المحتوى الرئيسى

انقطاع الكهرباء: الثانوية العامة وملف اللاجئين وتغريدات السيسي تزيد من سخونة الأزمة - BBC News عربي

06/25 06:37

صدر الصورة، Getty Images

ارتفعت وتيرة انقطاع الكهرباء في مصر خلال الأيام الأخيرة لتصل إلى أكثر من خمس ساعات في بعض المناطق، في ظل ارتفاع كبير في درجات الحرارة، وصمت حكومي رسمي عن شرح ما يحدث حول زيادة ساعات تخفيف الأحمال وأسبابها التي مازالت غير مفهومة.

ما إن بدأت في كتابة هذا التقرير عن انقطاع الكهرباء في مصر، حتى جاءني الرد سريعا بمفاجأة غير سارة وإن كانت متوقعة، أظلم المكان من حولي وتوقف مصدر الهواء الوحيد في الغرفة وارتفعت درجة الحرارة بسرعة. أيقنت عندها أن دعواتي، التي ظللت أرددها بأن تصمد الكهرباء حتى أنتهي من كتابة التقرير، لم تفلح، ويجب أن أخوض التجربة بصبر وثبات.

لأكثر من ساعتين ونصف والمعاناة مستمرة، أصوات الآلات توقفت بالكامل تقريبا، وليس هناك سوى العرق الذي يتصبب والحر الذي ينهش الجسد ويُثقل الروح. الساعة كانت الثانية ظهراً تقريبا، ودرجة الحرارة لامست حاجز 41 درجة في إحدى المدن الجديدة شرق القاهرة، وسرعان ما انهارت حالة الثبات والهدوء وبدأت مرحلة الهلاوس السمعية والبصرية لا سيما مع انقطاع الماء أيضا.

وفي دولة أعلنت في وقت سابق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي وإنفاق مليارات الجنيهات على تطوير شبكات الكهرباء، بل وتصديرها للخارج أيضا، كان الأمر مثار تساؤل وسخرية على نطاق واسع، حول حقيقة ما يجري وكيف سيكون هذا الصيف الساخن جداً بحسب التوقعات الرسمية.

صدر الصورة، SOCIAL MEDIA

ورغم أن أسباب انقطاع الكهرباء غير معلومة حتى الآن بشكل دقيق، إلا أن وزارتي الكهرباء والبترول أعلنتا يوم الأحد، زيادة فترة تخفيف الأحمال بمعدلات أعلى من الأيام السابقة لمدة يومين فقط.

وجاء في بيان نشره مجلس الوزراء المصري على صفحته الرسمية أن هذه الخطة جاءت "من أجل الحفاظ على الكفاءة التشغيلية للشبكة القومية لنقل الكهرباء والشبكة القومية للغازات الطبيعية، نظراً لتزامن بعض إجراءات الصيانة الوقائية في جزء من شبكات تداول الغاز الإقليمية مع زيادة معدلات الاستهلاك المحلي من الكهرباء نتيجة ارتفاع درجات الحرارة ما يستدعي زيادة فترة تخفيف الأحمال".

صدر الصورة، SOCIAL MEDIA

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بحالة من الاستياء والسخرية من زيادة معدلات انقطاع الكهرباء، خاصة أنها بلغت ست ساعات وقت الذروة مع ارتفاع قياسي لدرجات الحرارة، على عكس ما أعلنته الحكومة بأنها ستكون ثلاث ساعات فقط، فضلاً عن غياب أي توضيح رسمي من الحكومة أو وزارة الكهرباء التي أعلنت عن خبر تخفيف الأحمال بشكل مقتضب، وكان الأمر بمثابة مفاجأة للمصريين الذين يبحثون عن أي تفسير.

صدر الصورة، SOCIAL MEDIA

وتصدر وسم (هاشتاغ) الكهرباء وأيضا وسم تخفيف الأحمال، وكذلك عبارات (خمس ساعات، وكم ساعة النهارده)، مواقع التواصل الاجتماعي، وغرد آلاف المصريين على هذه الوسوم وباستخدام هذه العبارات، إما للتساؤل عن أسباب انقطاع الكهرباء، أو الاستغاثة من انقطاعها لساعات طويلة في ظل حرارة مرتفعة، أو حتى للسخرية من الحكومة والمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن هذا الانقطاع.

وأعلن مجلس الوزراء المصري أن زيادة معدلات انقطاع الكهرباء يأتي بسبب أعمال صيانة في الشبكة مع تزايد معدلات الاستهلاك، إلا أن هذه المبررات زادت من الانتقادات، نظراً لتوقيتها مع ارتفاع الحرارة.

