المحتوى الرئيسى

باحث أثري: الوكالات التجارية سبب الرواج الاقتصادي في عهد المماليك والعثمانيين

05/13 02:10

مثّلت الوكالات التجارية قديماً عنصر جذب لعشاق التراث بحكاياتها التاريخية الباقية فى ذاكرة الباحثين والسكان المحيطين بها، إذ تضم تفاصيل كثيرة كشف عنها الباحث الأثرى محمود مرزوق، المتخصّص فى الآثار الإسلامية والقبطية فى حواره لـ«الوطن»، مفسّراً الأهداف الأساسية المرتبطة بإنشاء الوكالات التجارية وكيف فتحت أبوابها لتكون أشبه بالفنادق المخصّصة لإقامة التجار، وكان لها دور كبير فى دخول بعض السلع التجارية إلى الأسواق المصرية، رغم تشابه عناصرها المعمارية باختلاف العصور.

وتطرّق «مرزوق» إلى أهم النماذج المتبقية من الوكالات التجارية حتى الآن، وعن الضرورة الملحة حول إعادة توظيف الوكالات وافتتاحها مرة أخرى أمام الزوار بما يناسب الاحتياجات الحالية، مشبّهاً الأثر بـ«الكائن الحى» الذى لا بد من الاهتمام به ورعايته حتى لا تتدهور حالته المعمارية.. وإلى نص الحوار:

فى البداية نريد أن نعرف أكثر عن مفهوم الوكالة.. وفى أى عصر ظهرت؟

- تعتبر الوكالة من فروع العمارة المدنية ذات الغرض الاقتصادى والتجارى، أى إنها كانت مختصة بالأنشطة الاقتصادية من عرض البضائع وتخزينها، بالإضافة إلى احتوائها على مساكن لإقامة التجار الوافدين بداخلها، سواء من الأقاليم أو من خارج مصر، ويعتبر العصر الفاطمى هو أول العصور التاريخية الذى شهد تأسيس الوكالات التجارية، وذلك على يد المأمون البطائحى، وهو واحد من أبرز وزراء العصر الفاطمى، ويأتى من ورائه الخليفة الظاهر لإعزاز دين الله، مشيداً ثانى الوكالات التجارية فى ذلك العصر.

كيف أثّرت الوظائف الأساسية المرتبطة بالوكالات على تصميمها المعمارى؟

- الوكالة التجارية مرتبطة بثلاث وظائف رئيسية، ولكل وظيفة عنصر معمارى خاص بالوكالة، ويأتى عرض البضائع وبيعها أول الوظائف المرتبطة بالوكالة، وتتم من خلال «الحوانيت»، وهى أشبه بالدكاكين الصغيرة المطلة على الشارع، أما الوظيفة الثانية للوكالة فهى تخزين البضائع التى عُرفت باسم «الحواصل»، وتوجد فى صحن الوكالة، بالإضافة إلى استضافة التجار داخل وحدات سكنية فى الوكالات، وهى أشبه بنظام الفنادق.

هل أثرت الوكالات فى ازدهار بعض البضائع وحركة التجارة داخل مصر؟

- تُعد الوكالات سبباً فى ازدهار تجارة القهوة اليمنى التى ارتبطت بوكالة بازرعة، إذ كانت تعتبر من معاقل استيراد البن من اليمن، ويرجع الفضل إلى صاحبها اليمنى الذى أتى إلى مصر بهذا المنتج الذى نال شهرة واسعة فى الدولة العثمانية وبعض نواحى أوروبا، كما تُعد وكالة «كحلا» من أسباب انتشار الصابون النابلسى فى مصر، فضلاً عن توافد الرحالة والتجار على مصر، ولولا وجود الوكالات كنشاط تجارى ما ازدهرت وانتشرت بعض السلع والبضائع الاستراتيجية.

أى العصور التاريخية يعتبر عصر انتشار الوكالات التجارية؟

- رغم أن العصر الفاطمى هو أول العصور الذى شهد إقامة الوكالات التجارية، لكن يعتبر العصر المملوكى بداية انتشار بناء الوكالات، التى زادت بكثرة فى العصر العثمانى.

هل الوكالات باختلاف عصورها التاريخية تشابهت فى تصميمها المعمارى؟

- غالباً ما اتخذت الوكالات تصميماً واحداً، لأن الغرض من إنشائها وظيفى وليس جمالياً، فجاء تصميمها فى الأغلب متمثلاً فى وجود صحن سماوى مستطيل أو مربع الشكل مزود ببعض «الحوانيت»، المطلة على الشارع لبيع البضائع، وبداخل الصحن توجد «الحواصل» لتخزين البضائع، بالإضافة إلى تزويد الوكالة ببعض الأدوار العلوية كمسكن للتجار، مثل وكالتى بازرعة والغورى، وفى بعض الوكالات تم تزويدها بالمسجد للصلاة، و«الربع» وهو المسكن المخصّص لعامة الناس، مثل ما شهدته وكالة قوصون فى شارع الجمالية، لكن يكاد يكون الشكل العام للوكالات فى العصر المملوكى أو العثمانى واحداً من حيث التخطيط، لأن الجانب الوظيفى غلب على الجانب الجمالى.

هل ارتبط إنشاء الوكالات بحكام الدولة والوزراء؟

- فى العصر الفاطمى والمملوكى كان إنشاء الوكالات فى الأغلب مرتبطاً بالوزراء، فأول وكالة تم إنشاؤها على يد الوزير المأمون البطائحى، وفى العصر المملوكى ارتبط إنشاؤها بالسلاطين والأمراء، مثل وكالة السلطان الغورى، ووكالة الأمير قوصون، لكن المشهد اختلف فى العصر العثمانى، إذ حصل كبار التجار على امتيازات خاصة ببناء الوكالات، مثل وكالة جمال الدين الذهبى، المعروف بـ«شهبندر التجار»، ووكالة ذو الفقار باشا.

هل يوجد حصر لعدد الوكالات التجارية التى تم إنشاؤها؟ وماذا عن المتبقى منها؟

- يصعب حصر عدد الوكالات التى تم إنشاؤها على مر العصور التاريخية، لاندثار عدد كبير منها بمرور الزمن، لكن يوجد ما لا يقل عن 10 وكالات ترجع إلى العصر العثمانى، ويُعد أشهرها وكالة قايتباى ووكالة الغورى ووكالة نفيسة البيضا ووكالة بازرعة ووكالة جمال الدين الذهبى.

ماذا عن وجود بعض الوكالات التجارية خارج القاهرة القديمة؟

- الوكالات التجارية مثل باقى الآثار الإسلامية التى ارتبط إنشاؤها بالقاهرة القديمة، لكن توجد بعض الاستثناءات فى إنشاء الوكالات بالمحافظات، مثل مدينة رشيد بالبحيرة، وتعتبر من المدن التى شهدت ازدهاراً تجارياً بعد إنشاء وكالة سليمان باشا الخادم ووكالة عابدين باشا، لكنها اندثرت بمرور الزمن، وشهد صعيد مصر أيضاً بناء القليل من الوكالات، مثل مدينة إسنا فى الأقصر، التى أسس بداخلها وكالة الجداوى باشا، وهو من مماليك على بك الكبير، وما زالت الوكالة موجودة بعد أن خضعت للترميم منذ فترة قريبة.

إعادة ترميم وتوظيف الوكالات ضرورة للاستفادة منها سياحياً مع الاحتفاظ بمعالم الأثر دون طمس هويته

كيف ترى خطة وزارة الآثار فى إعادة توظيف الوكالات الأثرية من جديد؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل