المحتوى الرئيسى

كنوز| في أول حصة.. زكي طليمات يعالج «لدغة» فاتن حمامة في حـرف الراء!

06/01 10:37

أطلقت فاتن حمامة صرختها الأولى لحظة ولادتها فى ساعة لا نعرفها من يوم 27 مايو1931، ولو كانت فاتن ما زالت حية بيننا لكان عمرها الآن 92 عاما، اليوم نضيء لسيدة الشاشة العربية 92 شمعة لأنها ما زالت حية بيننا بروائع أفلامها وشخصيتها الفريدة كامرأة مصرية وعربية متميزة فى كل شىء.

عندما نحتفل بذكرى ميلادها أجدنى استدعى على الفور الدرس الأول الذى تلقته بمعهد التمثيل على يد أستاذها زكى طليمات، فلولا هذا الدرس لكانت فاتن ما زالت «لدغاء» لديها عيب فاضح فى آلة النطق، وربما بدون هذا الدرس ما كانت قد أصبحت «سيدة الشاشة» بلا منازع!.

وقائع المشهد ذكرها زكى طليمات فى كتاب «ذكريات ووجوه» الذى تناول فيه عدداً من عمالقة التمثيل والغناء وخصص فصلاً عن فاتن حمامة أصغر طلبة الدفعة الأولى بمعهد التمثيل التى كانت تضم: نعيمة وصفى وفريد شوقى وحمدى غيث وشكرى سرحان وعبد الرحيم الزرقانى، كان تلاميذ الدفعة يطلقون على أستاذهم لقب «الجرادة» لأنه عندما كان يراقب عليهم فى امتحانات القبول التحريرية يتنقل بينهم بقفزات «الجرادة»، الأستاذ وصف لنا فاتن بالعروسة التى كانت تجلس خلف تلميذ فى حجم الفيل كل شىء ينمو فيه بلا حسابٍ، بينما هى كانت شيئا صغير الحجم ينمو بحسابٍ ويؤلف قطعة من فتاة وسيمة، وجه صغير بالغ الوسامة كوجه العرائس الغالية، تتحرك فيه وبلا انقطاع عينان واسعتان يختفى وراءهما قلق وفضول لا ينقطع.

الأستاذ أشار لها بيده قائلا: «تعالى هنا يا عروسة»، وقفت فاتن قائلة بنبرة الاحتجاج : «أنا مش عروسة يا أستاذ»، اندهش من جرأتها وقال: «طب ما تزعليش بكرة تبقى عروسة، اسمك إيه بقى؟» أجابته «فاتن حمامة»، فاجأها بقوله «وعلى كده بتعرفى تطيرى يا شاطرة؟»، قالت «يعنى إيه ؟»، قال «مش أنتِ حمامة ؟»، ردت بحزم «لأ.. أنا فاتن»، واصل تفكهه «وازاى يا فاتن أفندى يبقى نص اسمك الثانى مؤنث ؟»، ضجت القاعة بالضحك فنهر الأستاذ تلاميذه وسألها عن سنها فلم تجب، كرر السؤال لكنها صمتت، طلب منها أن تصعد إلى المنصة لتمثل أى دورٍ تحفظه، وجاءت النتيجة وفقاً لتقييم الأستاذ «لم يكن فيما قدمته فاتن شيء من الحذق الفني، ولكن كان هناك أشياء تنبئ عن فطرة سليمة وخصبة، صوتها ضعيف، لكنه ثاقب وساخن ينفذ إلى ما وراء الأذن إلى القلب، إنها تحس ما تقوله إحساسا يرتسم على كل أعضاء جسمها، مثل صندوق آلة الكمان أو العود الذى يهتز بكل كيانه عندما تلامسه ريشة العازف».

لاحظ الأستاذ أن حرف الراء يتحول على لسان فاتن إلى حرف «الغين»على طريقة أهل باريس، عيب لا يغفره أساتذة الإلقاء والتمثيل، اكتشف الأستاذ أن فاتن «لدغاء» ولابد من علاج هذا العيب، لذا صرخ فيها «طلعى لسانك»، وجمت فاتن ثم فتحت فمها، ثم أغلقته وهى تحتج على هذه المعاملة قائلة: «لسانى مش ناقص حتة»!!

يقول الأستاذ فى كتابه «كنت أعرف أن لدغة فاتن لا ترجع إلى نقص فى خلقة ما يسميه فقهاء علم الإلقاء «بآلة الكلام»، بدليل أن بقية الحروف تجرى على لسانها سليمة المخرج فصيحة النطق، أيقنت أن لدغتها ترجع إلى كسلٍ فى طرف لسانها الذى لا يتذبذب بالسرعة اللازمة لتكوين حرف الراء ونطقه سليما، بدأت أجرب أول مراحل علاج هذه الحالة بجعلها تتعرض لهزات عنيفة من الانفعالات، يثور معها الدم ويندفع كل شيء فى الجسم»!

لهذا صاح بها فى حدة «مفيش يا فاتن غير الفرنسيين اللى عندهم اللدغة دى»، فبادرته بتحدى «أنا مصرية مش فرنساوية»، أراد أن يستفزها أكثر فقال «طيب اسألى أبوكى»، انفعلت قائلة «أبويا مصرى ابن مصرى»، استفزها أكثر «طب اسألى والدتك»، أدركت فاتن المعنى المختبئ وراء الجملة فانتفضت غاضبة، وتصنع الأستاذ الغضب وهو يقول «كان لازم تخلى الجزمجى ياخد لك غرزة فى لسانك قبل ما تيجى تدرسى بالمعهد»، وكتب على السبورة عبارة طويلة تحتوى على حروف الراء وأمرها أن تقرأها بسرعة، نفذت فاتن ما أمُرت به وهى فى قمة غضبها، وحدثت الأعجوبة، لقد بدأت اللدغة تفقد حدتها تدريجياً، ثم تلاشت، فصفق لها قائلا: «أحسنتِ يا فاتن، هذا التمرين تباشرينه كل يوم عشر مرات مع بقية التمارين الأخرى التى سنعالجها فى الدرس القادم».

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل