المحتوى الرئيسى

خالد حنفي يستعرض تاريخ «الجماعة الفاشية» (الحلقة السابعة)

06/09 02:19

كان الجيش وسيظل هو حماية هذا الوطن والضامن لعزته وكرامته.. كان وسيظل هو القابض على الأمن القومى والحافظ للأرض والعرض.. كان وسيظل داعماً للشعب متى احتاجه ومتى دعاه.. لن يسمح لأحد بأن ينال من العلاقة بينه وبين المصريين.. العلاقة التى لم يستطع «واشٍ» أن يفسدها طوال تاريخه.

العلاقة التى شهدت عليها الأجيال الحديثة.. فالجيش كان فى «ضهر» المصريين عندما خرجوا على النظام الأسبق، وكان فى «ضهرهم» أيضاً عندما خرجوا على الجماعة الفاشية.. انحاز الجيش للمصريين وليس لأحد آخر.. انحاز وتحمل ما لا يتحمله أحد من تطاول وتشويه.. تحمل عن رضا تام وإيمان شديد بأن أرواح المصريين أغلى من أى شىء، وحماية تراب هذا الوطن واجب مقدس.

قبل 25 يناير كان الجيش المصرى خطاً أحمر.. لم يكن لأحد أن يقترب منه أو يمسه بسوء.. لم يكن لأحد أن يتجرأ عليه.. لم يقترب أحد من المصريين، إيماناً منهم بأن الجيش حائط الصد الوحيد الذى يحمى خارجياً وداخلياً متى تطلب الأمر..

أما جماعة الإخوان فقد كانت وكعادتها تغازل الجيش علناً بينما فى السر تدفع المتعاطفين معها والمؤمنين بها للنيل منه.. لم يكن ذلك معلناً فالجماعة كانت تدرك جيداً أنها لو تجاوزت فسوف تجلب لنفسها متاعب لا طاقة لها بها.. لكن الحال تبدلت تماماً بعد 25 يناير.. فى الأيام الأولى من الثورة كان المتظاهرون يطلبون الحماية منه بمن فيهم أعضاء الجماعة الفاشية.

ولما اشتد الأمر لم يكن أمام نظام مبارك سوى نزول الجيش بدلاً من الشرطة فى الشوارع والميادين بطول مصر وعرضها.. نزل الجيش ولم تمتد يده بسوء للمصريين.. حافظ على أرواحهم وقام بحماية مطالبهم.. هتف له الجميع «الجيش والشعب إيد واحدة» الهتاف الذى كان تعبيراً حقيقياً عن العلاقة بين الجيش والشعب، ولمَ لا ولكل بيت فى مصر ممثل عنه فى الجيش ينتمى له ويؤمن به.

كراهية الجماعة لضباط 23 يوليو دفعتها لتشويه ضباط 25 يناير و30 يونيو

تخلى مبارك عن السلطة تاركاً للمجلس العسكرى إدارة شئون البلاد، تركها وترك معها تركة ثقيلة جداً لا تتحملها الجبال.. وجد المجلس العسكرى نفسه فى قلب الأحداث السياسية.. خرج من ثكناته وهو غير مدرب على حيل السياسيين وصفقاتهم.. خرج وهو غير مدرب على ألاعيب الكيانات السياسية والتكتلات التى تشكلت بعد 25 يناير، والتزم المجلس العسكرى ضبط النفس، وكان على مسافة واحدة من الجميع.. يلتقى بكل الكيانات والتيارات لا ينحاز لأحد مهما بالغ فى مغازلته.

كان هدف المجلس أن يعبر بالوطن فى المرحلة الانتقالية لبر الأمان.. كان هدفه عدم إراقة الدماء والاقتتال فى الشوارع للفوز بغنائم سياسية على حساب أرواح المصريين وعلى حساب الأمن القومى للبلاد.. أهداف المجلس العسكرى لم تأت على هوى الجماعة الفاشية.. الجماعة التى كانت تريد المجلس العسكرى لها لوحدها.. تريد أن يضع ثقته الكاملة فيها ولا أحد سواها.

كانت تريد ذلك لتحصل على ما خططت له مسبقاً.. صورت الجماعة الفاشية للمجلس العسكرى أنها القوة الوحيدة المنظمة على الأرض.. القوة الوحيدة القادرة على الحشد.. القوة الوحيدة التى يمكنها أن توجه المتظاهرين لما تريده.. أثبتت الجماعة للمجلس العسكرى ذلك على الأرض، وسعت بكل ما أوتيت من قوة لإرهاقه بدفع أبناء التنظيم والخارجين من رحمه بمحاصرة مقراته والهتاف ضده فى ميدان التحرير.. كالعادة دفعت الجماعة أبناءها للخروج فى الميادين بينما استمر قياداتها فى مغازلة أعضاء المجلس العسكرى.

لقد جاء فى إحدى الوثائق: «من الناحية السياسية والدستورية يمتلك المجلس العسكرى موارد حركة متعددة إلا أنه ما زال ضعيفاً أمام حملات الإعلام وأى ضغوط سياسية خاصة إذا ما اقترنت بحركة الشارع، وإن محاولة احتواء قوته أيسر فى هذه المرحلة التى ما زال فيها الدستور محل صياغة والرئيس محل انتخاب.. حيث إن سيولة المشهد السياسى تجعل الضغوط على المجلس العسكرى أكثر فاعلية من مراحل مقبلة.. فقواعد اللعبة السياسية لمصر ما بعد يوليو ما زالت فى مرحلة التشكل، ولا بد من العمل بكافة الجهود على الدفع بمنظومة توازن قوة تحاصر الدور السياسى للمؤسسة العسكرية فى المرحلة المقبلة قبل أن تفوت الفرصة، وعلى الرغم من أهمية الجدية فى الشروع بسحب الثقة ووضوح دلالاته فإن الملاحظ أداء متضارب من حزب الأغلبية فى هذه المسألة، فبينما يستمر التأكيد من جانب كل من الجماعة والحزب على أهمية الحكومة الائتلافية وسحب الثقة لأكثر من شهر إلا أن الحركة الفعلية فى هذا الاتجاه تظل غائبة، فخطاب الشكوى ونقد الحكومة هو المستمر مع الحديث أكثر عن مخاطبة المجلس العسكرى لإقالة الحكومة أكثر من الضغط عليه بسحب الثقة.. الخطورة تنبع من استمرار تصعيد القول دون فعل.. فهذا الخطاب لا يجب الركون إليه إلا إذا توافرت إرادة حقيقية لتطبيقه، لأن مكاسب الضغط به بدون فعل أقل بكثير من خسائر فقدان المصداقية أمام الرأى العام وأيضاً أمام المؤسسات الأخرى المناوئة، مثل الحكومة والمجلس العسكرى.. فإذا كانت الحسابات السياسية استقرت على إرجاء تشكيل الحكومة الانتقالية إلى مرحلة لاحقة فمن الأجدر أن يتم الاكتفاء بالتلويح بسحب الثقة فى المفاوضات مع الدوائر الرسمية ولا يتم طرحها فى الساحة العامة وبمثل هذه الكثافة وهذا الإلحاح».

ما جاء فى هذه الوثيقة يكشف كيف تفكر هذه الجماعة.. الجماعة التى عملت فيها «ستين عتريس» لسحب الثقة من الحكومة لم تكن جادة فى أمرها.. لم يكن هذا من أجل الله والوطن.. كان من أجل مزيد من المكاسب الخاصة فقط لا غير.. الوثيقة ترى أنه كان من الواجب التلويح بسحب الثقة مع «العسكرى» فى اللقاءات الخفية بالغرف المغلقة وألا يخرج هذا التهديد للرأى العام، فبخروجه خسرت الجماعة وفقدت مصداقيتها.

التنظيم فشل فى استمالة المشير طنطاوى بمظاهرات التأييد وهتاف «يا مشير انت الأمير»

الجماعة كانت تدرك أن المواجهة العلنية مع المجلس العسكرى سوف تفقدها رصيدها فى الشارع، والأهم خوفها من أن يدير المجلس العسكرى ظهره لها.. كان إيمان المصريين بالمجلس العسكرى مطلقاً، ولو حاول أى كيان سياسى مهما كان حجم وجوده فى الشارع أن يقحم نفسه فى هذه العلاقة سوف يخسر.. الجماعة نجحت فى استخدام أبنائها والخارجين من رحمها فى الضغط على المجلس بتنظيم المظاهرات، وفشلت فى أن تستخدم وسائل الإعلام المختلفة اللهم إلا بعض وسائلها الخاصة و«الجزيرة مباشر مصر» على رأسها.

كانت تعرف أن كثيراً من الصحفيين والإعلاميين يدركون حقيقتها بعيداً عن التوجيه.. كان إيمانهم بالجيش ثابتاً قبل 25 يناير وبعدها.. فى هذه الفترة كانت الجماعة تريد أن تنفرد بكل شىء بعيداً عن المجلس العسكرى.. كانت تسعى، وكما قلت سابقاً، أن تكتب الدستور بعيداً عنه لأنها كانت كتبت الدستور وحرصت على ألا يكون لأى من مؤسسات الدولة ولا المؤسسة العسكرية أى وضعيات خاصة فى الدستور، وأنه فى حال إقرار وجود مجلس أمن وطنى فى الدستور فسيكون ذا أغلبية مدنية ويكون دوره فى الإطار الاستشارى.

ولأن المجلس العسكرى كان واضحاً منذ البداية، وحدد أهدافه المهمة، وهى الحفاظ على هذا الوطن والبقاء على مسافة واحدة من الجميع.. لم تعجب هذه الأهداف الجماعة الفاشية، لذلك لم تكتف بالضغط عليه ولا على المؤمنين به والمتحالفين معه.. تركت الجماعة الفاشية مساحات كبيرة لفضح المتحالفين والمؤمنين دون أن تتبنى ذلك بشكل رسمى.

كما نظمت حملات لطرق الأبواب وقوافل الأحياء والشوارع لفضح الحكومة وقتها وما يسمى بممارسات المجلس العسكرى، بالإضافة إلى تبنى بعض الوقفات المجمعة المنتشرة فى المناطق المختلفة كمسيرات ضغط وتحفيز، وتدشين حملة لاستكمال وتحقيق مطالب الثورة، ولتكن البداية من الجامعات ثم يتم تبنيها.

هذا ما جاء فى وثائق الجماعة والتى تؤكد أنها تراوغ وتضلل لكى تقتنص كرسى الحكم.. تراوغ وتضلل وتضغط ربما يمل المجلس العسكرى فينسحب من المشهد وتنفرد هى بنا جميعاً.. تنفرد بنا فى ظل عدم اجتماع التيارات السياسية على مختلف توجهاتها على هدف بعينه، هى من هتفت ليس للجيش فقط وإنما هتفت للمشير محمد حسين طنطاوى: «يا مشير انت الأمير» عندما كانت تستهدف أن يكون المجلس لها لوحدها، ولما فشلت دفعت أبناءها للهجوم على المشير طنطاوى وعلى أعضاء المجلس العسكرى.

كانت الجماعة الفاشية تبقى على الشعرة المعلقة بينها وبين المجلس حتى استفتاء 19 مارس المعروف بـ««غزوة الصناديق».. كانت الأمور على ما يرام حتى خرج علينا على السلمى بوثيقة رأت بعض القوى السياسية أنها تمنح الجيش حصانة دستورية، وتمنحه حق التدخل متى شاء.. هنا تبدل الحال تماماً، وكشّرت الجماعة الفاشية عن أنيابها وأطلقت أبناءها وحرضت كثيرين -اكتشفنا فيما بعد أنهم يعملون وفق أجنداتهم الخاصة- للهتاف ضد المجلس العسكرى.

وهو الهتاف الذى كان يزعج كل من ينتمى إلى هذه المؤسسة.. هتاف ترك فى صدورهم جرحاً غائراً يستحيل أن يطيب بسرعة.. الهتاف كانت وراءه قوى سياسية كانت تريد الحكم لنفسها لا لأحد آخر، وتحمس له نشطاء ومتظاهرون هم أنفسهم من استدعوا الجيش فيما بعد وطلبوا منه الحماية وطلبوا ألا يتركهم فريسة للجماعة الفاشية.

خرج المتظاهرون ضد وثيقة «السلمى» بتحريض من الجماعة الفاشية، وجرت أحداث عنف فى أماكن كثيرة أملاً فى أن يترك المجلس الميدان، ولم يفعلها المجلس وظل صامداً خوفاً من إراقة الدماء.. جرى الضغط من قبل الجماعة والخارجين من رحمها لكى تتم الانتخابات البرلمانية، وقد تمت بالفعل، ولو لم يوافق المجلس وقتها على إجرائها لخرجت علينا الجماعة والخارجون من رحمها فى الشوارع كالمغول، والتعبير للشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى.

كانت الجماعة والخارجون من رحمها يعرفون أنهم سوف يفوزون بالأغلبية فى هذه الانتخابات.. فالفوضى عارمة وهى المناخ المناسب -وكما قلت سابقاً- لهذه الجماعة.. تستثمرها جيداً لتحصد المكاسب.. هم كانوا أكثر تنظيماً واستعداداً.. البرلمان الذى لم يهنأوا به بعد حكم المحكمة الدستورية ببطلانه، وهو الحكم الذى كان صفعة للتيارات الإسلامية وخلق فجوة كبيرة بين المجلس العسكرى والجماعة على وجه التحديد.. الحكم الذى جعلها متحفزة ضده طوال الوقت.. جعلها تسعى للتخلص منه بأى شكل.

فرح المصريون بحل البرلمان لكن فرحتهم لم تدم طويلاً بعد الانتخابات الرئاسية.. قبل أن تعلن النتيجة بفوز مرسى أصدر المجلس العسكرى إعلاناً دستورياً مكملاً للحفاظ على مدنية الدولة، وهو الإعلان الذى فرح به كثيرون ممن يؤمنون بخطر هذه الجماعة.. خاصة أننا كنا مقبلين على الانتخابات الرئاسية ولا نعرف من سيكون الفائز فيها.. فرحنا لأننا نؤمن بأن الجيش هو الضمانة الحقيقية لأمن هذا البلد وأمانه والحافظ لأرضه وعرضه.

كان هناك من لم يرتض بهذه الخطوة، ولم يُرضه الإعلان الدستورى.. كان فى مقدمتهم الجماعة الفاشية التى كانت تمنّى نفسها بكرسى الرئاسة ورأت أن الإعلان الدستورى يكبلها، وكانت هناك شخصيات سياسية باركت هذا الإعلان على المقاهى، وقالت إنها ضربة معلم لكنها على الفضائيات وخاصة قناة الجزيرة أعلنت أنهم ضد هذا الإعلان.. فعلوها من باب التجارة مثلهم مثل كثيرين استثمروا هذا المناخ للظهور وفرض الهيمنة وتحقيق المصالح الشخصية وليذهب الوطن للجحيم.

لم تنس الجماعة، عندما اقتنصت كرسى الحكم فى غفلة، ما فعله المجلس العسكرى طوال المرحلة الانتقالية.. لم تنس مقاومته لألاعيبها بعد أن تكشّف وجهها الحقيقى.. اقتنصت كرسى الحكم وألغت هذا الإعلان الدستورى ليصدر مرسى إعلاناً دستورياً جديداً لحماية جماعته وعشيرته.. إعلان دستورى ديكتاتورى يقتل الحياة السياسية فى مصر بل ويقتل الحياة نفسها، وهو الإعلان الذى دفع المواطنين للخروج على الجماعة بشكل مكثف، وهو الذى أشعل النار من تحتها وبدأت بوادر التخلص منها وإزاحتها من كرسى الحكم.

كانت الجماعة واضحة مع نفسها.. ألغت الإعلان الدستورى بإعلانها الجديد، وأطاحت باللواء مراد موافى، رئيس جهاز المخابرات العامة، واللواء حمدى بدين، رئيس الشرطة العسكرية.. كانت الظروف كلها مهيأة أمامها للتخلص من المشير محمد حسين طنطاوى وزير الدفاع ومعه رئيس الأركان.. كانت النية مبيتة للإطاحة بالاثنين، فبعد فوزه بالرئاسة مباشرة ألقى محمد مرسى خطاباً فى جامعة القاهرة قال فيه إنه على الجيش أن يعود إلى ثكناته، ولم ينس أن يقدم له الشكر على حمايته للثورة.. أما فى خطابه بالهايكستب فقد طلب محمد مرسى من الجيش أن يبقى لحماية الجبهة الداخلية.. ما قاله فى الهايكستب لا يعنى أن جماعته سوف ترضى عن القوات المسلحة.. لا يعنى أنه سيكف عن إيذاء الجيش بأى شكل من الأشكال.

الإطاحة بالمشير طنطاوى ربما كانت لا تمر مرور الكرام لكن الجميع آثر المصلحة العليا للوطن فوق كل شىء.. مضى المشير إلى حال سبيله وتولى الفريق عبدالفتاح السيسى وزارة الدفاع.. كان ما يعنيه -وبدا واضحاً لنا- تحديث الجيش ورفع كفاءة من ينتمون إليه.. كان يفعل ذلك بعيداً عن إقحام الجيش فى الأحداث السياسية.. من الأمور المهمة التى نجح فيها أن يعيد الانسجام بين الجيش والداخلية من جديد.

كان هناك احتقان بدأ يوم جمعة الغضب 28 يناير.. اليوم الذى طلب فيه مبارك من الجيش أن ينزل إلى الشوارع للسيطرة على المظاهرات وتأمين المؤسسات، وهو القرار الذى أزعج حبيب العادلى وزير داخليته ورأى أنه تأكيد على فشل الداخلية.. رأى أنه يعلى من شأن ضباط الجيش على حساب رجاله، فقد كان مؤمناً أن الداخلية هى الجيش الذى يحمى النظام.. وقتها قال العادلى جملته الشهيرة «خليهم يحموك».. فى هذا اليوم نزلت للشوارع قوات الحرس الجمهورى وليس ضباط الجيش، الذين لم ينزلوا إلا بعد أن عاد الفريق سامى عنان من أمريكا.. لحظة التسليم والتسلم كانت قاسية جداً على ضباط الداخلية.. تركت جرحاً غائراً فى صدورهم.

لكن عندما جاء عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع قادماً من المخابرات الحربية كان يعلم جيداً ما فى نفوس ضباط الداخلية، لذلك كان حريصاً على أن يلتقى بوزير الداخلية السابق أحمد جمال الدين بانتظام، منها لقاؤه به بنادى ضباط الشرطة، وهو اللقاء الذى حضره قيادات القوات المسلحة والداخلية.. كان «السيسى» حريصاً على أن يقول إن مصر تحتاج إلى الشرطة والجيش ليكونا يداً واحدة ليضربا المثل والقدوة للجميع فى خدمة الوطن وأمنه واستقراره، وإن القوات المسلحة بكل قدراتها تدعم الشرطة لمواصلة دورها الوطنى ومسيرتها الناجحة.. كان «السيسى» واعياً بكل كلمة يقولها، ربما يزيل ما فى الصدور.. ربما يداوى به جرح 28 يناير.

خرجت شائعة إقالة وزير الدفاع بعد قيام القوات المسلحة بضبط كميات من المتفجرات كانت ستخرج من سيناء إلى غزة

بدت هذه الخطوة مزعجة للجماعة الفاشية.. الجماعة التى كانت حريصة على أن يظل هذا الاحتقان حتى وهى فى الحكم لكى تتلاعب بالمؤسستين بما يخدم أهداف التنظيم.. نجح الفريق السيسى فى إعادة الانسجام بين الجيش والشرطة.. كان من بين الأمور التى رأيناها أيضاً أن الفريق السيسى رأى خطر الإرهاب مبكراً مقبلاً إلينا من سيناء وعبر حدودنا الشرقية.. فبدأ الجيش حملاته هناك بتدمير الأنفاق وضبط صواريخ ومتفجرات فى طريقها إلى غزة، وهو ما أزعج قادة حماس وبالتالى أزعج الجماعة الفاشية وقادتها.

إزعاج الجماعة دفعها لإطلاق شائعة إقالة الفريق عبدالفتاح السيسى.. الشائعة التى ما إن وصلت إلى الجيش -ضباطاً وقادة- حتى انفجروا غضباً.. رأوا أنها نيل من المؤسسة العسكرية التى لن يسمحوا لأحد بأن يقترب منها أو يتعامل مع قادتها باستهانة.. الشائعة اعتبرها كثيرون لعباً بكرة لهب سرعان ما ستتضخم حتى تصل إلى انفجار لن يستطيع أحد أن يحتوى آثاره.. فهم لن يقبلوا أن يتم التعامل مع الفريق عبدالفتاح السيسى بنفس الطريقة التى تعاملوا بها مع المشير طنطاوى.

