدت أحاديث مرسلة لا يمكن الاعتماد عليها.\nإذا كان بالفعل قد قضى الأمر ولا يمكن التراجع عن القانون بعد أن صدر فى غياب ضمانات واضحة تكفل حق المواطن المصرى مريضا كان أو مقدما للخدمة الطبية فى منظومة الدولة فإننى أتصور أن تصدر تعديلات على القانون تفى بالغرض. أو أن يصدر قانون موازٍ محكم لصالح المواطن المصرى وحقه فى تشخيص مرضه وعلاجه فى صورة عادلة تسمح للجميع دون تمييز بالحصول على الخدمة الطبية كاملة.\nبقى لدى اقتراح للمجتمع المدنى الذى أتصوره فاعلا فى تلك المنظومة المستجدة: أن يتواجد من أفراده متطوع فى كل منشأة صحية تخضع للقانون الجديد لجنة تتابع آلية تنفيذ كيفية حصول المواطن المصرى على حقه كاملا بالفعل فى التشخيص والعلاج.\nلا أظن الأمر أبدا بالعسير ويمكن بالطبع مناقشته بين أطراف متعددة منها وزارة الصحة ووزارة التضامن والمالية وربما أعضاء مهتمون من مجلس النواب وجمعيات المجتمع المدنى.\nهل سبق إصدار القانون دراسة جدوى تستطلع رأى المستثمرين الهدف سواء كان القطاع الطبى الخاص فى مصر أو المستثمر الأجنبى؟\nأظن الإجابة يجب أن تحمل مؤشرا هاما للحكومة التى صاغت القانون.