المحتوى الرئيسى

مهن الصحابيات (4).. الشفاء بنت عبدالله القرشية: أول معلمة في الإسلام

03/26 14:50

يتبين من الاستشهادات القرآنية ومن السنة النبوية، أن الإسلام كرم الرجل والمرأة وحثهم على العمل على حد سواء، وأعطى المرأة الحرية الكاملة في التصرف في مالها، وأعطاها حق اختيار العمل أو المهنة التي تميل إليها، وليس فيها مخالفة لنص شرعي.

ويقول الله تعالى في قرآنه: "وقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ"، فيما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لَأَنْ يَحْتَطِبَ أحَدُكُمْ حُزْمَةً علَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ له مِن أنْ يَسْأَلَ أحَدًا، فيُعْطِيَهُ أوْ يَمْنَعَهُ".

وتستعرض "الشروق" في حلقات خلال الـ10 أيام الأولى من شهر رمضان، مهن الصحابيات في عهد النبي مع ذكر أمثلة لهؤلاء الصحابيات اللاتي امتهنَ هذه المهنة.

الحلقة الرابعة:- مهنة التعليم

يموه بعض المغرضين ويزعم بعض الجاهلين أن الإسلام لا يشجع على تعليم المرأة، وأنه يفضل أنها تبقى جاهلة أو أقرب إلى الجهل.

وهذا محض افتراء ظاهر على الإسلام، فما من دين ولا مذهب في الحياة دفع الإنسان إلى العلم كما دفعه إليه الإسلام، حيث دفع الإنسان بشطريه الذكر والأنثى إلى مجالات العلم المختلفة، وإلى ميادين المعرفة والبحث عن الحقائق، بكل قوة، إعلانًا منه أن الطريق الصحيح إلى معرفة الله والإيمان به، والاستسلام لشرائعه إنما هو طريق العلم، فقال الله في القرآن الكريم: "اقرأ باسم ربك الذي خلق".

وهذه الدعوة التي دعا الله بها الإنسان إلى العلم، منذ اللحظات الأولى التي بدأ بها إنزال تعاليم الإسلام، أكبر برهان يدل على التسوية التامة بين شطري الإنسان الذكر والأنثى، في ميدان دعوتهما إلى العلم والمعرفة، والتأمل فيما خلق الله، والدعوة إلى استخدام الوسيلتين المترابطتين ببعضهما، وهما القراءة والكتابة فكانت النساء المسلمات في الصدر الإسلامي الأول متلهفات لمعرفة أمور دينهنَّ، وتبين مشكلاتهنَّ الخاصة، فقد تبادرن إلى مجالس الرسول صلى الله عليه وسلم الخاصة، فيعلمهنَّ مما علمه الله، وبيَّن لهنَّ ما بيَّن، وسألنه عن مسائل وأجابهنَّ صلوات الله عليه، ولهذا وجب علينا أن نشير إلى النساء التي امتهن مهنة التعليم في عهد النبي وأولى هؤلاء النساء هي:-

الشفاء بنت عبدالله القرشية

هي الشفاء بنت عبد الله بن عبد شمس بن عدي بن كعب القرشية العدوية، واسمها ليلى وغلب عليها الشفاء، وكانت تُكنى بأم سليمان كانت أمها فاطمة بنت وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران المخزومية وزوجها أبى خثمة بن حذيفة بن عامر القرشي العدوي، وذلك وفقا لما ورد في "كتاب الطبقات الكبرى" للكاتب "محمد بن سعد بن منيع الهاشمي البصري".

الشفاء معلمة الإسلام الأولى

اعتنقت الصحابية الجليلة الإسلام قبل الهجرة وكانت من المهاجرات الأوائل بايعت النبي صلى الله عليه وسلم وقد كانت من عقلاء النساء وفضلائهن ، وكان رسول الله عليه الصلاة والسلام يأتيها ويقيل عندها في بيتها، وكانت قد اتخذت له فراشًا وإزارًا ينام فيه.

كانت الشفاء رضى الله عنها وأرضاها من القلائل الذين عرفوا القراءة والكتابة فى الجاهلية، فكانت تقوم بتعليم نساء المسلمين القراءة والكتابة، تتلمذت على يدها إحدى زوجات النبي السيدة حفصة بنت عمر فعلمتها القراءة والكتابة، وتولت تعليم صبيان المسلمين، فهي نموذج مشرف يدل على تمكين المرأة في الإسلام وتوليها ما تصلح له ما دامت مؤهلة لذلك.

سبب تسميتها بالشفاء

ورد في كتاب "صحابيات حول رسول الله" للكاتب "محمود المصري" أنها كانت تُجيد الرقية منذ الجاهلية فلما جاء الإسلام قالت لا أرقي حتى أستأذن رسول الله، فحضرت إليه وقالت: "يا رسول الله إني قد كنت أرقي برقي الجاهلية وأردت أن أعرضها عليك، فقال: اعرضيها، قالت: فعرضتها عليه وكانت ترقي من النَمِلة فقال: (ارقي بها وعلميها حفصة: باسم الله، اللهم اكشف البأس رب الناس)، قال: (ترقي به على عود كركم "زعفران" وتطليه على النملة)، فاستمرت الشفاء ترقي بها المرضى من المسلمين والمسلمات وعلمتها لأم المؤمنين حفصة ولذلك أطلق عليها اسم الشفاء.

الشفاء وزيرة للتجارة في عهد عمر بن الخطاب

كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه وأرضاه - يقدمها في الرأي ويرعاها ويفضلها ، وولاها شيئًا من أمر السوق، ولم تذكر لنا كتب الأخبار ما المهام التي قامت بها الشفاء بنت عبدالله في السوق إلا ما رواه ابن سعد في طبقاته عن حفيدها عمر بن سليمان بن أبي خثمة، عن أبيه قال : قالت الشفاء ابنة عبدالله: ورأيت فتياناً يقصدون في المشي يتكلون رويداً فقالت: ما هذا؟ فقالوا: نسّاك، فقالت: كان عمر إذا تكلم أسمع وإذا مشى أسرع وإذا ضرب أوجع وهو الناس حقاً.. ويتضح لنا من كلام الشفاء بنت عبدالله السابق الذكر أن هذا جزء من مهام الحسبة التي قامت بها ولكنها، كما هو وارد في القصة وذكر في كتاب الطبقات الكبرى للكاتب "محمد بن سعد بن منيع الهاشمي البصري" أن مهام الحسبة التي تولتها الشفاء كانت بمثابة مهام وزير التجارة في عهدنا هذا.

ويروي أبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة: أن عمر بن الخطاب فقد سليمان بن أبي حثمة في صلاة الصبح، وأن عمر بن الخطاب غدا إلى السوق، ومسكن سليمان بين المسجد والسوق، فمر على الشفاء أم سليمان فقال لها: لم أر سليمان في صلاة الصبح ! فقالت له: إنه بات يصلي فغلبته عيناه ! فقال عمر: لأن أشهد صلاة الصبح في الجماعة أحب إلي من أن أقوم ليلة.

الشفاء طبيبة جلدية

عملت في مجالات الطب والتطبيب العديدة، واشتهرت بعلاج قرحات الجلد وما يطلق عليه (النملة) ويطلق على هذا المرض (الأكزيما)، وقد سمح وأذن لها وشجعها الرسول على مزاولة عملها وممارسة الطبابة ومهنة النملة بعد أن مارستها، عمليًا وتمرست عليها، وأصبحت ذات خبرة في هذا المجال وهذا التخصص.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل