الانفصال الشبكي.. حينما تعجز الشبكية عن اصطياد الضوء

الانفصال الشبكي.. حينما تعجز الشبكية عن اصطياد الضوء

منذ شهرين

الانفصال الشبكي.. حينما تعجز الشبكية عن اصطياد الضوء

الشبكية أو الطبقة من العين المسئولة عن اصطياد الصورة من بحر الضوء كما صورها العرب ورسمها ابن الهيثم. العالم المصرى الذى نبغ فى علوم الفيزياء والفلك وكان أول من وصف تشريح العين بدقة وحدد عمل الشبكية بأنها مركز التقاط الصور المرئية وأن تلك الصور تنتقل إلى الدماغ بواسطة عصب العين. بل وأضاف أيضا أن حدة النظر من الباصرتين (العينين) تعود إلى تماثل الصور على الشبكيتين فلماذا وكيف يحدث الانفصال الشبكى رغم أن «العين عليها حارس»؟\nلا يغيب الصدق عن الحدس الشعبى الذى يؤكد أن العين عليها حارس فقد حمى الله سبحانه مقلة العين بأن جعلها تسكن كهفا عظميا يناسب أهميتها وحجمها الذى لا يزيد عن حجم كرة صغيرة قطرها ٢٥ مليمترا فى حجم الإنسان. ودعماها بوسادة من الدهون تحميها من الصدمات كما هيأ لها جفنان زودهما بأهداف (رموش) تدفع عنها الأتربة والأجسام الغريبة إلى جانب إضفاء ملمح جمالى إليها يشير إلى حسنها.\n< تشريح العين وأهمية الشبكية:\nتتكون العين من طبقات متعددة لكل منها وظيفتها تبدأ بالقرنية وهى جزء شفاف تماما يسمح بدخول الضوء الجزء الخلفى منها يطلق عليه العلبة أو كما هو شائع بياض العين وهو أشبه بصندوق آلة التصوير الذى يمنع دخول الضوء حتى لا يتشتت.\nيلى ذلك طبقة من أجزاء ثلاثة، الجزء الأمامى أو القزحية فيه تقع حدقة العين وهى القرص المستدير الملون فى مركز العين الذى يعطيها لونها المختلف وفى منتصفه تماما ثقب ينفذ منه الضوء (ننى العين).\nثم الجسم الهدبى أو الجزء الأوسط ووظيفته الأساسية إفراز السائل الشفاف المائى الذى يملأ فراغ العين الأمامى. كما تخرج منه بعض الأربطة الرقيقة التى تتيح تغيير قوة عدسة العين لتكييف الرؤية.\nالمشيمة هى الجزء الخلفى من الطبقة الوسطى من طبقات العين وهى طبقة اسفنجية من الشرايين الصغيرة التى تغذى العين.\nأما الطبقة الداخلية والأخيرة فهى شبكية العين أو الطبقة الحساسة التى تشبه إلى حد كبير الفيلم الخام الحساس الذى يستخدم فى الكاميرا للتصوير. وهى مسئولة عن استقبال الصورة وإرسالها عن طريق الألياف العصبية إلى العصب البصرى الذى ينقلها بدوره إلى مركز الإبصار بالمخ الذى يترجمها إلى الصورة التى يراها بالعين.\nتجويف العين من الداخل ينقسم إلى حجرة أمامية (الفراغ بين القرنية والقزحية) وحجرة خلفية فيها العدسة البلورية خلفها مباشرة الجسم الزجاجى أو السائل الشفاف الذى يقوم بتجميع حزم الضوء لتقع على آخر الطبقات وهى الشبكية.\n< كيف تبصر العين؟\nتبصر العين بمعاونة جهازين، الأول فيهما بصرى مكون من القرنية والعدسة، وثانيهما عصبى أو شبكية العين التى تتولى ترجمة الصور الضوئية إلى إشارات عصبية ينقلها العصب البصرى لمركز الإبصار فى المخ الذى يعيد ترجمتها إلى الصورة المرئية التى نراها.\n< متى يحدث وكيف الانفصال الشبكى؟\nتشريحيا تتكون الشبكية من عشر طبقات من الخلايا كل منها تختلف عن الأخرى لكنها وظيفيا تتألف من طبقتين: الطبقة الطلائية الصبغية والعصبية الداخلية. تحتل الشبكية مساحة تبلغ ثلثى العين من الداخل وترتكز على طبقة المشيمة الغنية بالشعيرات الدموية التى تمدها بالغذاء. بينما تجاور من الأمام الجسم الزجاجى. إذا حدث قطع فى الشبكية لسبب أو لآخر ينكمش الجسم الزجاجى فيشد على الشبكية فى أماكن التصاقه بها ساحبا معه جزءا منها فيبدأ الجزء المائى التحلل من الجسم الزجاجى فى التسرب من خلال الجزء المقطوع من الشبكية إلى خلفها مؤديا إلى انفصال المشيمة عنها فيما يشبه خلع جذورها المرتبطة بالمشيمة مما يعرضها للموات الجزئى.\n< لماذا يحدث الانفصال الشبكى؟\nقد يحدث بلا مقدمات فيسمى انفصال شبكى أولى عندما تقدم له بعض العوامل المرتبطة بالوراثة أو السن خاصة حينما تحدث بعض التغيرات فى الجسم الزجاجى سببها تحلل مادته فينفصل عن الشبكية عند أماكن التصاقه بها. قد يصاحب قصر النظر الشديد أيضا الانفصال الشبكى وقد تسبب أمراض العين التى تنتج عن التهابها أو الحوادث أو عن طريق الخطأ عن إجراء جراحات دقيقة فى العين.\nقد يحدث أيضا نتيجة لأى سبب من شأنه إحداث نزيف يعقبه تليفات تعمل على جذب الشبكية من مستقرها إلى ناحية مركز كرة العين.\nهذا ما نراه فى مضاعفات مرض السكر أو انسداد شبكة الأوعية الدموية فى طبقة المشيمة لمرض فى الشرايين أو حالات مثل الإصابة بالأنيميا المنجلية التى تغير فى شكل ومواصفات كرات الدم الحمراء. أورام العين أيضا قد تؤدى لانفصال الشبكية ومضاعفات ومشاكل الأطفال المولودين ناقصى النمو (المبتسرين).\nعلامات الإنذار قبل انفصال الشبكية:\nقد يحدث الانفصال الشبكى دون أى علامات إنذار فى هدوء مباغت لكن هناك أيضا بعض الأعراض التى تعد علامات يمكن التنبؤ منها بحدث الانفصال الشبكى مثل:\n- رؤية بعض من ظواهر الضوء حديثة العهد مثل أجسام صغيرة داكنة أو خيوط فى مجال الرؤية أو ومضات باهرة تظهر وتختفى بسرعة.\n- ضعف البصر بصورة مفاجئة أو تشوش الصورة وعتامة فى الضوء.\n- رؤية الأشياء حمراء اللون فى هيئة رمادية.\n< هل من علاج؟ \nحتى بدايات القرن العشرين كان الانفصال الشبكى حدثا مرادفا لانسحاب الرؤية والإصابة بالعمى. لكن تطور أساليب العلاج الجراحى تحمل الآن الكثير من الأمل لمن يصاب به. رتق الشبكية باستخدام الليزر تحتاج لمهارة طبيب ذى خبرة ولها نسبة نجاح عالية إذا ما تمت فى وقت قصير بعد الانفصال مباشرة وكانت الإصابة عند الأطراف.\nالعلاج بالتجميد أو حقن الغاز أو إزالة الجسم البلورى جراحيا كلها خيارات متاحة وفقا لحالة المريض وأى حالة مرضية مصاحبة خاصة مرض السكر أو أمراض الشرايين.\n‫<‬ هل يمكن الوقاية منه؟\nالواقع أنه لا سبيل للوقاية من الانفصال الشبكى. لكن إذا ما اجتمعت عوامل يمكن منها تحسب احتمالات حدوثه أصبحت الفحوص الدورية أفضل وسيلة لاستياق خطره. عوامل الخطر تتزامن ووجود مرض السكر أو احتمالات الإصابة الوراثية بالانفصال الشبكى أو أمراض الشرايين. بعد الحوادث أو إصابات الرأس أو عند إجراء عمليات الكتاراكت (المياه البيضاء) أو عند إصابة عين بالانفصال الشبكى فإن ذلك لا يستبعد إصابة الأخرى.\nالانفصال الشبكى أمر ليس شائع الحدوث لكن مضاعفاته تؤدى إلى ما لا يحمد عقباه. لذا يجب العمل على تفاديه ما أمكن باستشارة الطبيب عند أى عارض قد يلم بالعين ويشير إلى احتمالات حدوثه. فى المقابل هناك ظواهر ضوئية كثيرة قد تحدث مشابهة لما تعانيه العين قبل الانفصال الشبكى وإن كانت غير ذات قيمة لذا فالكشف عنها فى بداياته أمر يضمن وجود حارس على العين.

الخبر من المصدر