المحتوى الرئيسى

صلاح جاهين.. الفيلسوف الذى هزم خوفه بالفن

01/31 09:24

حالة من البهجة اجتاحت الوسط الثقافى منذ إعلان اختيار الشاعر الكبير صلاح جاهين شخصية المعرض فى دورته الـ 54، خاصة أن الإعلان صاحبه قرار طباعة أشعار صلاح جاهين فى مجلد كامل يشمل ستة دواوين شعرية وهى: قصاقيص ورق، أوراق سبتمبرية، كلمة سلام، موال عشان القنال، القمر والطين، رباعيات صلاح جاهين. كما تجرى طباعة باقى الأعمال التى نفدت منفردة.

يأتى هذا الاختيار فى مجمله وظاهره أيضا للتأكيد على أهمية العامية المصرية ودورها فى التعبير عن الواقع ببساطة ووضوح تتناسب مع المستويات الثقافية المختلفة، وهو ما أكدته اللجنة المنظمة، وفى ثناياه يتلخص تفرد وعبقرية جاهين كشاعر، لكن بين صفحات حياته ومضات تشبه حياة الكثيرين ممن توجه إليهم بأشعاره واستطاع أن يعبر عنهم بفصاحة وبساطة حتى لقب بفيلسوف البسطاء وشاعر الفقراء.

ولد محمد صلاح الدين بهجت أحمد حلمى، الشهير بصلاح جاهين فى شارع جميل باشا بشبرا مصر فى 25 ديسمبر عام 1930، والده المستشار بهجت حلمى الذى عمل لسنوات طويلة فى السلك القضائى، ولظروف العمل تنقل فى محافظات عديدة فنشأ جاهين على ثقافات مختلفة الأمر الذى انعكس فيما بعد على أشعاره وما قدمه من ألوان الفن المتعددة، التى تتضح جلية فى أوبريت الليلة الكبيرة الذى قدمه لفرقة مسرح العرائس عام 1959، من ألحان رفيق دربه الملحن الكبير الشيخ سيد مكاوى، فقد عاشا فترة الشباب جيران فى منزل واحد، ولم يكن هذا هو المشروع المشترك الوحيد فى مسيرتهم الفنية.

حاز أوبريت الليلة الكبيرة على نجاح كبير لدى كافة قطاعات المجتمع من الكبار والصغار بل كان محطة فارقة فى علاقة جاهين بوطنه وهو ما أوضحه فى كلماته تعليقا على ذكرى هذا النجاح: لم أتخلص من خوفى من القاهرة إلا عندما كتبت الليلة الكبيرة.

التحق جاهين بكلية الفنون الجميلة ثم تركها ليلتحق بكلية الحقوق بناءً على رغبة والده. وكتب أولى قصائدة فى رثاء شهداء مظاهرات الطلبة فى المنصورة عام 1936، ليسجل جاهين بذلك أول مواقفه الوطنية التى بلغت ذروتها بكتابة العديد من الأشعار الوطنية التى كان أبرزها على اسم مصر، تلك الأبيات التى عبر من خلالها عن مشاعرنا المعقدة تجاه الوطن، كما كتب العديد من كلمات الأغانى والأوبريتات التى صاحبت ثورة يوليو 1952، وصولا إلى اختيار كلماته لتكون أول نشيد وطنى لمصر بصوت سيدة الغناء العربى أم كلثوم، ومن ألحان كمال الطويل بعنوان والله زمان يا سلاحى الذى تم استخدامه رسميا من عام 1961 حتى عام 1971، ليلقب على إثر ذلك بشاعر الثورة.

بدأ صلاح جاهين رحلته الصحفية بالعمل فى جريدة بنت النيل ثم جريرة التحرير، وفى هذه الفترة أصدر ديوان كلمة سلام أول دواوينه الشعرية. وبالرغم من شهرة جاهين وريادته فى فن الكاريكاتور إلا أن هذه الموهبة اكتشفها فى سن متأخرة وظهرت للنور فى منتصف الخمسينيات حين التحق بالعمل فى مجلة روزا اليوسف، ثم مجلة صباح الخير التى شارك فى تأسيسها عام 1957، ومن أشهر شخصياته الكاريكاتورية: قيس وليلى، قهوة النشاط، والفهامة.

ظل جاهين طوال سنوات عمره يعمل لأكثر من 12 ساعة يوميا، أثمرت عن ما يزيد على 161 قصيدة، بالإضافة إلى الرباعيات التى تعتبر درة أعماله، التى استمر فى كتابتها يوميا فى الفترة من عام 1959 حتى عام 1963، ونشرها أسبوعيا فى مجلة صباح الخير، ثم توقف عن كتابتها حين انتقل إلى جريدة الأهرام، ليعود إلى كتابتها مرة أخرى عام 1966 حين عاد كرئيس تحرير لصباح الخير، وذلك لمدة عام كفَّ بعده نهائيا عن كتابتها.

اكتسبت هذه الرباعيات شهرتها من سلاسة الكلمات وبساطتها بالرغم من عمق المضمون، كما أنه يناقش من خلالها العديد من القضايا فى شتى المجالات والموضوعات التى تمس الشارع المصرى بل والعربى أيضا، فمن منا يمر يومه دون أن يتذكر واحدة من رباعياته تندرا على ظروف حياته اليومية، ومن منا لم يتبادلها مع حبيب أو صديق، فضلا عن استخدام رباعياته كافتتاحية للعديد من البرامج الإذاعية والتليفزيونية، والتى كان أشهرها الإذاعية الكبيرة إيناس جوهر التى ارتبط صوتها لدينا برباعية جاهين الشهيرة: غمض عينيك وأرقص بخفة ودلع.. الدنيا هى الشابة وأنت الجدع.. تشوف رشاقة خطوتك تعبدك.. لكن أنت لو بصيت لرجليك تقع.

وفى عام 1978 تحولت الرباعيات من مكتوبة إلى مسموعة فى ألبوم غنائى بصوت الفنان الكبير على الحجار، وألحان الموسيقار الراحل سيد مكاوى، وتوزيع الفنان منير الوسيمى، كما قام التلفزيون المصرى بعرض مسلسل يتحدث عن رباعيات صلاح جاهين فى 21 أبريل 2005، وذلك بمناسبة مرور 20 عاما على وفاته.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل