مسارات مصر في القضية الفلسطينية.. مبادرات مصالحة وإيقاف التصعيد وإعادة الإعمار

مسارات مصر في القضية الفلسطينية.. مبادرات مصالحة وإيقاف التصعيد وإعادة الإعمار

منذ حوالي شهر واحد

مسارات مصر في القضية الفلسطينية.. مبادرات مصالحة وإيقاف التصعيد وإعادة الإعمار

ظلت مصر على مدار عقود الحاضن الأكبر لقضايا العرب الأشقاء، إذ سجل التاريخ مساهمات عديدة للدولة المصرية في إنهاء الأزمات في المنطقة العربية وإعادة الاستقرار، وكانت القضية الفلسطينية دومًا خلال كل المراحل التي مرت بها المنطقة منذ عام 1948 حاضرة بقوة على مستويات عدة في الذهنية السياسية والشعبية المصرية.\nوكانت المساندة السياسية الدائمة من جانب القاهرة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهي المظلة الجامعة لكل الفصائل الفلسطينية، خلال فترة الكفاح المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما جرى تدشينه عبر مشاركة مصر في القمة العربية الثانية في الإسكندرية عام 1964، التي رحبت بقيام منظمة التحريرالفلسطينية، واعتمدت قرار المنظمة بإنشاء جيش للتحرير الفلسطيني، بحسب ما جاء في تقارير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية.\nلم يتوقف الدعم المصري للقضية الفلسطينية\nلم يتوقف الدعم المصري للقضية الفلسطينية خلال السنوات الماضية، واستمر هذا الدعم واتخذ أشكالًا أخرى، خاصة بعد أن دخلت منظمة التحرير في إطار عملية تفاوضية مع تل أبيب، بداية من اتفاقية «غزة - أريحا» وصولًا إلى اتفاقية أوسلو للسلام عام 1993، علمًا بأن مصر حاولت خلال تفاوضها مع إسرائيل لتوقيع اتفاقية كامب ديفيد أن توجد آلية لسلطة حكم ذاتي فلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، لكن حال غياب منظمة التحرير عن هذه الجهود حينها دون التوصل إلى اتفاق حول هذا الأمر خلال عامي 1979 و 1980.\nالاهتمام المصري الدائم بالملف الفلسطيني على كل المستويات تم التأكيد عليه بشكل مستمر خلال المراحل اللاحقة لتوقيع اتفاقية أوسلو، وصولًا إلى الواقع المعاش حاليًا، إذ أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، في مناسبات عدة استمرار مصر في جهودها الدؤوبة تجاه القضية الفلسطينية لكونها من ثوابت السياسة المصرية ومواصلة بذل الجهود لاستعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة.\nمسار المصالحة الوطنية من أولويات مصر\nوكان مسار المصالحة الوطنية من أولويات مصر في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، إذ تولت مصر منذ نوفمبر 2002 رعاية الحوار الفلسطيني - الفلسطيني، عبر جولات متكررة استهدفت تحقيق الوفاق الفلسطيني، لكن أدت الأحداث التي شهدها قطاع غزة في يونيو 2007 إلى تكريس حالة الانقسام والخلاف بين قطاع غزة والضفة الغربية، ودخل ملف المصالحة الفلسطينية في جمود شبه كامل خلال السنوات التالية، إلى أن أعادت القاهرة تفعيل هذا المسار في أبريل 2011 عبر استضافتها اجتماعًا ضم ممثلين عن حركة فتح وحماس، جرى خلاله الاتفاق على بنود وثيقة للوفاق الوطني وجرى بحث آليات تنفيذها في ديسمبر 2011 خلال اجتماع استضافته القاهرة أيضًا للفصائل الفلسطينية.\nاستمرت المساعي المصرية لتفعيل هذا المسار الذي كلما تمت فيه خطوة أصابه الجمود مرة أخرى إدراكًا من القاهرة أن توحيد الرؤى الفلسطينية هو المسار الوحيد الذي من خلاله يمكن إيجاد حلول دائمة للقضية الفلسطينية.\nوتكللت الجهود المصرية بالنجاح في أكتوبر 2017، عبر رعايتها اتفاقًا تاريخيا للمصالحة الفلسطينية، وقعته حركتا التحرير الوطني الفلسطيني فتح حماس، جرى بموجبه الاتفاق على توحيد المؤسسات الحكومية وتمكين الحكومة الفلسطينية من ممارسة مهامها والقيام بمسؤولياتها كاملة في إدارة شؤون قطاع غزة كما في الضفة الغربية.\nويبقى الاجتماع الأهم بالنظر إلى التحديات التي شهدها الملف الفلسطيني على المستويين الميداني والسياسي خلال العامين الماضيين - الذي استضافته مدينة العلمين في يوليو الماضي، ليس فقط من أجل دفع مسار التواصل والتعاون والحوار بين هذه الفصائل، بل أيضًا المواجهة تصاعد السياسات الإسرائيلية القمعية ضد الشعب الفلسطيني، والمتمثلة بالاقتحامات والعمليات العسكرية المتكررة وبناء المستوطنات.\nمصر تدعم كل المؤتمرات والمبادرات السلمية لحل القضية الفلسطينية سلميًا\nوفيما يتعلق بمسار السلام وإيجاد حلول سلمية للقضية الفلسطينية، دعمت مصر كل المؤتمرات والمبادرات السلمية في هذا الصدد، ولا تزال تضع في سلم أولوياتها التحرك في هذا الصدد على قاعدة إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وضمن مسار حل الدولتين.\nلذا كانت مواقفها المعلنة من بعض المبادرات السلمية التي جرى طرحها خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة متسقة مع هذه القاعدة، ومن بينها المبادرة الأمريكية التي أعلنت أوائل عام 2020 والمعروفة إعلاميًا باسم «صفقة القرن»، إذ دعت كل الأطراف المعنية إلى الدراسة المتأنية للرؤية الأمريكية في هذا الصدد، ثم عادت وأكدت دعمها الثابت والكامل للقضية الفلسطينية العادلة وللقيادة الفلسطينية الشرعية، وإصرارها على إحلال السلام والتوصل إلى تسوية تعيد للشعب الفلسطيني كامل حقوقه المشروعة من خلال إقامة دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وذلك وفق الكلمة التي ألقاها وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال الاجتماع الطارئ الذي عقدته الجامعة العربية في فبراير 2020.\nالمسار المصري في الأحداث الحالية بغزة\nوفيما يتعلق بأحداث قطاع غزة، فالمسار المصري في مثل هذه المناسبات يتضمن السير في عدة مستويات مختلفة، أولها وقف العمليات العسكرية وفرض هدنة لدواعي إنسانية، ثم الانتقال بعد ذلك إلى وقف طويل الأمد الإطلاق النار سيرتبط بطبيعة الحال بشروط ومطالب متعددة من كلا الطرفين، وهو ما يحتاج إلى وسيط نزيه يتمتع بثقة الجانب الفلسطيني، ويرتبط في نفس الوقت بعلاقات مع الجانب الإسرائيلي تسمح له بممارسة مهام الوساطة.\nوذلك يتوفر بشكل كامل في الجانب المصري الذي لعب دور البطولة في التوصل للتهدئة خلال جولة مايو 2021 التصعيدية، وهو ما أسفر عن إيقاف هذه الجولة العنيفة من القتال.\nالنجاح المصري في هذا الصدد دفع بعض الأطراف الغربية - التي كانت تفكر في انتهاج سلوك مناهض للدولة المصرية - إلى التراجع عن موقفها والإقرار بأهمية ومحورية الدور المصري، ناهيك عن إقرار القوى الدولية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، بفاعلية الدور المصري في هذه الأزمة، وهو ما عبر عنه الرئيس الأمريكي جو بايدن، عقب التوصل إلى اتفاقية التهدئة، عبر اتصال هاتفي جمعه والرئيس عبد الفتاح السيسي، أعرب فيه جو بايدن، عن امتنانه الصادق له وفريق الوساطة الذي شكله للعبهم الدور الحاسم في المسار الدبلوماسي لهذه الأزمة.\nالإغاثة وإعادة الأعمار جزء أصيل من الجهد المصري\nاللافت في هذا الإطار أن مصر لا تكتفي فقط بالعمل على إيقاف التصعيد والقتال، فمهام الإغاثة وإعادة الأعمار تبقى جزءًا أصيلًا من هذا الجهد وبجانب القوافل المتعددة من المساعدات المصرية التي تمر بشكل دوري عبر معبر رفح، تعهدت مصر عقب جولة مايو 2021 التصعيدية بالعمل بشكل ميداني أكبر على إعادة إعمار قطاع غزة، وخصصت لهذا الغرض مبلغ يعد الأضخم في تاريخ القضية الفلسطينية نصف مليار دولار، وهو ما وسع بشكل كبير من هامش الدور المصري في الملف الفلسطيني، ليصبح ذا اتجاهات مختلفة.\nوبالعودة إلى المشهد الحالي، تقود مصر جهودًا دبلوماسية مكثفة للحيلولة دون الذهاب إلى مواجهة مفتوحة بين الفلسطينيين والإسرائيليين خلال المواجهة الجارية حاليًا في قطاع غزة.\nمصر تحذر من مخاطر وخيمة للتصعيد\nوحذرت مصر من مخاطر وخيمة للتصعيد الجاري بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، في أعقاب سلسلة من الاعتداءات ضد المدن الفلسطينية، لذا تواصلت الرئاسة المصرية خلال اليومين الماضيين مع عدة أطراف دولية، من بينها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في حين أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري، مشاورات مع وزيري خارجية الأردن والسعودية، وتواصل هاتفيًا مع كل من أنتوني بلينكن وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، وسيرجي لافروف وزير خارجية روسيا الاتحادية، وكاترين كولونا وزيرة خارجية فرنسا، وهاكان فيدان وزير خارجية تركيا، والشيخ عبد الله بن زايد وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة.

الخبر من المصدر