المحتوى الرئيسى

ازدهار الهند أسطورة خَـطِـرة

04/01 02:14

نشر موقع Project Syndicate مقالا للكاتب أشوكا مودى، تناول فيه أن التوقعات والتكهنات بقرن هندى قادم هى ضرب من الخيال فى ظل تجنب الدولة مواجهة التحديات الجوهرية مثل ضَـعف عملية خلق فرص العمل، لذا يتأرجح اقتصاد الهند على حافة من المخاطر وسط تشجيع وهتاف قائم على لعبة أرقام خادعة... نعرض من المقال ما يلى.

تُـبـدى الـنُـخَـب الهندية البهجة والحبور إزاء آفاق الهند على الصعيد الاقتصادى، وينعكس هذا التفاؤل فى الخارج. يتوقع صندوق النقد الدولى أن يزداد الناتج المحلى الإجمالى فى الهند بنحو 6.1% هذا العام و6.8% فى العام المقبل، مما يجعلها أحد أسرع الاقتصادات نموا فى العالم. الواقع أن الهند تسير على منحدر محفوف بالمخاطر. وكل هذا التشجيع والـهُـتاف يقوم على لعبة أرقام خادعة. تأرجحت الهند، أكثر من غيرها من الاقتصادات، بين صعود وهبوط خلال السنوات الثلاث من 2020 إلى 2022، فسجلت هبوطا حادا مرتين مع اندلاع جائحة مرض فيروس كورونا 2019 (كوفيدــ19) ثم ارتدت عائدة إلى مستويات ما قبل الجائحة. كان معدل نموها السنوى خلال هذه الأعوام الثلاثة ضعيفا حيث لم يتجاوز 3.5%، وهذا تقريبا ذات المستوى الذى كان عليه فى العام الذى سبق أزمة كوفيدــ19 مباشرة.

كل التوقعات بارتفاع معدلات النمو فى المستقبل هى مجرد استقراء من التعافى الأخير بعد الجائحة. ولكن حتى بعد أن أصبحت القيود المرتبطة بالجائحة ذكرى من الماضى إلى حد كبير، تباطأ الاقتصاد فى النصف الثانى من عام 2022، واستمر هذا الضعف هذا العام.

الحقيقة الأكثر إزعاجا هى أن هذا الضجيج يحجب مشكلة تنامت على مدار 75 عاما منذ الاستقلال: ضَـعف عملية خلق فرص العمل. على مدار العقد المقبل، ستحتاج الهند إلى 200 مليون وظيفة إضافية، فى الصافى، لتوظيف من هم فى سن العمل ويبحثون عن عمل. لكن هذا التحدى لا يمكن التغلب عليه فعليا، نظرا لفشل الاقتصاد فى إضافة أى وظائف جديدة صافية خلال العقد الماضى، عندما كان نحو 7 إلى 9 ملايين باحث جديد عن عمل يدخلون السوق كل عام.

تتفاقم هذه الضغوط الديموغرافية غالبا، مما يؤجج الاحتجاجات وأعمال العنف الـعَـرَضية. وفى يناير 2022، أعلنت سلطات السكك الحديدية أنها غير مستعدة لتقديم عروض عمل. اندفع مقدمو الطلبات فى حالة من الهياج والثورة، فأحرقوا عربات القطارات وخربوا محطات السكك الحديدية.

بسبب نُـدرة الوظائف فى المناطق الـحَـضَـرية، عاد عشرات الملايين من العمال أثناء الجائحة إلى سبل العيش الشحيحة يوما بيوم فى قطاع الزراعة، وبقى كثيرون منهم هناك. الآن، يوظف قطاع الزراعة المتعثر بالفعل 45% من قوة العمل فى الهند. وتعانى الأُسَـر الزراعية من ارتفاع مستمر بعناد فى معدلات البطالة الجزئية، حيث يشترك عدد كبير من أفرادها فى عمل محدود على قطع من الأرض أصبحت أصغر على نحو مطرد بسبب تقسيمها إلى أجزاء صغيرة مع كل جيل جديد. وتؤخر الحكومة على نحو غير أخلاقى مدفوعات الأجور المستحقة لأولئك الذين يسعون بتلهف إلى الحصول على الدعم من برامج ضمان العمالة الريفية، فيؤدى هذا إلى إشعال شرارة احتجاجات متكررة.

من منظور عدد كبير للغاية من الهنود، صار الاقتصاد محطما. تكمن المشكلة فى قطاع التصنيع الصغير وغير القادر على المنافسة. فمنذ إصلاحات التحرير فى منتصف ثمانينيات القرن العشرين، انخفضت حصة قطاع التصنيع فى الناتج المحلى الإجمالى بشكل طفيف، إلى نحو 14%، مقارنة بما يقرب من 27% فى الصين و25% فى فيتنام، مع زيادة مطردة. وتستحوذ الهند على حصة عالمية أقل من 2% فى الصادرات المصنعة، ومع تباطؤ اقتصادها فى النصف الثانى من عام 2022، ازداد انكماش قطاع التصنيع هناك.

عادة، يركز أولئك الذين يعتقدون أن الهند تقف على أعتاب الـعَـظَـمة على تطورين حديثين. أولا، قام متعاقدو شركة أبل بتنفيذ استثمارات أولية لتجميع أجهزة iPhones المتطورة فى الهند، مما أدى إلى تكهنات بأن تستفيد الهند من انتقال شركات التصنيع على نطاق أوسع إلى خارج الصين، على الرغم من المشكلات الكبيرة المرتبطة بمراقبة الجودة واللوجستيات فى الهند. ورغم أن هذه النتيجة محتملة بكل تأكيد، فإن التحليلات الأكاديمية والتقارير الإعلامية غير مشجعة. يتوقع الخبير الاقتصادى جوردون هانسون أن تنقل شركات التصنيع الصينية التصنيع الكثيف العمالة من المناطق الساحلية المكلفة فى الصين إلى المناطق الداخلية الأقل تطورا، حيث تكاليف الإنتاج أقل.

أما عن المنتجين الأمريكييين الذين ينسحبون من الصين، فإن أغلبهم يعملون على نقل عملياتهم إلى «الجوار القريب» فى المكسيك وأمريكا الوسطى. فى مجمل الأمر، برغم أن بعض الاستثمارات الناتجة عن هذه التحركات القوية قد تتدفق إلى الهند، تظل حقيقة قائمة مفادها أن الاستثمار الأجنبى الوافد انخفض عاما بعد عام حتى 2022.

أهم أخبار كورونا

Comments

عاجل