الحرب في السودان: أطفال يواجهون الجوع والموت في دارفور - BBC News عربي

الحرب في السودان: أطفال يواجهون الجوع والموت في دارفور - BBC News عربي

منذ حوالي شهر واحد

الحرب في السودان: أطفال يواجهون الجوع والموت في دارفور - BBC News عربي

صدر الصورة، Mohamed Zakaria/BBC\nلم تكن تلك المرأة بعيونها الحزينة وصوتها الهادئ سوى واحدة من ملايين الأشخاص الذين يعيشون في مخيمات بعد أن اضطروا إلى الفرار وترك منازلهم في السودان، في أعقاب اندلاع حرب أهلية قبل عام بين الجيش وقوات شبه عسكرية مسلحة، مما أسفر عن مواجهة البلاد الآن ما وصفته الأمم المتحدة بـ "أسوأ أزمة جوع في العالم".\nتقف قسمة عبد الرحمن علي أبو بكر في طابور تنتظر الحصول على حصتها الغذائية، يائسة من كل شيء.\nأصبح غير ضروري بالنسبة لها أن تحرص، كما كانت تفعل من قبل، على توفير احتياج أسرتها.\nتقول إن ثلاثة من أطفالها ماتوا بسبب المرض وسوء التغذية خلال الأشهر الأربعة الماضية، أكبرهم كان في الثالثة من عمره، وآخر بعمر عامين، وأصغرهم طفل كان يبلغ من العمر ستة أشهر.\nلجأت قسمة إلى مخيم "زمزم" للنازحين في شمالي دارفور، وهو جزء من منطقة في غربي البلاد، وسط تحذيرات من حدوث أزمة غذاء كارثية هناك.\nيعد مخيم زمزم أقدم وأكبر مخيم في البلاد، بيد أن حالة يأس وحزن جديدة تهيمن على المكان في ظل دخول الحرب في السودان عامها الثاني.\nوتقول منظمة "أطباء بلا حدود" الخيرية إنها رصدت في يناير/كانون الثاني الماضي أن طفلا واحدا على الأقل في المخيم يموت كل ساعتين، وفي ظل شُح الطعام أو عدم توافر مياه نظيفة أو رعاية صحية، أصبحت الأمراض التي كان من الممكن علاجها من قبل تفتك بالمصابين بها حاليا.\nوتعد منظمة أطباء بلا حدود واحدة من آخر المنظمات الإنسانية الدولية التي لا تزال تمارس نشاطها هناك في دارفور.\nانتهت المنظمة مؤخرا من إجراء فحص طبي جماعي لنساء وأطفال ضعفاء في مخيم زمزم، وأطلعت بي بي سي حصريا على نتائجه.\nصدر الصورة، Mohamed Zakaria/BBC\nشرح معمق لقصة بارزة من أخباراليوم، لمساعدتك على فهم أهم الأحداث حولك وأثرها على حياتك\n\nخلصت المنظمة إلى أن ثلاثة من كل 10 أطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد، فضلا عن ثُلث الأمهات الحوامل والمرضعات، مما يؤكد المخاوف من وقوع "كارثة" أشارت إليها دراسة سابقة.\nويقول عبد الله حسين، مدير عمليات منظمة أطباء بلا حدود في السودان، إن النتائج تشير إلى تضاعف الحد الأدنى المعروف لحالة الطوارئ الغذائية، وربما يمثل الوضع الراهن جزءا ظاهرا من أزمة جوع أوسع نطاقا في السودان.\nوأضاف لبي بي سي في المقر الإقليمي لمنظمة أطباء بلا حدود في العاصمة الكينية نيروبي: "لم نستطع الوصول إلى جميع الأطفال في دارفور، ولا حتى في شمالي دارفور، نحن نتحدث عن مخيم واحد فقط".\nيعد الوصول إلى دارفور أمرا شديد الصعوبة بالنسبة للصحفيين الأجانب ومنظمات الإغاثة أيضا، بيد أننا (بي بي سي) تواصلنا مع مصور محلي، وأخبرته السيدة قسمة بقصتها.\nلم تكن قسمة قادرة على تحمل تكاليف نقل أطفالها إلى المستشفى أو شراء الأدوية.\nوقالت: "توفي طفلي الأول وأنا عائدة من الصيدلية إلى المنزل، وتوفي الطفل الثاني بعد ستة أيام بسبب سوء التغذية، ومرض الطفل الثالث وتوفي بعد ثلاثة أيام".\nوعائلة قسمة من صغار المزارعين، مثل كثيرين في دارفور، يكافحون من أجل زراعة ما يكفي من الغذاء، بعد أن أدى العنف وانعدام الأمن الناجم عن الحرب إلى تعطيل الزراعة بشدة.\nوقالت لبي بي سي: "الناس مرضى وجوعى، النازحون عاطلون عن العمل، الوحيدون الذين يملكون المال هم موظفو الحكومة، 90 في المائة من الناس مرضى".\nصدر الصورة، Mohamed Zakaria/BBC\nيعد مخيم زمزم من المخيمات الهشة بالفعل، وهو مخيم أُنشيء على يد أولئك الذين وقعوا في براثن العنف العرقي قبل 20 عاما، ويعتمد بشكل كامل على المساعدات الإنسانية.\nلكن الإمدادات الغذائية توقفت بسبب اندلاع الحرب، فضلا عن إجلاء معظم منظمات الإغاثة في ظل سيطرة قوات الدعم السريع شبه العسكرية على مساحات واسعة من المنطقة.\nويُتهم مقاتلو قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها بنهب المستشفيات والمتاجر، وهو ما تنفيه دوما قوات الدعم السريع.\nكما أصبح نقل الإمدادات الجديدة عبر خطوط النزاع أمرا شبه مستحيل، ويقول العاملون في الإغاثة إن السلطات العسكرية السودانية بطيئة للغاية في إصدار التأشيرات وتصاريح السفر داخليا.\nوأغلق الجيش الطرق البرية من تشاد المجاورة بحجة أنه يحتاج إلى وقف شحنات الأسلحة عن قوات الدعم السريع.\nوقد خفت حدة هذا الإغلاق قليلا بالنسبة للإمدادات الغذائية، واستطاع برنامج الأغذية العالمي مؤخرا إدخال قافلتين من المساعدات، لكن ذلك ليس كافيا.\nكما يصاحب نقص الغذاء انهيار خدمات الرعاية الصحية.\nفعلى مستوى جميع أنحاء البلاد، لا تزال تعمل ما بين 20 إلى 30 في المئة فقط من المنشآت الصحية.\nأحد تلك المستشفيات هو مستشفى "بابكير نهار" للأطفال بمدينة الفاشر على مقربة من مخيم زمزم، والذي يضم وحدة للتغذية العلاجية للأطفال ووحدة عناية فائقة للحالات الحرجة.\nوكانت كلا الوحدتين مزدحمتين في اليوم الذي زار فيه المصور، الذي تعاونت معه بي بي سي، المستشفى.\nصدر الصورة، Getty Images\nشاهد المصور أطفالا يتذمرون بهدوء بين أذرع أمهاتهم وأنابيب العلاج تخترق أنوفهم.\nكانت أمينة أحمد علي تُطعم ابنها الصغير بمصل من خلال حقنة، ولديها توأم يبلغان من العمر ستة أشهر ويتعافيان ببطء بعد أسابيع من معانتهما من مرض الزُحار، بينما يأكل أطفال آخرون عبوات غذائية غنية بالسعرات الحرارية.\nويقول الطبيب، عز الدين إبراهيم، إن المستشفى كان يتعامل مع حالات سوء التغذية قبل الحرب، و"تضاعفت الأعداد" حاليا.\nويضيف: "كل شهر تتزايد الأعداد، على الرغم من أننا في شمالي دارفور كان لدينا نظام، وكان لدينا برنامج غذاء لكنه توقف بسبب الحرب".\nويعد هذا أمرا طيبا بالنسبة للرعاية الصحية للأطفال في دارفور، في ظل معاناة أماكن أخرى أكثر عزلة ويأسا.\nأرسل لنا أحد العاملين في خدمات الطوارئ صورا من مناطق في دارفور أطلق عليها عمال الإغاثة اسم "الثقب الأسود" في المساعدات الإنسانية.\nواحدة من بين تلك الصور لطفلة صغيرة هزيلة تبلغ من العمر ثلاث سنوات من مخيم "كلمة" للنازحين في جنوبي دارفور، تدعى إحسان آدم عبد الله، يقال أنها توفيت الشهر الماضي.\nوتظهر صورة أخرى طفلا صغيرا هزيلا أيضا، من معسكر "جنوبية" بوسط دارفور، سجلت والدته، فاطمة محمد عثمان، مقطع فيديو تطلب فيه المساعدة في إطعام أطفالها العشرة أي شيء، على حد قولها، "حتى ولو كان صغيرا، إنهم يعيشون بين المجاعة والموت".\nوتوشك منظمة أطباء بلا حدود على افتتاح مستشفى يسع 50 سريرا في مخيم زمزم، كما تناشد منظمات الإغاثة الدولية الأخرى من أجل العودة وتقاسم العبء الإنساني الثقيل.\nويقول حسين: "نحتاج إلى حشد واسع للمساعدات الإنسانية بغية الوصول إلى السكان في المناطق المنعزلة"، فضلا عن "تسهيل استخراج التصاريح والتأشيرات وفتح الحدود"، واحترام العاملين في المجال الإنساني والبنية التحتية المدنية.\nفبدون هذه الشروط الأساسية، لن يكون من الممكن تغيير مسار هذه الأزمة الهائلة، وسيموت عدد أكبر من الأطفال.\n© سياستنا بخصوص الروابط الخارجية.

الخبر من المصدر