صدر الصورة، SOCIAL MEDIA

ونشر العديد من المستخدمين تغريدات للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، كان قد كتبها قبل سنوات على مواقع التواصل الاجتماعي، يتحدث فيها عن إنجازات حكومته في قطاع الكهرباء والتي قال إنها عملت على تطوير شبكة إنتاج الكهرباء ما أنقذ البلاد من "الانهيار".

ومنها تغريدة في 2018، تحدث فيها السيسي عن استمرار تطوير قطاع الكهرباء، حتى يتم القضاء على انقطاعها تماما، وهو ما قال المستخدمون إنه لم يحدث حتى الآن.

صدر الصورة، SOCIAL MEDIA

ونشر مستخدمون عدة تغريدات أخرى مجمعة للسيسي يتحدث فيها عن فاتورة إصلاح قطاع الكهرباء، ومنها تغريدة في 2017، قال فيها إن "الدولة أنفقت 450 مليار جنيه حتى الآن على قطاع الكهرباء"، وتساءل المستخدمون أين ذهبت هذه الأموال؟ ولماذا تستمر الكهرباء في الانقطاع؟

وتحدث مستخدمون آخرون عن أن الحكومة المصرية تصدّر الكهرباء والغاز للخارج لتوفير العملة الأجنبية، إذ تعاني مصر من نقص حاد في عائدات الدولار خلال الفترة الحالية، واضطرت الحكومة مؤخراً لخفض قيمة الجنيه أمام الدولار فضلا عن الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي.

صدر الصورة، SOCIAL MEDIA

وكان رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قد نفى في يوليو/تموز العام الماضي، تصدير مصر للغاز الطبيعي بدلاً من توجيهه لمحطات توليد الكهرباء المحلية، مما تسبب في نقص الغاز اللازم لتشغيلها.

واستشهد مغردون بأخبار عن توقيع اتفاقيات مع دول أوروبية وعربية لتصدير الكهرباء من مصر.

كما انتقد مغردون أيضاً تواجد ملايين اللاجئين في مصر، مما يؤثر على الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين.

صدر الصورة، SOCIAL MEDIA

وقدرت تقارير للأمم المتحدة وجود حوالي عشرة ملايين لاجئ على أرض مصر، من سوريا وفلسطين والسودان واليمن وغيرها من الدول.

وطالب بعض المغردين الحكومة بالتعامل بقوة مع ملف اللاجئين وترحيلهم خارج مصر، نظرا لأنهم "أحد أسباب انقطاع الكهرباء وضعف الخدمات الأخرى".

بينما نفى آخرون أن يكون اللاجئون أو المقيمون في مصر من جنسيات أجنبية هم سبب الأزمة، وأكدوا أنها بسبب فشل حكومي، إذ كانت الكهرباء "تقطع قبل تدفق المقيمين سواء من السودان أو قطاع غزة".

صدر الصورة، SOCIAL MEDIA

كما يأتي انقطاع الكهرباء في ظل وقت حرج بالنسبة لملايين العائلات المصرية، إذ بدأت في البلاد امتحانات الثانوية العامة، أهم وأصعب المراحل التعليمية وأكثرها إثارة للجدل واستنزافاً لأموال المصريين.

وبحسب الإحصاءات الرسمية يؤدي حوالي سبعة ملايين ونصف المليون طالب، امتحانات الثانوية العامة هذا العام، ومن خلفهم ملايين الأسر التي تنتظر حصد ثمار عام شاق وطويل من التعب والإرهاق والإنفاق على أبنائهم.

وفي وقت يثير فيه تعامل الحكومة مع ملف الثانوية العامة جدلاً كبيراً من حيث تغيير نظام الامتحانات وانتشار ظاهرة الدروس الخصوصية التي تستنزف أموال المصريين، يأتي انقطاع الكهرباء "في وقت احتياج الطلاب إلى التركيز والمذاكرة".

صدر الصورة، SOCIAL MEDIA

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالعديد من الانتقادات للحكومة بسبب توقيت قطع الكهرباء أثناء الامتحانات، والذين يعتبرون أن قطعها يهدد مستقبل الطلاب ويحرمهم من التركيز بسبب الحرارة الشديدة، وحاجتهم إلى أجهزة للمذاكرة من خلالها.

وكعادة المصريين في التعامل مع بعض الأزمات كان هناك سخرية من انقطاع الكهرباء، وسط توقعاتهم بأن زيادة تخفيف الأحمال سيستمر لفترة أطول وليس ليومين فقط.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل