المحتوى الرئيسى

من يقف وراء سقوط طائرة رئيس إيران؟

05/21 07:42

حادث مفاجئ في أجواء حرب صهيونية فلسطينية تزلزل المنطقة منذ ثمانية أشهر، الحادث يمس طرفًا غير مباشر –لأغلب الوقت- في الحرب الدائرة، وهو إيران الداعم الأساس للمقاومة الفلسطينية، لكن إيران كانت طرفًا مباشرًا أيضًا، لليلة واحدة، ضربت خلالها مسيرات وصواريخ طهران البالستية أراضي فلسطينية محتلة، منها موقعًا عسكريًا في صحراء النقب؛ بخلاف مشاركة أذرع إيرانية في الحرب؛ هي حزب الله اللبناني وحركة أنصار الله الحوثية اليمنية والمجموعات العراقية المسلحة.

الحادث هو ما سمّته وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية بـ"هبوط اضطراري لطائرة رئيسي"، من بين ثلاث طائرات كوّنت موكب الرئيس الإيراني إلى محافظة أذربيجان الشرقية شمال غرب إيران، ومعه وزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان، بعد قمة بين إبراهيم رئيسي وبين الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف عند سد "يز قلعه سي" المشترك على الحدود بين البلدين.

الخطاب الإيراني الرسمي ربط الحادث بسوء الأحوال الجوية وكثافة الضباب، -وهو سبب قد يكون واقعيًا-، فيما برر تأخر 65 فريقًا للإنقاذ في الوصول لمكان الطائرة -ومن ثم إعلان خبر النتيجة النهائية للحادث وهو الوفاة-، بصعوبة التضاريس في منطقة تكثر فيها الجبال والبراكين والغابات وتقل الطرق البرية.

ولكن يقول المثل الفصيح: "الشيطان يكمن في التفاصيل"، والتفاصيل -وهي هنا سقوط طائرة الرئيس فقط من بين ثلاث طائرات في الموكب- تقودنا أولا إلى إسرائيل، من بين أعداء إيران الكثيرين.

فإيران تحت حكم إبراهيم رئيسي، كانت أول دولة يجرؤ سلاحها على الوصول إلى العمق الإسرائيلي، بل إلى تل أبيب، بعد "عراق صدام حسين"، الذي شهد نهاية مأساوية، وبعد المقاومتين اللبنانية والفلسطينية، اللتين تضربان بسلاح إيراني.

ولرئيسي تهديد شهير عقب الضربة الإيرانية للكيان الصهيوني بإزالة إسرائيل من على الخريطة، إذا أقدمت على ضرب إيران.

وقبل أن تُوجَّه إليها أصابع الاتهام، سارعت تل أبيب إلى نفي علاقتها بحادث طائرة الرئيس الإيراني، إلا أن إعلامها اتخذ لغة ساخرة، معلنًا –قبل الجميع- "مقتل الرئيس الإيراني".

الطرف الثاني في قائمة الاتهام، الجار اللدود أذربيجان، وهي دولة تشترك مع إيران في المذهب الشيعي، وينتمي إلى عرقها ربع الشعب الإيراني، منهم مشاهير ونافذون على رأسهم آية الله خامنئي، المرشد الأعلى الحالي في إيران، ومير حسين موسوي -رئيس وزراء إيران لفترة طويلة قبل إلغاء هذا المنصب، وهو محسوب على الإصلاحيين حاليًا-، وأيضًا رجل الدين الراحل محمد كاظم الشريعتمداري، وزوجة شاه إيران فرح ديبا، ولاعب كرة القدم الإيراني الأشهر علي دائي.

العداء مع أذربيجان وراؤه أربعة أسباب، أولاها: مخاوف إيران من أحلام الأذريين في دولة كبرى تجمع كل هذا العرق، هذا الحلم الذي تمتد رؤاه إلى محافظة أذربيجان الشرقية في إيران.

ولأذربيجان، علاقة وثيقة بعدو إيران؛ إسرائيل، إذ أن الأخيرة هي المصدر الأساس في تسليح أذربيجان خلال حربها الممتدة مع أرمينيا على أرض إقليم ناجورنو كاراباخ، وكذا لأنها على علاقة وثيقة أيضًا مع تركيا، -المنافس السني لإيران في الإقليم-، لأن الأذريين والأتراك ينتميان لنفس العرق.

وتسببت استعادة أذربيجان لإقليم ناجورنو كاراباخ، في قطع طريق بري هام، للتجارة الإيرانية.

وتعلن إيران كثيرًا مخاوفها من استغلال إسرائيل للأراضي الأذرية في ضرب إيران المجاورة، رغم تأكيدات العاصمة الأذرية باكو بأنها لن تسمح بذلك.

يبقى أن نقول إن أذربيجان لا تملك القوة التي تمكنها من القيام بمثل حادث طائرة رئيسي هذه، بتلك المهارة والصمت، وبلا توابع ولا أثر.

الولايات المتحدة تستطيع أن تفعلها.. إنها الطرف الأقوى بين أعداء إيران.

البيانات الرسمية الأمريكية اكتفت بإعلان أن الرئيس جو بايدن قطع إجازته وعاد للبيت الأبيض، لمتابعة تقارير الحادث، عن كثب.

لكن موقعًا مصريًا ليس شهيرًا، زعم أن "طائرة من طراز C-17 تابعة لأمريكا كانت في أذربيجان وقت سقوط طائرة الرئيس الإيراني، وغادرت إلى إسرائيل".

الموقع قال إن معلومته "الغريبة" مستقاة من صفحة موقع "الصين بالعربي" على تويتر، وهو ما لم نجده.

العلاقة بين إيران والولايات المتحدة، تحولت إلى عداء صريح منذ الثورة الإسلامية التي جاءت بآية الله الخوميني على رأس السلطة، في طهران، حين حاصر الطلاب الثوريون السفارة الأمريكية في طهران، وأسروا موظفيها لديهم، وردت واشنطن بفرض مقاطعة اقتصادية –هي وحلفاؤها- على النظام الإيراني امتدت حتى الآن إلى نحو 45 سنة، وساندت خلالها أمريكا كل أعداء إيران، بداية بحرب "عراق صدام" ضد إيران، حتى التراشق بالمسيرات مع إسرائيل.

ورغم المناوشات الأخيرة التي كان مسرحها الأراضي والمياه المجاورة، إلا أن إبراهيم رئيسي يعد الرئيس الإيراني الذي شهدت حقبته الجلسات الأكثر مع الأمريكان والغرب؛ معظمها مفاوضات كانت سرية، كتلك التي تردد حدوثها عقب حملة المسيرات الإيرانية على إسرائيل، أو جلسات علنية كمفاوضات الاتفاق على توجيه البرنامج النووي الإيراني.

واشنطن متهمة أيضًا بشكل غير مباشر في سقوط طائرة رئيسي، فالمقاطعة الاقتصادية التي فرضتها على إيران، وراء عدم تحديث أسطول إيران الجوي، لا بطائرات جديدة ولا بقطع غيار، منذ ما يقرب من نصف قرن.

نأتي إلى الأطراف الداخلية، أعداء نظام الملالي من داخل إيران نفسها، وهنا نجد تحالف الإصلاحيين والأذريين؛ فالعرق الأذري هو الذي يمد ائتلاف جبهة الإصلاح -يضم 18 جماعة وحزبًا سياسيًا- بجمهور المظاهرات، وكان أقواها احتجاجات 2019 و2022م.

ولجبهة الإصلاح أو "حركة الثاني من خرداد" -وهو تاريخ فوز رمز تلك الجبهة محمد خاتمي برئاسة إيران سنة 1997م- الأسباب التي تجعلهم يستهدفون إبراهيم رئيسي شخصيًا، وهو أنه أهم صقور جناح المحافظين؛ المتحكمين في إيران، وفي عهده زادت القيود على الإصلاحيين، إلى حد استبعاد كل المرشحين الإصلاحيين من الانتخابات التشريعية التي أجريت خلال الربع الأول من هذا العام 2024م، كما وُجهت لخاتمي اتهامات بالخيانة والعمالة للخارج لأنه حذر من انهيار النظام، حيث قالت صحيفة كيهان الناطقة باسم المرشد: «خاتمي متهم بخيانة الوطن وإثارة الفوضى، ولعب دور عنصر لأجهزة خارجية تريد إطاحة النظام». وطالبت بمحاكمته.

إلا أن هذا الائتلاف منقسم وغير مسلح، ما يحول دون قدرته على القيام باستهداف ظائرة حربية رئاسية.

وكان يمكن للاتهام أن يوجه لحركة مجاهدي خلق، قبل أن تُطرد من العراق وتُجرد من سلاحها، عقب سقوط نظام صدام المعادي لإيران، إلى "التغريبة" الثانية في ألبانيا.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل