ماذا لو لم ترد إيران؟

ماذا لو لم ترد إيران؟

منذ 29 يوم

ماذا لو لم ترد إيران؟

سؤال: ماذا سيكون عليه الحال لو لم تقم إيران بتوجيه ضربة عسكرية إلى إسرائيل صباح الأحد الماضى، ردا على استهداف الجيش الإسرائيلى للقنصلية الإيرانية فى دمشق فى الأول من أبريل الماضى؟.\nأطرح هذا السؤال حتى يمكن مناقشة أصحاب الرأى القائل بأن الضربة الإيرانية أضرت بغزة وبالقضية الفلسطينية وأفادت إسرائيل ورئيس حكومتها بنيامين نتنياهو.\nالمؤكد أن نتنياهو استفاد هو وحكومته، لأن جزءا من الحكومات التى كانت قد بدأت تنتقده بسبب الوحشية المفرضة ضد قطاع غزة طوال أكثر من ستة شهور، قد اضطرت للتهدئة معه، بعد الرد الإيرانى. والمؤكد أن نتنياهو وحكومته ودولته سوف يستغلون الرد الإيرانى للحصول على أسلحة ودعم مالى ودبلوماسى من الحكومات الغربية جريا على العادة المتبعة منذ زرع إسرائيل فى المنطقة.\nوالمؤكد أيضا أن أخبار العدوان الإسرائيلى على غزة والضفة قد توارت إلى حد ما طوال الأيام الماضية، وصار الصراع الإيرانى الإسرائيلى يتصدر اهتمامات وسائل الإعلام والرأى العام فى المنطقة وأجزاء كبيرة من العالم.\nكل ما سبق صحيح، لكن من الموضوعية القول أنه يمثل جزءا من الصورة، وليس كل الصورة.\nتعالوا نتخيل أن إيران لم ترد على تدمير قنصليتها فى دمشق وقتل أحد أهم قادة فيلق القدس بالحرس الثورى محمد رضا زاهدى؟.\nلو حدث ذلك، فإن أصحاب نظرية أن الرد الإيرانى تسبب فى دعم نتنياهو على حساب غزة، كانوا سيقولون: انظروا إن إيران خائفة ولم تستطع الرد على إسرائيل وأنها طوال سنوات كثيرة تتلقى العديد من الضربات الإسرائيلية، من دون قدرة على الرد.\nلو لم ترد إيران بنفسها ومن أراضيها، كان أصحاب الرأى القائل بأن ضربتها أفادت إسرائيل سيقولون: انظروا أن إيران تضحى بالقوى المؤيدة لها فى المنطقة ولا تريد أن تشتبك مباشرة مع إسرائيل، وتتبع «مبدأ التقية» مع أمريكا وإسرائيل. وأن هدفها هو مصالحها القومية الفارسية، وليس نصرة القضية الفلسطينية.\nربما يكون الجزء الأخير هو الصحيح، فإيران فعلا ومنذ ثورتها عام ١٩٧٩ تسعى لتعظيم وتحقيق مصالحها القومية، وربما يكون الجزء أو المكون أو الشعار الدينى وسيلة لتحقيق ذلك. وتمكنت بسبب هذه الاستراتيجية من التأثير على القرارات فى العديد من الدول العربية مثل العراق واليمن ولبنان وسوريا وقطاع غزة.\nمرة أخرى لو طرحنا السؤال العكسى وهو: ماذا كان سيحدث لو لم ترد إيران على الضربة الإسرائيلية التى استهدفت أرضا إيرانية ذات سيادة وهى القسم القنصلى فى سقارتها بالعاصمة السورية دمشق؟!\nلو حدث ذلك ولم ترد إيران كانت العنجهية الإسرائيلية سوف تتزايد، خصوصا أن إسرائيل زادت فى الأسابيع الأخيرة من وتيرة استهداف الشخصيات والمواقع والقيادات الإيرانية فى سوريا ولبنان، ووجهت ضربات قوية لقيادات فى الحرس الثورى الإيرانى خصوصا فى سوريا.\nطبقا لرأى خبراء كثيرين فإن الرد الإيرانى أعاد وضع قواعد جديدة للصراع الإيرانى الإسرائيلى، فإذا لم تقم إسرائيل بالرد مرة أخرى على الضربة الإيرانية فإن القواعد الجديدة هى أن استهدافا إسرائيليا للمصالح الإيرانية سيعنى وجود رد إيرانى فورى.\nمرة أخرى ما حدث فى الأيام الأخيرة بين إسرائيل وإيران شديد التداخل والتعقيد، ومن الخطأ الفادح اختزاله فى صيغة الأبيض والأسود. وبالتالى فإن التقييم الموضوعى يحتم النظر إلى كل مكونات الصورة بكل تفاصيلها. وبالتالى يتطلب التقييم الموضوعى مناقشة العديد من العوامل، وهو مدى قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها بمفردها، والغياب العربى شبه الكامل عن هذا الصراع الذى كان اسمه الصراع العربى الإسرائيلى وصار اسمه الآن الصراع الإيرانى الإسرائيلى.

الخبر من المصدر