فقد أقالوه فى غمضة عين، ولولا أن خليفته كان عبدالفتاح السيسى ما مر خبر إقالة طنطاوى على خير.. ما جرى وقتها يؤكد أن هناك من يتربص بالقوات المسلحة وجرها إلى ما لا تحب.. فالقادة أعلنوا أكثر من مرة أنهم انسحبوا من الحياة السياسية ولا يريدون المشاركة فيها لأنهم عانوا كثيراً منذ 25 يناير.. سمعوا خلالها ما لم يسمعوه طوال تاريخهم.. هتافات لم يكن أحد يمتلك الجرأة أن يهمس بها لا أن يرددها علناً.

لذلك آثروا الانسحاب من الحياة السياسية بعد انتخابات الرئاسة.. تجنبوا الصراعات بين الأحزاب وجماعة الإخوان الحاكمة.. حتى بعد أن انفجرت الأحداث فى وجه محمد مرسى وجماعته لم تقترب القوات المسلحة ولم تورط نفسها من جديد، رغم دعوة الكثيرين لها ومنهم نشطاء وثوريون بالتدخل، وفى كل مرة ترفض القوات المسلحة التدخل.. مع كل مظاهرة غاضبة يقع فيها شهداء تتجدد الدعوة، والقوات المسلحة ترفض وتراهن على الحوار بين من يحكمون والمعارضة.

كانت تريد أن ينتهى هذا الصراع بالحوار لا بالقوة.. التزمت القوات المسلحة بضبط النفس، فهى لا تستجيب لمن يريد أن يورطها مع الشعب، وهو ما أكد عليه القيادات أكثر من مرة وفى أكثر من مناسبة.. أعلنوا أن ولاء القوات المسلحة للشعب وأنها لن تنحاز إلى فصيل على حساب آخر.. أكدوا أيضاً أن الجيش لن يكون لعبة فى يد أى نظام.

شائعة إقالة الفريق السيسى أكدت لنا أن الجماعة الفاشية والحاكمة منزعجة مما تفعله القوات المسلحة فى سيناء، وهو انزعاج لا محل له خاصة أن قواتنا لن تسمح لأحد مهما كان شأنه أن يتدخل فيما تراه حماية لهذه الأرض وسيادتها.

لقد خرجت شائعة إقالة وزير الدفاع بعد قيام القوات المسلحة بضبط كمية ضخمة من المتفجرات كانت ستخرج من سيناء إلى غزة، وهذا لم يكن ليرضى قادة حماس.. أيضاً قامت القوات المسلحة بإغراق مجموعة من الأنفاق عبر الحدود مع غزة بمياه الصرف الصحى، وهو ما يعنى تدميرها.. هذه الخطوة أغضبت قادة حماس وبالتالى فإن غضبهم سيزعج الجماعة.. فهم أبناء تنظيم واحد، هو التنظيم الدولى.

الحمساويون غاضبون من هذه الخطوة بل وأعلنوا هذا الغضب حتى إن واحداً منهم قال إن مبارك كان يحاصرنا لكننا كنا نلعنه لكن محمد مرسى يحاصرنا ونضطر إلى شكره.. الحمساويون تعمدوا إظهار الغضب لكى يتحرك مرسى ويتخذ قرارات فى صالحهم كما حدث فور توليه السلطة.. الحمساويون غاضبون لأن هذه الأنفاق هى الحياة بالنسبة لهم.. يجرى استخدامها ليس فى تهريب الوقود ومواد البناء والمواد الغذائية وإنما فى تهريب الأسلحة والمتفجرات، وهو ما تريده حماس.

والقوات المسلحة -منذ استشهاد 16 جندياً من أبنائها فى رمضان أثناء حكم الجماعة- أغلقت عدداً كبيراً من الأنفاق رأت أنها تهدد الأمن القومى.. فعلت ذلك لتحكم سيطرتها على الأمن فى سيناء.

القوات المسلحة أمنت المنشآت الحيوية ووفرت السلع الغذائية وكلها أفعال قرّبتها للمواطنين

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل