المحتوى الرئيسى

فورين بوليسي: أزمة الغاز تكشف تباين تعامل دول أوروبا المتقدمة إزاء قضية المناخ

02/05 13:33

رأت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن اندفاع حكومات أوروبا لتحقيق أمن الطاقة في بلادها - على حساب الأهداف المناخية واحتياجات الدول التنموية – قد عكس تباينا لفت انتباه قادة دول أفريقيا وجنوب آسيا ومناطق العالم الأخرى .

فقد دفعت أزمة الطاقة بسبب الحرب الروسية-الأوكرانية، التي تدخل عامها الأول، دول أوروبا لمزاحمة الدول النامية على مصادر الغاز الطبيعي غير الروسية مضاعفة وارداتها ومخزونها من الغاز الطبيعي، بعد تراجع صادرات موسكو من الغاز الطبيعي إلى أوروبا أكثر من النصف إثر تعرض خطوط أنابيب "نورد ستريم" للتخريب.

وبعد تضييق موسكو الخناق على داعمي أوكرانيا من الدول الأوروبية، التي كانت تعتمد بشكل كبير على إمدادات الغاز الروسية، لجأت هذه الدول إلى الغاز الطبيعي المسال لسد أكثر احتياجات الطلب لديها، ونتيجة لذلك، شهد سعر الغاز الطبيعي المسال العالمي ارتفاعا تاريخا بواقع 1900 في المائة في ذروة موسم تعبئة منشآت التخزين منتصف العام الماضي، مقارنة بالسعر السائد قبل الجائحة .

ويُعد الغاز الطبيعي مصدرًا حيويًا من مصادر الطاقة للأغراض المنزلية والصناعية، حيث يستخدَّم كوقود في الصناعات الكيماوية وصناعة الأسمدة الإسمنت والصلب والزجاج والعديد من المنتجات الأخرى؛ كما يستخدَّم على نطاق واسع لتوليد الكهرباء، إذ شكلت محطات الطاقة العاملة بالغاز في أوروبا 34 في المائة من إجمالي محطات الغاز في القارة عام 2021.

ووفقًا لمجلة "فورين بوليسي"، رغم الضرر الذي لحق بالصناعات الأوروبية بسبب الارتفاع غير المسبوق في أسعار الغاز، إلا أن آثار هذا الارتفاع كانت كارثية بالنسبة لمئات الملايين من البشر في الدول الفقيرة، إذ لم تستطع الهند والبرازيل، على سبيل المثال، تأمين ما يكفي من الغاز الطبيعي لتسيير عجلة اقتصادهما، كما اضطر كلاهما إلى تقليص الإنفاق على الواردات.

وفي بنجلادش وباكستان، اللذين يتجاوز تعداد سكانهما معا نصف المليار، عجزت حكومتهما عن تلبية احتياجاتهما من موارد توليد الطاقة – ما ترتب عليه معاناة مستمرة من انقطاع الكهرباء – مع تفضيل الموردين التعامل مع الدول الغنية التي تدفع أكثر، بل إن بعض الشحنات التي كانت موجهة بالفعل إلى دول فقيرة قد جرى تغيير مسارها إلى أوروبا، رغم الاتفاقيات التي وقعها الموردون مع هذه الدول منذ شهور بل سنوات.

وبالنسبة لباكستان، لا تشكل الكهرباء ضربًا من الرفاهية في دولة تتجاوز درجات الحرارة فيها 45 درجة مئوية خلال موجات ارتفاع الحرارة السنوية، فضلًا عن معاناتها الحالية للتعافي من آثار الفيضانات التي غمرت ثلث البلاد بالمياه.

وفي يوليو الماضي، لم تجد إحدى المناقصات التي طرحتها حكومة باكستان لشراء 72 شحنة من الغاز الطبيعي بقيمة مليار دولار أدنى استجابة من الموردين؛ كما اضطرت باكستان إلى شراء الغاز من خلال سوق العمليات الفورية بسبب تأخر صندوق النقد الدولي في صرف بعض المبالغ النقدية المقرر صرفها بموجب أحد برامجه.

وحسب المجلة، ليس ثمة أي مؤشرات على تحسن الوضع بالنسبة للدول الفقيرة فعلى الرغم من التراجع الطفيف في أسعار الغاز في ظل شتاء معتدل في أغلب مناطق نصف الكرة الشمالي، تستمر المخاوف بشأن إمكانية نقص الإمدادات خلال العام القادم.

ومع احتمال استمرار تعطل خطوط "نورد ستريم"عن العمل خلال العام الجاري، توقعت المجلة أن يزداد اعتماد الدول الأوروبية على الغاز الطبيعي المسال لإعادة تعبئة منشآت التخزين الحيوي لديها خلال صيف 2023؛ كما أعربت بعض دول الاتحاد الأوروبي عن رغبة قوية لتوقيع عقود طويلة الأجل لالتهام أي إمداد جديدة من الغاز خلال السنوات القليلة المقبلة.

على جانب آخر، كانت عدة دول أوروبية قد تعهدت بإيقاف الدعم الحكومي الموجه إلى مشروعات الوقود الحفري الدولية، حيث تؤكد حيث هذه الدول ضرورة عدم تزويد الدول الفقيرة بتمويلات لتطوير البنية التحتية اللازمة لعمليات الغاز الطبيعي النهائية، والذي من شأنه تزويد هذه الدول بمصدر موثوق للطاقة ومساعدتها على تحقيق النمو الاقتصادي.

ورغم ذلك، لم تتوقف الشركات الدولية الأوروبية والأمريكية عن استغلال رأس مالها في تطوير احتياطات الدول الفقيرة من الغاز بهدف "تصديره" إلى الدول الغنية في شرق آسيا وأوروبا.

ولفتت مجلة "فورين بوليسي" إلى استمرار الاتحاد الأوروبي في العمل على فرض شكل غير مباشر من أشكال الاستعمار الأخضر الذي يضع قيودا صارمة الدعم المالي الذي قد يساعد الدول الفقيرة في زيادة إمداداتها الحيوية من الطاقة لتخليص شعوبها من براثن الفقر.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل