على رأي المثل (15 والأخيرة).. یا سلام سلم الحيطة بتتكلم

على رأي المثل (15 والأخيرة).. یا سلام سلم الحيطة بتتكلم

منذ شهرين

على رأي المثل (15 والأخيرة).. یا سلام سلم الحيطة بتتكلم

بينما تعد الأمثال الشعبية ترمومتر الثقافة فى كل دولة، يشتهر الشعب المصري بأمثال شعبية وأقوال قد تبدو غير مفهومة للوهلة الأولى، ولكن إذا تعمقت في الكلام فستجد أن مضمونها يحمل دلالات ومعاني عميقة.\nفالمثل الشعبي هو قصة حياة ترويها الأجيال، وحكاية حكمة الأجداد الصالحة لكل زمان ومكان وإن اختلفت اللهجات، إلا أن المعنى والمغزى من المثل الشعبي يبقى واحداً تردده الألسن، إذ لا يخلو هذا المثل من بلاغة التشبيه والإيجاز والاستعارات والكلام المسجع، للوصول إلى المقصود من دون قصور.\nفي سلسلة "على رأي المثل" وعلى مدار شهر رمضان الكريم، تقدم لكم "الشروق" قصصا وحكايات للأمثال الشعبية المصرية والعربية استنادا لكتاب " قصص الأمثال" للكاتب المصري سيد خالد.\nیا سلام سلم الحيطة بتتكلم\nفي عام 781 هـ، وقعت حادثة غريبة في ديار مصر، وهي أن رجلا يعرف بالعدل، يسمى شهاب الدين أحمد الفيشي، كان يسكن بالقرب من جامع الأزهر، وحينما دخل منزله ذات يوم سمع صوت من جدار منزله، يقول له: اتق الله يا أحمد وعاشر زوجتك بالمعروف.\nفتخيل أن هذا من الجان، وذهب إلى أصدقائه وأخبرهم بما حدث، فذهبوا معه إلى بيته حتى يتأكدوا من صدق قوله، وبالفعل سمعوا أيضًا كلام الجدار، وهم كل منهم بسؤاله سؤال، فأجاب عليهم الحائط جميعًا، فظنوا أن به أحد من الجان.\nوانتشرت تلك الشائعة في أرجاء القاهرة، حتى انتقلت إلى كل الديار المصرية، وأقبل الجميع لبيت ابن الفيشي كي يتحدثوا مع الحائط المسحور، ومن هنا انتشرت مقولة يا سلام سلم الحائط يتكلم، وأفتتن الكثير بهذا الحائط المسحور حتى جلب بعضهم العطايا والأموال لهذا الجدار.\nوقد وصل هذا الخبر للمحتسب، حاكم مصر، فذهب المحتسب إلى منزل الفيشي، وكان رجلًا شجاعًا، وأمر أحد أعوانه بأن يحدث الجدار، وبالفعل حدثه فتعجب من الأمر، لكنه أمر بهدم الجدار ثم مضى، وبعد فترة سأل عن أمر الجدار، وهل مازال يتحدث، فأخبروه بأنه ما زال يتحدث.\nفذهب في إحدى الأيام مصطحباً معه مجموعة من أصحابه، وجلسوا بجوار الجدار وقرؤوا شيئًا من القرآن، وبعد ذلك طلب صاحب البيت، وأمره أن يكلم الجدار، ويقول له أن القاضي العجمي يسلم عليك، فقال الجدار وعليه السلام ورحمة الله وبركاته.\nفقال المحتسب للجدار إلى متى هذا الفساد؟ فأجاب الحائط إلى أن يريد الله تعالى، فقال المحتسب: هذا الذي تفعله هو فتنة للناس، وليس بخير لهم ولكنه شر، فأجاب الحائط قائلا: ما بقي بعد هذا كلام ثم سكت، ولم يتحدث الجدار معهم بعد ذلك قط.\nوبعد فترة قبض المحتسب علي الفيشي وزوجته، وتم التحقيق معهم، إلى أن اعترفت زوجة الفيشي، بأنها هي التي كانت تتكلم من خلف الجدار، وأن السبب في ذلك هو معاملة زوجها السيئة معها، فقامت بتلك الحيلة لتوهمه بأن الجن يوصيه بمعاملتها بشكل أفضل، وبالفعل نجحت خطتها وعاملها زوجها بشكل أفضل بكثير من الأول.\nولما انصلح الحال بينهما بعد فترة أخبرته زوجته بتلك الحيلة، فطلب منها أن تستمر في هذا لكي يحققوا من وراء ذلك المال والجاه، فوافقته زوجته على ذلك، واستمرت في محادثة الناس والرد عليهم من خلف الجدار بفصيح الكلام\nولما انكشفت الخدعة، تمت معاقبة ابن الفيشي بالضرب بالمقارع، وضربت زوجته بالعصي 600 ضربة، وبعد ذلك تم ربطهما على جملين، وشهر بهما في شوارع القاهرة الفاطمية، فكانت تلك حادثة لا تنسى في تاريخ القاهرة القديمة كلها، ومازالت الديار المصرية تذكرها.\nاقرأ أيضا: على رأي المثل (14).. القرد في عين أمه غزال

الخبر من المصدر