المحتوى الرئيسى

في أسيوط.. «جنون الثأر» بدأ بخلافات جيرة وانتهى بمذبحة

02/05 13:27

حبيبة جمال - محمود مالك

 «العريان» و «عمار»؛ عائلتان من كبار عائلات أبو تيج بمحافظة أسيوط، كتبت أسماؤهم في سجلات جرائم الثأر الذي أصبح ثقافة مذمومة من قديم الأزل وإلى يومنا هذا تتوارث من قرية لأخرى ومن محافظة لأخرى في جنوب مصر، وصار الثأر بمثابة مسابقة بين فريقين يفوز فيها من يحصد أرواحًا أكثر.

فمازالت تلك العقيدة الفاسدة راسخة في أذهان أهالي محافظات الصعيد؛ الإرث الذي يخلف بحورًا من الدماء التي لا تنتهي وهذا ما حدث في محافظة أسيوط.. خلاف بسيط وخصومة ثأرية بين هاتين العائلتين بسبب قطعة أرض وخلافات جيرة، تم على إثرها عقد جلسة صلح بينهما واتفقا على ألا يمر أي شخص من العائلتين من أمام منزل الآخر، مرت فترة زمنية طويلة بينهم كان الهدوء عنوانها؛ اعتقد الجميع أن الأمر انتهى هنا ولن توجد أي مشكلة أخرى، لكن يبدو أن كل طرف من الطرفين كان ينتظر أن يُخطئ الآخر؛ حتى جاءت اللحظة التي يتحينها كل طرف، وتجددت الخلافات من جديد لكن تلك المرة سقطت3 جثث من عائلة والأخرى تلوثت يد شقيقين بالدم والقتل؛ وتلونت الأرض باللون الأحمر القاتم.. ماذا حدث في فجر أول خميس من شهر سبتمبر ٢٠٢١م، وبماذا قضت محكمة الجنايات؟!، هذا ما سترويه السطور التالية.

المكان: قرية النخيلة التابعة لمركز أبو تيج بمحافظة أسيوط.

الزمان: فجر أول خميس من شهر سبتمبر عام ٢٠٢١م.

الأبطال: من عائلة عريان جابر درويش، ونجليه أحمد ومحمد، ومن عائلة عمار، شقيقان.

الأحداث: استيقظ الأب جابر درويش، وأيقظ نجليه محمد وأحمد، صلوا جميعًا الفجر جماعة، وتناولوا بعدها إفطارهم واستعدوا للذهاب لمباشرة أعمالهم في أرضهم الزراعية، وبينما كانوا ينتظرون باقي أفراد أسرتهم أمام منزلهم، وجدوا أفرادًا من عائلة عمار يمرون من أمام بيوتهم، وقتها شعروا أن هذا اختراقًا واضحًا وصريحًا للاتفاق الذي تم خلال جلسة الصلح، وتجددت الأزمة من هنا، اعترض أبناء جابر على مرور خصومهم من أمام المنزل، وأثناء معاتبتهم تطور الأمر حتى وصل للتشابك بالأيدي.

فجأة استيقظ الأهالي من نومهم، وتحولت القرية الهادئة في هذا الوقت لحالة من الصخب، المشاجرة تشتد والنساء يصرخن والأطفال يبكون، إلى أن تعدى أحمد على أحد أبناء عائلة عمار بالعصا، وكانت هذه الضربة بمثابة الشرارة التي أشعلت النيران؛ شعرت عائلة عمار بالإهانة، ملأ الحقد قلوبهم، وأعمى الانتقام بصيرتهم؛ خرج شقيقان من عائلة عمار حاملين أسلحة نارية وبدون أدنى تفكير أو منطق أمطرا كل الموجودين بوابل من الرصاص، وتحولت المشاجرة لمجزرة، سقط على إثرها جابر ونجليه جثث هامدة وتلونت الأرض بلون الدم والغدر، حاول الأهالي نقل الثلاثة للمستشفى في محاولة لإنقاذهم، ولكنهم وصلوا للمستشفى جثث هامدة... لقى الأب مصرعه أب وترك زوجة بلا سند أو عائل، ومات نجليه وهما مازالا في ريعان شبابهما، وعلى الجانب الآخر شقيقان خلف القضبان ينتظران نتيجة طيشهما والحقد الذي ملأ قلبيهما وأعمى بصيرتهما، وما فعلاه جدد الخصومة والثأر من جديد ولن تهدأ نارها بسهولة داخل قرية لها في التاريخ القريب حكايات وحكايات.

لكن لماذا حدث كل هذا، ما السبب الذي جعل الأمر يتطور إلى القتل، وأي اتفاق تم بين العائلتين؟!، تعود الحكاية لسنوات طويلة؛ ففي قرية النجيلة، تعيش عائلة «العريان» وعائلة «عمار»، كل منها يعيش في شارع بعيد عن العائلة الأخرى، ولكن كانت هناك خلافات وعداوات قديمة بين تلك العائلتين، تتجدد كل فترة، بسبب وبدون سبب تدب المعركة وتطلق النساء الصرخات والاستغاثات خوفا على أطفالهن وأزواجهن من أن تطولهم طلقات الرصاص؛ لأسباب لا تذكر، حتى تدخل الحكماء من أهل القرية وعقدوا جلسة صلح بين الطرفين واتفقوا على ألا يمر شخص من عائلة العريان من أمام منازل عائلة عمار والعكس أيضا صحيح، وانتهت الجلسة عند هذا الاتفاق وهدأت الأمور وسادت حالة من الهدوء والسكينة في أرجاء القرية، واعتقد الجميع أنهم سينعمون بالسلام الذي لن تسبقه العاصفة بعد هذا الاتفاق، لكن سرعان ما استيقظوا من أحلامهم على كابوس مفزع، عندما تجددت الأزمة من جديد ولكن تلك المرة بأكثر شراسة، فالأمر لم ينته عند خلافات وتشابك بالأيدي وتدخل الأهل والحكماء للصلح؛ ففي تلك المرة وقع ضحايا ودفع أب ونجلاه حياتهم ثمنا لعدم التفكير والحقد.                                                                                                                                                            الضحايا

تلقى اللواء عمر السويدي مدير أمن أسيوط، إخطارًا من اللواء وائل نصار مدير إدارة البحث الجنائي؛ بورود بلاغ من أهالي قرية النخيلة، مركز شرطة أبو تيج بإطلاق أعيرة نارية أسفرت عن مقتل أب ونجليه.

على الفور تم تشكل فريق بحث تحت إشراف العميد أحمد البديوي رئيس مباحث المديرية، وبرئاسة الرائد أحمد صلاح رئيس مباحث المركز ومعانيه.

بالانتقال إلى مسرح الجريمة وإجراء المعاينة والتحريات تبين مقتل جابر درويش ونجليه أحمد ومحمد وينتمون لعائلة عريان، على يد شقيقين من عائلة عمار، وفرا هاربين.

كثف رجال المباحث من جهودهم، حتى تم القبض على المتهمين وتحولت القضية للجنايات.

بعد مرور عام ونصف على تلك المذبحة، أسدلت محكمة جنايات أسيوط الدائرة الثالثة عشر، الستار على تلك الجريمة؛ وقضت المحكمة برئاسة المستشار حفني عبدالفتاح حفني، وعضوية المستشارين محمد عبدالحميد الزراع، وحازم شوقي عقيل، بأمانة سر صلاح تمام، وأحمد عبدالعال، بإحالة أوراق الشقيقين المتهمين إلى فضيلة مفتى الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي في إعدامهما، وحددت جلسة 11 فبراير المقبل للنطق بالحكم، لاتهامها بقتل رجل ونجليه، لعدم السماح لهم بالمرور من الطريق وخلافات الجيرة بقرية النخيلة التابعة لمركز أبوتيج.

أهم أخبار حوادث

Comments

عاجل