المحتوى الرئيسى

نيوم: المشروعات العملاقة في السعودية مهددة بتقليص حجمها قريباً

06/25 08:31

"يمكنهم أن يستمروا في قول ذلك، ونستطيع أن نواصل إثبات أنهم على خطأ"، كان هذا رد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في فيلم وثائقي بُث في يوليو عام 2023 أثناء حديثه عن التشكيك في المشروعات الإنشائية العملاقة التي تقوم بها السعودية.

لكن بعد مرور ما يقرب من عام، تبين أن بعض هذه الشكوك كانت صحيحة.

وفي الأشهر الأخيرة، يبدو أن المملكة العربية السعودية قد قلصت خططها لمشروعها الضخم لتطوير الصحراء "نيوم" الذي يعد محور رؤية 2030.

وتأتي هذه المشروعات في إطار برنامج التنويع الاقتصادي الذي يقوده الأمير محمد، الحاكم الفعلي للدولة الخليجية، لنقل اقتصاد البلاد بعيداً عن الاعتماد على النفط.

وبالإضافة إلى نيوم، تعمل السعودية أيضاً على تطوير 13 مخططاً إنشائياً كبيراً، أو ما يُعرف "بمشروعات جيجا"، بقيمة تريليونات الدولارات. وتشمل تلك المشروعات مدينة ترفيهية على مشارف العاصمة الرياض، والعديد من المنتجعات الفاخرة على جزر في البحر الأحمر، ومجموعة من الوجهات السياحية والثقافية الأخرى.

لكن انخفاض أسعار النفط أثر على الإيرادات الحكومية، مما أجبر الرياض على إعادة تقييم هذه المشروعات ودراسة استراتيجيات تمويل جديدة.

وقال مستشار، على صلة بالحكومة فضل عدم ذكر اسمه، لبي بي سي إن تلك المخططات قيد المراجعة ومن المتوقع اتخاذ قرار بشأنها في وقتٍ قريبٍ.

وأضاف: "يعتمد القرار على عوامل عدة، لكن من دون شك سوف تخضع هذه المشروعات لإعادة تقييم. فبعضها قد يسير كما هو مخطط لها، لكن البعض الآخر قد يتأخر أو يتقلص حجمه".

وأُعلن عن مشروع نيوم في 2017، وهي خطة بقيمة 500 مليار دولار لبناء عشر مدن مستقبلية في منطقة صحراوية في شمال غرب البلاد.

وأكثر هذه المدن طموحاً، والذي احتل كل العناوين الرئيسية، مدينة "ذي لاين" (The Line). وتتضمن خطة إنشائها أن تكون مدينة خطية تتكون من جدارين متجاورين ومتوازيين لناطحة سحاب يبلغ ارتفاعهما 500 متر - أطول من مبنى "إمباير ستيت" في الولايات المتحدة. ومع ذلك، سيكون عرضهما مجتمعين 200 متر فقط، بما في ذلك المساحة بينهما.

وكانت الخطة الأصلية تتضمن أن تمتد لحوالي 170 كيلومتراً لتتسع المدينة لحوالي تسعة ملايين نسمة.

ولكن وفقًا لأشخاص مطلعين على التفاصيل – ولما أشارت إليه تسريبات للصحافة – من المقرر أن يركز مطورو المشروع الآن على الانتهاء من الإنشاءات على مساحة 2.4 كيلومتر فقط بحلول عام 2030، كجزء من المرحلة الأولى.

وعندما تم الإعلان عن مشروع "ذي لاين" للمرة الأولى، تم وصفه بأنه "مدينة خطية خالية من الكربون" من شأنها أن تعيد تعريف الحياة الحضرية، مع وسائل الراحة لسكانها مثل الحدائق والشلالات وسيارات الأجرة الطائرة والخوادم الآلية.

كما تتضمن الخطة ألا يكون في المدينة طرق أو سيارات، ومن المقرر أن تتكون من مجتمعات مترابطة مخصصة للمشاة، وأن يكون هناك أيضاً قطار فائق السرعة تبلغ مدة الرحلة فيه 20 دقيقة على الأكثر إلى أي مكان داخل حدود المدينة.

لكن لم يتضح بعد ما الذي يمكن أن يتوافر من هذه المميزات في الجزء الحالي من المرحلة الأولى.

بالإضافة إلى مشروع "ذي لاين"، من المقرر أن يضم نيوم أيضًا مدينة صناعية عائمة على شكل ثماني الأضلاع، ومنتجعاً جبلياً للتزلج، وسيستضيف دورة الألعاب الأسيوية الشتوية في 2029.

وقال علي الشهابي، وهو مصرفي سابق والآن عضو في المجلس الاستشاري لنيوم، إن الأهداف المحددة للمشروعات في إطار رؤية 2030 كانت "مصممة بشكل متعمد لتكون طموحة إلى حدٍ مبالغ فيه".

وأضاف: "كان من المفترض أن يكون طموحاً أكثر من اللازم في ضوء تسليم جزء منه فقط في الوقت المحدد. لكن حتى هذا الجزء سيكون مهماً".

وسلط تقليص حجم مشروع نيوم الضوء على تحديات التمويل التي تواجهها الحكومة السعودية.

ويُمول مشروع نيوم من قبل الحكومة السعودية من خلال كيان الثروة السيادية، وهو صندوق الاستثمارات العامة (PIF).

وتبلغ التكلفة الرسمية لبناء نيوم، 500 مليار دولار، أي أكثر بنسبة 50 في المئة من الموازنة السعودية بأكملها للبلاد لهذا العام. لكن محللين يقدرون أن تنفيذ المشروع بالكامل قد يتكلف في النهاية أكثر من تريليوني دولار.

وتعاني الموازنة السعودية من عجز منذ أواخر عام 2022، عندما بدأت أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم في خفض الإنتاج لدعم الأسعار العالمية. وتتوقع الحكومة عجزاً قدره 21 مليار دولار هذا العام.

ويعاني صندوق الاستثمارات العامة بالسعودية من تراجع في العائدات. ويدير الصندوق أصولاً بقيمة 900 مليار دولار، لكن لديه 15 مليار دولار فقط من الاحتياطيات النقدية حتى سبتمبر المقبل.

وقال تيم كالين، المدير السابق لصندوق النقد الدولي في المملكة العربية السعودية والذي يعمل الآن زميلاً زائراً لمعهد دول الخليج العربي، إن جمع رأس المال لمشروع نيوم وغيره من المشروعات العملاقة يمثل تحدياً كبيراً في المستقبل.

وأضاف كالين: "سيكون من الصعب إلى حدٍ كبيرٍ أن يوفر صندوق الاستثمارات العامة هذه المستويات المطلوبة من التمويلات لهذه المشروعات".

وهناك طرق أخرى تلجأ إليها السعودية لدعم رأس المال اللازم لتلك المشروعات.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، باعت الحكومة السعودية أسهم في شركة النفط الوطنية أرامكو السعودية بقيمة تقدر بحوالي 11.2 مليار دولار. ومن المتوقع أن تذهب معظم هذه العائدات إلى صندوق الاستثمارات العامة الذي يُعد أيضاً المستفيد الأكبر عندما تم طرح الشركة للاكتتاب العام في 2019.

وجاء البيع وسط تقلبات في أسعار النفط العالمية. وفي يوليو من العام الماضي، وفي إطار محاولة لتعزيز الأسعار، قامت مجموعة الدول المصدرة للنفط (أوبك +) بقيادة المملكة العربية السعودية بخفض الإنتاج.

واتخذت الرياض قراراً بخفض طوعي لإنتاج السعودية من النفط بواقع مليون برميل يوميا. لكن هذا الشهر، تراجعت أوبك+ عن قرار خفض الإنتاج، وبدلاً من ذلك، ستبدأ في زيادة الإنتاج تدريجياً اعتباراً من أكتوبر المقبل.

ووفقاً لصندوق النقد الدولي، تحتاج السعودية أن يصل سعر برميل النفط إلى 96.20 دولارا حتى تتمكن من استعادة ضبط موازنتها. ويستقر خام برنت، أحد نوعين رئيسيين من عقود النفط، في الفترة الحالية في منطقة قريبة من 80 دولارًا للبرميل.

واعتمدت البلاد أيضا على بيع السندات الحكومية للحفاظ على تدفقات التمويل لصندوق الاستثمارات العامة. ويتمثل التحدي الآخر في أن الاستثمار الأجنبي المباشر ظل أقل بكثير من الحجم المستهدف، مما يؤكد أن الرياض تواجه صعوبة في جذب التمويل من الشركات الخاصة والمستثمرين الدوليين.

وقال كالين: "سيكون من الصعب للغاية إقناع المستثمرين بالدخول في مشروعات يعتبرونها مفرطة في الطموح"، مؤكداً أنه "من غير الواضح من أين ستأتي عوائدك في نهاية المطاف".

كما تحوّل الدولة استثماراتها إلى قطاعات مثل السياحة والتعدين والترفيه والرياضة كجزء من استراتيجية التنويع الاقتصادي التي تتبعها.

أهم أخبار الوسيط

Comments

عاجل