المحتوى الرئيسى

حكايات فلسطينية (15 والأخيرة).. النكبة العربية ودير ياسين ضمن تاريخ جرائم الاحتلال الإسرائيلي

03/26 02:05

يواصل الاحتلال الإسرائيلي انتهاكاته ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لأكثر من 5 أشهر، مع ارتكاب العديد من المجازر وجرائم الإبادة المكتملة، مما أسفر عن آلاف الشهداء والجرحى.

وتعاني غزة من مجاعة ونقص حاد في المواد الغذائية والمعدات الطبية والوقود، بالإضافة إلى دمار المستشفيات، ليصبح العدوان الإسرائيلي الأخير هو أسوأ مأساة إنسانية في تاريخ القضية الفلسطينية.

وتستعرض "الشروق"، في حلقات مسلسلة محطات من تاريخ القضية الفلسطينية وصمود ومقاومة الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه، وملامح من ثقافته وعاداته وتراثه، تحت عنوان "حكايات فلسطينية"، على امتداد النصف الأول من شهر رمضان المبارك.

الحلقة الخامسة عشرة:

نختتم حلقات سلسلتنا برواية مشاهد مأساوية لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، والتي يتم استعادتها في الأيام الجارية.

ونطل في زيارة تاريخية لمذبحة دير ياسين التي حدثت في أبريل 1948 وتبعها بأيام قليلة النكبة الفلسطينية التي جرت وقائها في مايو1948.

* بشاعة القتل وتمثيل بالجثث

وقعت المجزرة فجر 9 أبريل 1948، واستمرت حتى الواحدة بعد الظهر، وذلك بعد يوم واحد على استشهاد القائد العسكري الفلسطيني عبد القادر الحسيني في معركة القسطل، وتعرضت القرية لأبشع مذبحة على يد العصابات الصهيونية، حيث فوجئ أهلها بأصوات مكبرات تدعوهم لإخلائها بسرعة، فوجدوا أنفسهم محاطين من جميع الجهات، وقام القتلة بأعمال القتل والتمثيل بالجثث.

وشارك قرابة 150 من العناصر اليهودية في تنفيذ المجزرة، قادهم مناحيم بيجن زعيم عصابة "الأرجون" رئيس الوزراء الإسرائيلي لاحقا، وإسحق شامير زعيم عصابة "شتيرن" رئيس الحكومة الراحل، ورأيا في المجزرة أسلوبا لطرد الفلسطينيين وإبادتهم.

وبحسب خطة الهجوم التي وضعتها قيادات المنظمتين، سيكون التحرك على أربعة محاور بحيث تتقدم مجموعة من "جفعات شاؤول"، ومجموعة أُخرى تتقدمها مصفحة عليها مكبر للصوت من الشرق إلى قلب القرية، ومجموعة ثالثة تنطلق من مستعمرة بيت هكيرم لتقتحم القرية من الناحية الشرقية الجنوبية عند جامع الشيخ ياسين، بينما تنطلق المجموعة الرابعة من بيت هكيرم وتهاجم بحركة التفافية من الغرب، وعليه، قررت المنظمتان حشد قوة تضم 200 من أشرس مقاتليها لتنفيذ الهجوم، ووضع نحو 70 منهم في الاحتياط.

ما تم بحث التفصيلات التي شملت مسألة معاملة الأسرى والشيوخ والنساء والأطفال، فأيدت الأكثرية فكرة تصفية جميع الرجال وكل من يقف بجانبهم، وتم تحديد ساعة الصفر في الخامسة والربع من فجر يوم الجمعة في 9 نيسان.

ويتضح من المراسلات والمحادثات بين قادة المنظمتين وقيادات في الهاغاناه، أن الأخيرة أعطت المنظمتين ضوءاً أخضر للهجوم على دير ياسين، وأن مصيرها كان مقرراً ومحتوماً إن عاجلاً أو آجلاً.

وبدأت المجزرة فجرا عندما اقتحم الصهاينة القرية وباغتوا أهلها النائمين، لكن شبابها واجهوهم بمقاومة لم تصمد طويلا أمام إمطارهم بقذائف الهاون، مما مهد الطريق لاقتحامها، ففجر الصهاينة بيوت الفلسطينيين وقتلوا كل متحرك، وأوقفوا الأطفال والشيوخ والشباب على الجدران وطافوا بهم شوارع القدس، ثم أعدموهم رميا بالرصاص، وفقا الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية.

* ما هي دير ياسين؟

وبحسب الموسوعة: "تقع دير ياسين على المنحدرات الشرقية لتل يبلغ علو قمته 800 م، وكانت تواجه الضواحي اليهودية لـ القدس الغربية التي شملت ست مستعمرات كان أقربها مستعمرة جفعات شاؤول، وشكلت هذه المستعمرات سداً منيعاً بين دير ياسين والقدس، وفصل بينها وبين المستعمرات اليهودية وادٍ ذو مصاطب غُرست فيها أشجار اللوز والتين والزيتون وكروم العنب".

وارتبطت بالعالم الخارجي بواسطة طريق ترابية واحدة تسلكها السيارات شمالي الوادي.

أما عن النكبة فهي أكبر عملية لإجلاء وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم التاريخية على يد العصابات الصهيونية، وذلك في اليوم التالي لإعلان ما يسمى بدولة إسرائيل في 14 مايو 1948، واعتراف الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية بها

ويقول المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد إنه من الممكن اعتبار أسرته من أقل الأسر الفلسطينية تضرراً من عمليات الاقتحام الصهيوني الوحشي وإجلاء ما يقرب من 800 ألف فلسطيني عربي من أرضه، حيث كانت آخر الزيارات لبيته في فلسطين ديسمبر 1974 (قبل 6 أشهر من المأساة).

وشهدت عائلة إدوارد سعيد على مأساة عميقة الجذور، فقد شرد الكثير من المقربين من عائلة والده ووالدته، وفقدوا الأموال والممتلكات، وخرج بعضهم للعيش في مصر ولبنان وهم يحملون في ذهنهم قصة النفي والضياع والأمل الصعب في العودة لأحضان الوطن.

وعلى جانب آخر يرى الدكتور سعيد، أن سبب كبير من أسباب تلك المأساة، يرجع للعقليات التي كانت تحكم في البلاد العربية، في الفترة من النكبة والتي استمرت لنحو ربع قرن بعدها؛ فهي عقليات همشت جانب كبير من الأهمية، وهو فهم الفكر الخاص بالمحتل، فلم نر أي مجهود في هذا الشأن، باستثناء ما رأيناه من مقالات تحليلية للمجتمع الإسرائيلي، كتبها محمد حسنين هيكل.

ومن جهة أخرى، تناول المشهد من زاوية من أحد المتضررين من المعاناة، ومن بينهم السياسي الفلسطيني البارز نبيل شعث، الذي كان يبلغ العاشرة من عمره، وقت حدوث "النكبة"؛ لكنها حفرت بداخله ذكريات تأبى النسيان، والتي رواها في مذكراته التي صدرت عن "دار الشروق" تحت عنوان "من النكبة إلى الثورة".

ويقول شعث: "أدت نكبة 1948 إلى هجرة عائلتي من يافا إلى مدينة غزة ومنها إلى الشتات الفلسطيني، وإلى هجرة أبناء العائلة من بئر السبع إلى مخيم رفح للاجئين، فيما يسمى "بلوك الشعوث" على اسم معظم سكانه من آل شعت وكانت مخيمات اللاجئين مقسمة إلى بلوكّات، الذي أصبح فيما بعد قلعة للصمود والمواجهة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في الانتفاضتين الأولى والثانية".

أهم أخبار الوسيط

Comments

عاجل