محاكمة إسرائيل.. العالم ينتظر قرار «العدل الدولية»

محاكمة إسرائيل.. العالم ينتظر قرار «العدل الدولية»

منذ حوالي شهر واحد

محاكمة إسرائيل.. العالم ينتظر قرار «العدل الدولية»

شهدت محكمة العدل الدولية، يومَى الخميس والجمعة الماضيين، جلسات استماع فى القضية التى رفعتها جنوب أفريقيا، تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية فى الحرب على قطاع غزة وتطالب بوقف طارئ لهجومها على رفح، كما استمعت للرد الإسرائيلى، ولم تكن هناك شهادة شهود ولا استجواب.\nوخلال طلباتها أكدت «جنوب أفريقيا» أن ما تقوم به إسرائيل فى قطاع غزة هو إبادة جماعية للفلسطينيين، فمنذ أن أمرت المحكمة دولة الاحتلال لأول مرة بتنفيذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية انتهكت إسرائيل عمداً الأوامر الملزمة للمحكمة وصعّدت هجماتها على الفلسطينيين، والعملية العسكرية فى رفح هى الخطوة الأخيرة فى تدمير غزة وشعبها.\nجلسات المحكمة أكدت أن ما يقوم به جيش الاحتلال فى غزة جرائم إبادة جماعية\nردّت على حجة إسرائيل بأنها تتصرف دفاعاً عن النفس فى غزة، بأنها واهية لـ3 أسباب رئيسية، وهى أن حق الدولة فى الدفاع عن النفس لا يمنح جيش الاحتلال الحق فى العنف غير المحدود، والدفاع عن النفس لا يمكن أن يبرر الإبادة الجماعية، ولا ينطبق حق الدولة فى الدفاع عن النفس على الأراضى التى تحتلها.\nكما أن إسرائيل قطعت المعابر الحدودية، ما أدى إلى وقف تدفق المساعدات التى يعتمد عليها السكان من الإمدادات الطبية والوقود، والذى يشكل انتهاكاً مستمراً للقانون الدولى الإنسانى، وأن الهجوم على رفح سيؤدى إلى الإجلاء القسرى والتعسفى للفلسطينيين النازحين بالفعل إلى مناطق ليس لديها ما يكفى من الغذاء والماء والمأوى والمستشفيات.\nوتعليقاً على جلسات المحكمة توقع خبراء فى القانون الدولى وسياسيون أن يصدر حكم فى دعوى جنوب أفريقيا ضد الاعتداءات والعمليات الوحشية التى تمارسها دولة الاحتلال الإسرائيلى بحق الفلسطينيين، والتى أعلنت مصر انضمامها إليها، خلال الأسبوع الجارى، ما يشكل محطة فارقة فى مسار محاسبة الاحتلال على الجرائم التى يرتكبها منذ أحداث السابع من أكتوبر الماضى.\nخبراء: انضمام مصر لدعوى جنوب أفريقيا يؤكد أنها الداعم الأول للقضية\nوأكد الخبراء أن مشاركة مصر الرسمية فى دعوى جنوب أفريقيا ضد دولة الاحتلال تؤكد أن موقف السياسة المصرية هو الأكثر وضوحاً تجاه القضية الفلسطينية، فهى الداعم الأول لها، وتحاول بكل جهودها ووساطتها لدى الطرفين أن تتوصل إلى تهدئة الأوضاع ووقف إطلاق النار فى قطاع غزة، والوصول إلى حلول دبلوماسية من أجل إيصال المساعدات.\n«بيومى»: المرافعة الإسرائيلية كانت هزيلة.. والعالم أدرك حقيقة ما يحدث فى «غزة»\nوقال السفير جمال بيومى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الدعم المصرى مستمر للقضية الفلسطينية، وإعلان مصر دعمها لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل فى محكمة العدل الدولية لهو أبلغ دليل على أنها الداعم الأول للقضية فى المنطقة.\nوأضاف أن مصر استغلت سياستها ومكانتها مع دولة الاحتلال لمحاولة إيصال المساعدات لأهالى القطاع من خلال معبر رفح أو من خلال الإسقاط الجوى، مؤكداً أن الجميع يعترف بدور مصر فى دعم القضية الفلسطينية، وهو ما يظهر فى التصريحات والشكر المباشر من غالبية الدول العالمية، ومنها الأمريكية والإنجليزية، وحتى الدولة الإيطالية المتشددة تشيد بدور مصر، بالإضافة إلى المؤسسات الدولية مثل «الأونروا».\nوأشار إلى أن جلسة الاستماع فى المحكمة يوم الخميس الماضى أثبتت حجم معاناة الشعب الفلسطينى فى مواجهة العدوان الغاشم، وأن المرافعة الإسرائيلية كانت هزيلة وضعيفة، والعالم بدأ يدرك حقيقة ما يحدث فى قطاع غزة من جرائم.\n«مهران»: المطالبة بتدابير عاجلة لحماية الفلسطينيين بعد اجتياح «رفح» تستند إلى القانون الدولى\nوقال الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولى العام والخبير فى النزاعات الدولية، إن جلسات الاستماع لمرافعة جنوب أفريقيا فى الدعوى المقامة فى محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، التى انطلقت الخميس 16 مايو الماضى، تشكل محطة فارقة فى مسار مساءلة الاحتلال عن جرائمه بحق الفلسطينيين.\nوأضاف أن الدعوى الثانية التى أقامتها جنوب أفريقيا تطلب فيها من محكمة العدل الدولية اتخاذ المزيد من التدابير العاجلة لحماية المدنيين فى غزة، وتعديل التدابير المؤقتة السابقة، مؤكداً أن تلك المطالب تستند إلى أسس قانونية راسخة، وتعكس إصرار جنوب أفريقيا على دفع عجلة العدالة الدولية تجاه فلسطين.\nوأشار إلى أن المصطلحات التى استخدمتها جنوب أفريقيا خلال المرافعة، ومنها وصف العملية العسكرية فى مدينة رفح الفلسطينية بـ«الإبادة الجماعية» تنسجم مع تعريف هذه الجريمة فى اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، والتى تُعد إسرائيل طرفاً فيها، حيث تنص المادة الثانية على أن الإبادة الجماعية تشمل أفعالاً تُرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية، بصفتها هذه، إهلاكاً كلياً أو جزئياً.\nوأكد أن الأدلة التى جرى تقديمها إلى المحكمة والتى تتضمن استهداف دولة الاحتلال الممنهج للمدنيين، وتدمير البنية التحتية والممتلكات على نطاق واسع، ترقى لمستوى الإبادة الجماعية وفقاً للمادة الثانية، وتشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 ونظام روما الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية.\nوأوضح أن مطالب جنوب أفريقيا بإصدار أمر عاجل لوقف الهجوم على قطاع غزة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى الأهالى، تستند إلى المادة 41 من النظام الأساسى لمحكمة العدل الدولية، التى تخول المحكمة سلطة اتخاذ تدابير مؤقتة لحماية حقوق الأطراف ومنع تفاقم الضرر.\nوشدد «مهران» على أن عدم امتثال إسرائيل لقرار المحكمة فى يناير الماضى، والذى طالب دولة الاحتلال ببذل كل جهد لمنع الإبادة وتمكين وصول المساعدات، يتطلب تحركاً حازماً من المحكمة تنفيذاً للمادة 94 من ميثاق الأمم المتحدة، التى تُلزم الدول الأعضاء بالامتثال لقرارات المحكمة.\nوأوضح «مهران» أن قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة قانوناً لأطراف النزاع وفقاً للمادة 59 من النظام الأساسى للمحكمة، كما أن المادة 60 تؤكد على نهائية الأحكام وعدم قابليتها للاستئناف، وبالتالى فإن أى قرار تصدره المحكمة يكون ملزماً لإسرائيل ويجب عليها تنفيذه، بالإضافة إلى أن أى قرار بإدانتها سيكون له أثر قانونى كبير، وسيوفر غطاءً لاتخاذ إجراءات عملية ضدها، كالعقوبات والمقاطعة والملاحقة القضائية لقادتها.\nوعن توقعاته بشأن قرار المحكمة قال: «أياً كان قرار المحكمة فإن تفعيله يظل رهيناً لإرادة المجتمع الدولى وبخاصة مجلس الأمن، ما يتطلب تحركاً سياسياً ودبلوماسياً حثيثاً لحشد الدعم الدولى وتعزيز الضغط على إسرائيل للامتثال، مع ضرورة تراجع مجلس الأمن الدولى عن مواقفه التى لا تتفق مع دوره كجهاز دولى مهم بسبب الفيتو الأمريكى دائم الانحياز لإسرائيل».\nواعتبر «مهران» أن نجاح طلب جنوب أفريقيا سيمثل انتصاراً تاريخياً للقانون الدولى الإنسانى وسيادة العدالة على القوة، وسيفتح الباب أمام خطوات أكثر جرأة لمساءلة إسرائيل ووقف انتهاكاتها بحق الفلسطينيين، داعياً جميع الدول للانضمام للدعوى ودعم حقوق الشعب الفلسطينى، محذراً من أن الفشل فى محاسبة إسرائيل سيشجعها على التمادى فى جرائمها ويقوِّض مصداقية المنظومة القانونية الدولية.

الخبر من المصدر