إطلالات على القانون (1).. الزواج غير اللازم

إطلالات على القانون (1).. الزواج غير اللازم

منذ 12 يوم

إطلالات على القانون (1).. الزواج غير اللازم

لكى يصبح عقد الزواج صحيحا لابد من توافر شروط معينة منها أن يكون عقد زواج «لازم» بمعنى ألا يصبح لأى شخص الحق فى فسخه بعد إتمام الزواج.\nوشروط لزوم العقد أن يكون الزوج كُفئا لزوجته ومعنى الكفاءة هنا: النسب والمهنة ودرجة التدين. فلو كان الزوج ليس فى مستوى الزوجة اجتماعيا مثلا أو ولى المرأة رأى وأثبت أن مهنته لا تليق بها يصبح له (الولى) الحق فى فسخ العقد أمام المحكمة.\nويُعتبر أبو حنيفة هو الوحيد من الأئمة الأربعة الذى أفتى بإمكانية تزويج المرأة من غير ولى. ولكنه أتى أيضا بحكم آخر حيث قرر لها هذا الحق ولكن فى حالة عدم الكفاءة بينها وبين زوجها، من حق وليها الاعتراض على الزواج وطلب فسخه بعلة أن الكفاءة ينبنى عليها السعادة الزوجية واستقرارها.\nويوجد شرط ثانٍ للزوم العقد: أن يكون المهر الذى يُدفع للمرأة مساويا لمهر المثل بمعنى المهر الذى عادة يُدفع للذى فى مثل منزلة المرأة من النساء.\nولكن يوجد استثناءان لهذين الشرطين: لو كانت الزوجة حاملاً ليس لأى شخص الحق فى فسخ العقد لأن مصلحة الطفل ستكون فى حضانته وتربيته وسط والديه وهذا أهم من أى اعتبار آخر.\nيوجد لدى تحفظ على هذا الاستثناء لأن الفقه والقانون جعل من حق الولى طلب فسخ العقد من المحكمة إما قبل الدخول على الزوجة أو بعد الدخول، ووفقا لكتاب «الزواج فى الفقه الإسلامى والقانون المصرى» لد. عبد العزيز سمك، ففى حالة الفسخ بعد الدخول يترتب أثر هام من آثار الزواج وهو إثبات النسب للولد. معنى ذلك أن الولى يمكنه الاعتراض على العقد بعد أن تضع الزوجة حملها مما يعنى أيضا أنه يكون له هذا الحق فى أى وقت من الزواج متى تبين له عدم الكفاءة. فكيف يستقيم ذلك مع مصلحة الطفل الفضلى؟\nوالاستثناء الثانى فى حالة مهر المثل أنه فى حالة موافقة الزوج على زيادة المهر ليكون مساويا لمهر المثل ليس من حق أحد الاعتراض على الزواج أو طلب فسخ العقد.\nموضوع الكفاءة ذكرنى بقصة الشيخ على يوسف الذى كتب عنه الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين فى كتابه «أيام لها تاريخ» وتدور القصة كالآتى: عندما استطاع الشيخ والصحفى المرموق على يوسف ذو الأصول الفقيرة التدرج بجهده ليصبح من أشهر رجال المجتمع، وأراد فى سنة 1904 الزواج من صفية السادات ذات الحسب والنسب، ماطل والدها فى الموافقة على الزواج أربع سنوات، مما أرغم الشيخ على وصفية على الزواج بدون موافقة الوالد، فرفع الأخير دعوى أمام المحكمة الشرعية يطالب بفسخ العقد على أساس أنه ليس عقدا «لازما» لعدم وجود كفاءة بين الزوجين حيث نسب الشيخ على أقل من نسب السادات ولمهنته فى الصحافة الذى وصمها السادات أنها من أحقر المهن، ومحاميه وصفها بأنها مهنة الجاسوسية وكشف الأسرار وبث الشائعات.\nكان القاضى هو الشيخ أبو خطوة المعروف بتزمته الشديد حيث قام بإرسال شهود لبيت الشيخ على ليتأكدوا من مستواه الاجتماعى وما إذا كان فى مثل مستوى بيت السادات. وبعد جلسات مرافعة وسماع شهود عن أصل الشيخ على يوسف ومهنته ودفاعه عن نفسه من خلال مقالاته فى جريدته «المؤيد»: حكم القاضى بالتفريق بين الزوجين وقال جملة شهيرة عن أصل الشيخ على: «إن فقره فى بدئه وإن كان قد زال عنه الآن باكتساب الغنى إلا أن عاره لا يزول». والشىء المذهل أنه بعد تأييد الحكم فى الاستئناف رجع السادات فى قراره ووافق على زواج ابنته بعقد جديد من الشيخ على وتم زواجهما بالفعل مرة ثانية.\nوالمذهل أيضا أن هذه الدعوى كانت وطأتها شديدة على الشيخ على الذى ظل يسعى لتسجيل نفسه بين الأشراف لاعتقاده أن ذلك سوف يؤصل مكانته الاجتماعية. واللافت أنه بالرغم من محاولاته تلك إلا أن علاقته بزوجته تدهورت حتى مماته.\nوما زالت أحكام الزواج غير اللازم تُطبق فى المحاكم المصرية.

الخبر من المصدر