هل ينجح التودد الأمريكي لأفريقيا في إبعادها عن الصين؟ - BBC News عربي

هل ينجح التودد الأمريكي لأفريقيا في إبعادها عن الصين؟ - BBC News عربي

منذ حوالي سنة

هل ينجح التودد الأمريكي لأفريقيا في إبعادها عن الصين؟ - BBC News عربي

صدر الصورة، Reuters\nاستضافت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس بعض جلسات القمة الأمريكية-الأفريقية التي عقدت في واشنطن في ديسمبر/كانون الأول\n في بادئ الأمر، توجه وزير الخارجية الأمريكي إلى أفريقيا، وحاليا تقوم نائبة الرئيس بجولة في القارة، وفي وقت لاحق من العام يتوقع أن يأتي الرئيس الأمريكي نفسه.\nهذه الزيارات التي يقوم بها مسؤولون كبار بالإدارة الأمريكية لأفريقيا تعكس إدراكا متزايدا لحاجة الولايات المتحدة إلى تعميق روابطها بالقارة.\nويأتي هذا كله في وقت تتزايد فيه المنافسة بين واشنطن وبين قوى عالمية أخرى، لا سيما الصين وروسيا.\nبدأت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس جولتها التي تستغرق 9 أيام بزيارة لغانا، ومن المقرر أن تتوجه بعد ذلك إلى كل من تنزانيا وزامبيا.\nوتعد غانا نقطة انطلاق مثالية لهاريس، نظرا لتركيزها على تقوية روابطها بالأفارقة في المهجر، ونظرا لأنها شهدت انتقالا سلميا للسلطة عدة مرات.\nتهدف جولتها، وفق بيان رسمي، إلى "البناء على" ما تم التوصل إليه خلال القمة الأفريقية-الأمريكية التي عقدت في واشنطن في ديسمبر/كانون الأول الماضي، والتي قال خلالها الرئيس جو بايدن إن الولايات المتحدة "ملتزمة تماما" بالمشاركة في بناء مستقبل أفريقيا.\nلكن هذا المستقبل، الذي يعززه عدد متنام من السكان وكذلك موارد طبيعية هائلة تذخر بها القارة، هو الذي اجتذب العديد من البلدان القوية التي تتنافس على النفوذ في أفريقيا.\nوفي حين ركزت الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين مؤخرا إلى كل من إثيوبيا والنيجر على التحديات الأمنية التي تواجه هذين البلدين، فإن جولة نائبة الرئيس ستشمل دولا تواجه مشكلات اقتصادية خطيرة.\nفاقتصاد غانا الذي كان مزدهرا في وقت من الأوقات يمر حاليا بأسوأ كارثة مالية منذ عقود.\nوتسعى البلاد إلى إعادة هيكلة ديونها وسط ارتفاع كبير في معدلات التضخم التي بلغت أكثر من 50 في المئة. وقد عاد وزير المالية الغاني كين أوفوري-أتا مؤخرا من بكين بعد أن أجرى مفاوضات مع الحكومة الصينية.\nوكتب وزير المالية في تغريدة على تويتر: "حتى الآن، [أجرينا] اجتماعات إيجابية ومشجعة للغاية في الصين"، معربا عن تفاؤله إزاء الحصول على ضمانات خارجية "في القريب العاجل".\nوالبلاد بحاجة إلى ضمانات من أجل الحصول على مساعدات من صندوق النقد الدولي.\nوليس واضحا ما إذا كان بإمكان هاريس المساعدة في هذا الشأن، لكنها ستتعرض لضغوط لكي تتصرف كشريك متأهب للمساعدة في أعقاب زيارة أوفوري-أتا إلى الصين.\nيقول البروفيسور غودفريد ألوفار بوبكين خبير الاقتصاد والأستاذ بجامعة غانا إنه لا يظن أن الزيارة سوف تسهم على الفور في تخفيف المشكلات المالية للبلاد.\n"دخول الصين على الخط يجعل الأمر معقدا"، وفق البروفيسور بوبكين، الذي يشير إلى أن زيارة هاريس"مهمة جدا" بالنسبة لغانا لأنها "ترقى بعلاقاتنا مع الولايات المتحدة إلى مستوى آخر".\nويضيف أن الاهتمام الذي تبديه الولايات المتحدة بالبلاد وأزمة ديونها "جيد"، لكنه يشعر بالقلق إزاء ما وصفه بـ "الشروط السلبية" لصفقات التجارة مع الدول الدائنة.\nصدر الصورة، Reuters\nكانت السيدة الأولى جيل بايدن من بين الشخصيات الأمريكية رفيعة المستوى التي زارت القارة مؤخرا، وقد التقطت لها هذه الصورة في ناميبيا في فبراير/شباط\nبي بي سي إكسترا بودكاست يناقش كل أمور حياتنا اليومية، يأتيكم ثلاثة أيام أسبوعياً\n\nوتجد زامبيا نفسها في موقف مشابه لغانا.\nفقد أصبحت الدولة الغنية بمعدن النحاس أول بلد أفريقي يعجز عن سداد ديونه بعد أزمة وباء كوفيد.\nوتجري البلاد حاليا مناقشات مطولة مع الصين بهدف إعادة هيكلة ديونها، كما أنها طلبت المساعدة المالية من صندوق النقد الدولي.\nونسبت وكالة رويترز للأنباء إلى مسؤول أمريكي كبير قوله إن هاريس "سوف تناقش أفضل السبل التي يستطيع من خلالها المجتمع الدولي معالجة التحديات التي تواجهها غانا وزامبيا".