المحتوى الرئيسى

نساء من عصر النبوة (4).. حبيبة بنت سهل الأنصارية.. صاحبة أول حالة خُلع في الإسلام

03/27 03:17

تعد سير الصالحات تربية عملية للنفوس، وغَرْس للفضائل، وتدريب على التجمل بالآداب الإنسانية في ميادين الخُلُق والرضا وطاعة الله؛ ذلك لأن التربية بالاقتداء من خير الأساليب التربوية؛ لصقل الطباع، وتهذيب المشاعر، والسير قدما على طريق التقوى والاستقامة.

وفي عصر الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- برزت قصص عشرات النساء في حياة نبي الأمة، ممن كان لهن أثر عظيم في عصرهن والعصور التي تلته، أفرد لهن المؤلف والمترجم السوري أحمد خليل جمعة كتاب "نساء في عصر النبوة" الصادر عن دار نشر ابن كثير، ليركز على دورهن وما جرى لهن من أحداث ترتبط بالدعوة الإسلامية وبالرسول.

• صحابية نصرها الإسلام

حبيبة بنت سهل الأنصارية رضي الله عنها، قال لها رسول الله حين أرادت فراق زوجها: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. فردت الحديقة، وفرق بينهما، فكان أوّل خُلع في الإسلام.

كانت حبيبة بنت سهل الأنصارية صحابية ممَّنْ ناصَرَهُنَّ الإسلام، وأظهر لهنَّ حقوقهنَّ، وكرمهُنَّ؛ ترجم لها الإمام النووي، فقال: حبيبة بنتُ سهل بن ثعلبة الأنصارية، وأمها عمرة بنتُ مسعود بن قيس النَّجارية الأنصارية، وأسلمت حبيبة منذ بزوغ فجر الإسلام بالمدينة، وبايعت رسول الله، وكان لحبيبة أخت اسمها رغينة بنت سهل قد أسلمت أيضاً وبايعت رسول الله ﷺ.

• زَوَاج ثم خُلع

أخرج ابن سعد بسنده عن يحيى بن سعيد قال: كان النبي ﷺ قد همَّ أَنْ يتزوج حبيبة بنت سهل -وهي إحدى عماتي- ثم كَرِهَ غَيْرَةَ الأنصار، فكره أَنْ يسوءهم في نسائهم.

وتشير هذه الواقعة إلى مدى احترام رسول الله ﷺ مشاعر الأنصار، وإلى المحافظة على حُسْن الروابط بين المهاجرين والأنصار.

وتزوجت حبيبة سيّدنا ثابت بن قيس، خطيب رسول الله ﷺ، وأحد نجباء الصَّحابة رضوان الله عليهم، ويبدو أن أمور حياة هذين الزوجين لم تكن صافية ذلك الصفاء الذي يمكنهما من الاستمرار في حياتهما، فجاء القرآن الكريم والحديث الشريف وحسم الخلاف، وجعل الحياة الكريمة سبيل كل واحد منهما.

هذا ما حدث مع حبيبة وزوجها ثابت، حيث وقع بينهما الشقاق إلى الحد الذين لم تعد فيه حبيبة تطيق العيش مع زوجها، فقد ورد أنَّها أتت النَّبيَّ ﷺ تشكو زوجها ثابتاً فقالت: يا رسول الله ما أعيب على ثابت في خلق ولا دين ولكن أكره الكُفْرَ في الإسلام، ولا أطيقه بغضاً، فقال لها رسول الله ﷺ: «أَتَردِّيْنَ عليه حديقته؟». قالت: نعم. فردت الحديقة، وفرق بينهما، فكان أول خُلع في الإسلام.

هكذا حصلت حبيبة على الحرية التي تريدها ضمن حدود الإسلام؛ الذي يعتبر أن المرأة المسلمة هي عماد البيت ودعامة الحياة العامة، ولهذا فقد قضى لها النبي بأن تترك له الحديقة التي أعطاها منْ قَبْلُ، وفي هذا نزل قوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ [البقرة: 229].

وتزوجت حبيبة رضي الله عنها -بعد انقضاء عدتهاـ الصحابي الكريم أبي بن كعب رضي الله عنه.

• حَبيبَةُ وروَايَةُ الحَديثُ

كانت حبيبة تتردد على بيت النبي، وتزور زوجاته الطاهرات رضي الله عنهن، وفي هذا كانت ذات فَضْل في رواية الحديث الشريف؛ فقد روى حديثها أهل المدينة، وروى حديثها يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمرة بنت عبد الرحمن.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل