أبو الغيط: الأمن الغذائي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي
أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط أن الأمن الغذائي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، وذلك خلال كلمته أمام اجتماع وزراء الزراعة العرب لبحث قضية الأمن الغذائي والتنمية الزراعية.
وقال أبو الغيط، إن الأحداث الأخيرة ضاعفت من اهتمام الحكومات العربية بملف الأمن الغذائي، لا سيما بعد أن كشفت جائحة كورونا خطورة الاعتماد على سلاسل الإمداد العالمية، كما أظهرت بعدها الحرب في أوكرانيا ضرورة الاستعداد لتراجع الواردات، وبخاصة من الحبوب التي تمثل لوحدها نصف فجوة الغذاء العربية، فضلا عن التأثيرات السلبية الشديدة لارتفاع الأسعار على نحو مفاجئ.
* جهود الجامعة العربية ذات الصلة بملف الأمن الغذائي العربي
وتابع أبو الغيط: "أعدت جامعة الدول العربية على مدار العقود الماضية عددا من الاستراتيجيات والخُطط المتعلقة بالأمن الغذائي العربي كان آخرها ما تضمنته مخُرجات قمة الجزائر 2022"، مشيرا لاستراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة (2020- 2030) والبرنامج العربي لاستدامة الأمن الغذائي، ومشروع تحسين نوعية القمح المنتج محليا، ومبادرة تطوير تقنيات المحاصيل الكبرى وغيرها من الخطط.
وأوضح الأمين العام، أن القمة العربية كلفت الأمانة العامة للجامعة ومؤسسات العمل العربي المشترك والقطاع الخاص العربي باتخاذ التدابير اللازمة لتفعيل تلك البرامج واستكمال خطط تنفيذها بالتعاون مع الدول الأعضاء.
وأضاف أن "اجتماع اليوم يهدف بشكل أساسي إلى الإجابة على أسئلة مُلحّة تتعلق بأزمة مُعقدة لا يمكن الانتظار طويلا للتعاطي مع آثارها، لأننا لا نملك رفاهية الوقت خاصة في ظل الظروف الضاغطة التي نشهدها، كما أن أزمة الغذاء اليوم وإن كانت عالمية، إلا أن آثارها على المنطقة العربية بشكل خاص تظل مُقلقة، وذلك في ظل خصوصيتها الجغرافية والديمغرافية وتاريخها السياسي المُعقّد".
وأشار إلى أن الناظر إلى مُعطيات الأمن الغذائي العربي سيلاحظ تزايد فجوة الغذاء والمقدرة حاليا بأكثر من 100 مليون طن من المنتجات الغذائية، متأثرة بعدد من العوامل المتداخلة والمُعقدة منها تزايد عدد سكان الوطن العربي، والذي من المتوقع أن يتضاعف بحلول عام 2050 ليبلغ ما يقرب من 800 مليون نسمة، وكذا تراجع معدلات تساقط الأمطار في كل ربوع الوطن العربي بسبب التغير المناخي، فضلا عن عوامل أخرى مؤثرة كتوسع النسيج العمراني واستمرار ظاهرة النزوح وغيرها.
* مقترحات لتعزيز القدرات العربية في مجال إنتاج الغذاء
وأكد أن الدعوة لهذا الاجتماع تأتي لما نرصده وبقلق من تدهور تلك المؤشرات وبما يستدعي تحركا سريعا لتعزيز القدرات العربية في مجال إنتاج الغذاء من أجل تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد والمؤهلات التي تتوفر عليها المنطقة العربية.
كما حرص أبو الغيط على عرض بعض الأفكار وهي:
أولاً: إن تقليص فجوة الغذاء العربية يتطلب حتما تفعيل آلية تمويل عربية تضمن تدفق رؤوس الأموال بشكل دائم وتشجع الاستثمار في المشروعات المستدامة، التي تهدف إلى رفع القدرات العربية في مجالات الطاقة النظيفة، والزراعة الذكية المستدامة، مع وضع آليات تنفيذية وطنية تتيح منح إعفاءات ضريبية في هذا المجال، وتشجع منح قروضٍ ميسرة للمستثمرين، ولصغار المزارعين بوصفهم يمثلون السواد الأعظم من المنتجين والأكثر حاجة للدعم.
ثانيا: أدت جائحة كوفيد 19 والحرب الروسية الأوكرانية إلى فتح نقاشٍ دولي حول إصلاح النظام المالي العالمي في ظل عدم استفادة الدول النامية من مؤسساته بشكل يخدُم حاجاتها التنموية دون أن يثقل كاهلها بالديون، وأرى أن هذا النقاش يعد فرصة للدول العربية للمطالبة بإصلاحات تؤدي إلى منح تسهيلات مالية ضرورية وقروض مُيسرة موجهة لرفع قدراتها في مجال إنتاج السلع الغذائية الأساسية ومدخلاتها.
ثالثا: إن موضوع الأمن الغذائي العربي، ونظرا لأهميته، سيظل مطروحا على أجندة العمل العربي المشترك للفترة القادمة، خاصة في ظل وعي القيادات السياسية بأهميته، وأشير في هذا الصدد إلى أن القمة التنموية الخامسة المُقرر عقدها في موريتانيا ستتطرق إلى موضوع التمويل، وأرى أن تتناول ضمن أجندتها ملفا خاصا بموضوع تمويل الأمن الغذائي العربي للأسباب التي ذكرتُها سابقاً.
رابعا: وفي ذات السياق أيضا، أود أن أشير إلى أن لجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك والتي تضُم جميع مؤسسات العمل العربي المنعقدة برئاستي في شهر يونيو الماضي في تونس قد وافقت على مُقترح عقد أسبوع عربي للأمن الغذائي بشكل دوري، وأقترح أن تركز فعاليات هذا الأسبوع على موضوع التمويل، كما أدعوكم في هذا الشأن إلى المساهمة بفاعلية في محاوره.
Comments