\nومثله مثل البروفيسور بوبكين، يرى المحلل الزامبي الدكتور سيشوا سيشوا أن الصين تتمتع بنفوذ أعظم فيما يتعلق بمسألة إعادة هيكلة الديون، لكن الولايات المتحدة تريد أن ينظر إليها بوصفها الشريك الذي يمكن الوثوق به بشكل أكبر.\nوثمة شعور متزايد في أفريقيا بأن القارة ينبغي أن يكون لها حرية الاختيار فيما يتعلق بعلاقاتها مع باقي أنحاء العالم.\nيقول الدكتور سيشوا: "زامبيا تعتبر الولايات المتحدة صديقة، مثلها مثل الصين وروسيا".\n"عندما تلجأ دولة ما إلى الصين أو روسيا أو الولايات المتحدة، لا ينبغي أن يعتبر ذلك ازدراء لتكتل القوى هذا أو ذاك".\nوقال إن محاولات إقامة علاقات حصرية مع البلدان الأفريقية قد تكون غير مستدامة وتأتي بنتائج عكسية.\nيحاكي ذلك تصريحات رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا خلال زيارته لواشنطن العام الماضي عندما قال: "لا ينبغي أن يحدد لنا أحد الدول التي ينبغي أن نقيم علاقات معها".\nوصرح مسؤولون أمريكيون كبار لبي بي سي بأنهم لا يعتزمون أن يملوا على البلدان الأفريقية الدول التي ينبغي أو لا ينبغي أن يقيموا علاقات صداقة معها.\nبيد أن الولايات المتحدة تحرص على التشديد على قضية الديمقراطية في علاقاتها مع البلدان الأفريقية، وهو الأمر الذي يتوقع أن تناقشه نائبة الرئيس الأمريكي خلال زيارتها.\nومن المنتظر أن يستضيف الرئيس الزامبي هاكايندي هيتشيليما قمة افتراضية حول الديمقراطية إلى جانب أربعة زعماء آخرين، من بينهم الرئيس الأمريكي بايدين، قبيل استقباله هاريس في بلاده.\nوتقول الحكومة الأمريكية إن الديمقراطية، إلى جانب حقوق الإنسان والحوكمة الرشيدة، هي القيم التي ترتكز عليها علاقات واشنطن بالقارة، وتميزها عن الصين وروسيا.\nالمعروف أن الصين تنتهج سياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان، وهو أمر سهّل عليها إقامة علاقات مع زعماء غير ديمقراطيين منفردين بالحكم.\nكما أن الوجود الروسي في بلدان أفريقية شهدت انقلابات مؤخرا - مثل بوركينا فاسو ومالي - أدى إلى تعكير صفو العلاقات بينها وبين الغرب، ولا سيما فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة التي ظلت محتفظة بعلاقات وثيقة مع كلا البلدين.\nوالغزو الروسي لأوكرانيا أدى بلا شك إلى خلق شعور إضافي لدى الدول الغربية بضرورة التعجيل بإقامة علاقات وثيقة مع بلدان أفريقيا. وقد أدى التصويت الذي أجري في الأمم المتحدة على إدانة الغزو إلى انقسام في صفوف الدول الأفريقية التي شكلت نصف إجمالي عدد الممتنعين عن التصويت، ومن بينها تنزانيا، إحدى محطات جولة هاريس.\nصدر الصورة، AFP\nرئيسة تنزانيا سامية صلوحو حسن التقت نائبة الرئيس الأمريكي هاريس للمرة الأولى في واشنطن قبل نحو سنة\nمن المقرر أن تلتقي كامالا هاريس - أول سيدة تشغل منصب نائب الرئيس في الولايات المتحدة - بسامية صلوحو حسن، أول سيدة تشغل منصب الرئاسة في تنزانيا.\nوقد أثار كون هاريس وحسن سيدتين رائدتين اهتماما كبيرا في تنزانيا.\nفيعتبر الكثيرون الزيارة إقرارا بالتقدم الذي تحققه البلاد، وبروزها المتنامي على الخريطة العالمية.\nوقبل فترة ليست بالطويلة كانت تنزانيا دولة شبه منبوذة من المجتمع الدولي خلال عهد الرئيس السابق جون ماغوفولي، الذي كان يعتبر ذا نزعات استبدادية، حيث عكف على تقليص أنشطة المعارضة ووسائل الإعلام المستقلة.\nوسوف تكون هاريس أرفع مسؤولة من إدارة بايدن، وكذلك خامس مسؤولة أمريكية، تزور أفريقيا منذ القمة الأمريكية-الأفريقية التي عقدت في ديسمبر/كانون الأول.\nالمسؤولون الأربعة الآخرون هم وزيرة الخزانة جانيت يلين، والسفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد، والسيدة الأولى جيل بايدن، ووزير الخارجية أنتوني بلينكين.\nلكن الاهتمام المتجدد يأتي وسط مطالبة من القارة بمعاملة عادلة.\nويقول البروفيسور الغاني بوبكين إن هناك قدرا من الشك والريبة في أفريقيا إزاء تعاظم الاهتمام بأفريقيا.\nويشرح قائلا: "ثمة اعتقاد بأننا نشهد تدافعا جديدا على أفريقيا"، في إشارة إلى قيام الدول الأوروبية بتقسيم القارة في أواخر القرن التاسع عشر، وهو ما أدى إلى عقود من الاستعمار والاستغلال.\nويضيف: "هناك حاجة إلى التأكيد على الاحترام المتبادل" بين أفريقيا والدول الكبرى التي تسعى إلى تقوية الروابط معها.\n© سياستنا بخصوص الروابط الخارجية.

الخبر من المصدر