المحتوى الرئيسى

«الإسكوتر الكهربائى».. صديق للبيئة فى جو من المغامرة والمتعة

01/30 23:20

وسائل النقل المُستدام للمسافات القصيرة فى شوارع مصر، أصبح الإقبال عليها كبير، وعلى رأس هذه الوسائل الدراجات التشاركية، وتأجير السكوتر الكهربائى الذى انتشر استخدامه بين فئات الشباب فى الآونة الأخيرة، وذلك من أجل مواجهة الزحام المرورى وتوفير الوقت، فضلاً عن المتعة التى تنطوى عليها تجربة قيادته العملية التى تُدار من خلال تطبيقات إلكترونية لخدمات النقل التشاركى الذكي، وتتعاظم أهمية وسائل النقل المُستدام للمسافات القصيرة لتعزيز منظومة النقل المُستدام، لما لها من أهمية كبيرة فى خفض العبء البيئى لوسائل النقل التقليدي، ما دفع عددا من الشباب لإطلاق مبادرات لرفع الوعى بأهمية وسائل النقل الصديقة للبيئة، ونشر تعليمات السلامة والأمان فى قيادتها..

مشهدُ قيادة السكوتر الكهربائى فى شوارعنا بات مألوفًا، مع تزايد أعداد المقبلين على استخدامه فى رحلاتهم القصيرة، وهى ما يُعرف فى أدبيات النقل المستدام برحلات «الميل الأول والأخير»، حيث يشير المفهوم للمسافة التى يقطعها الأفراد من وإلى أقرب وسيلة للنقل الجماعي، انتشار الفكرة على وسائل التواصل الاجتماعى أيضًا زادت من التفات الشباب إليها، حيث يجد كثير منهم فى قيادة السكوتر وسيلة اقتصادية وسهلة للتنقل فى المناطق المزدحمة والأحياء الداخلية للمدن، فضلاً عما تتيحه التطبيقات من إمكانية مشاركة المستخدمين بنسب إسهامهم فى خفض البصمة الكربونية بعد كل رحلة، مقارنة باستخدام السيارات الخاصة، وتعنى الحد من الانبعاثات التى تنتج عن استخدام الوقود الأحفوري.

الرغبة فى المغامرة وخوض تجربة جديدة هو ما دفع على الأزهري، لاستخدام السكوتر فى القاهرة، حيث بدأت التجربة بالنسبة إليه كنوع من الترفيه، ليجدها وسيلة فعالة بشكل كبير للتنقل فى حى الزمالك، يتابع: أسكن فى منطقة الرحاب ومقر عملى يقع بالزمالك، كنت أستغرق وقتًا كبيرًا فى رحلتى اليومية، يصل لساعتين إلا ربع فى طريق العودة مع الزحام المرورى فى وقت الذروة، حتى قررت أن أستخدم المترو وساعدنى فى ذلك بشكل كبير اعتمادى على السكوتر الكهربائى بصورة يومية فى المسافات القصيرة، خاصة بعد افتتاح خط المترو الجديد بمنطقة الزمالك، كما أستخدمه بشكل أساسى فى التنقل داخل المنطقة بسلاسة وسهولة.

وترددت نهى محمد قبل إقدامها على قيادة السكوتر الكهربائى بمنطقة المعادي، خشية تعرضها لمضايقات أثناء استخدامها له، لكن حماس صديقاتها ممن خضن التجربة شجعها على ذلك، «شعرت ببعض الغرابة والخوف فى بداية الأمر، لكنه سرعان ما تحوّل إلى متعةٍ غامرة، أن تقف على سكوتر كهربائى وتخترق الشوارع وأنت تشعر بكل ما حولك. الفكرة مازالت جديدة وغير معتادة بشكل كبير فى شوارعنا، لكن الشارع أصبح أكثر تقبلاً لها خلال الفترة الأخيرة، لم أتعرض لمضايقات لكننى أواجه مواقف وتعليقات طريفة من المارة الذين يتساءلون عن السكوتر وكيفية تأجيره وطريقة استخدام التطبيق الإلكتروني».

التحدى الذى واجهته يكمن فى ركن السكوتر ببعض المناطق التى تشهد إجراءات أمنية ولا يسمح بتركه فى محيطها، ما يضطرنى أحيانًا للبحث عن مكانٍ بديل لإنهاء رحلتي، لكننى غالبا أجد مواقع ملائمة لربطه بعد انتهاء الاستخدام، من خلال القفل الذكي، حيث لا يشترط أن أتركه فى محطة بعينها وهذا يجعل استخدامه بسيطا، مُشددة على أهمية توخى الحذر عند القيادة خاصة مع المطبات وفى الطرق المنحدرة وغير المستوية، كمــا يجــب الحذر أثناء سقوط الأمطار خلال فصل الشتاء فى الطرق المغمورة بالمــياه، مــع الحــرص علـى الســير بسرعة مناسبة تحسبًا لظروف الطريق، وفى كل الأحوال تتطلب القيادة ممارسة وتمكنا لتجنب المخاطر المحتملة.

«لا شـــىء يُعــادل تدفّـــق الأدرينــالين فــى عروقك وأنت تقــود السكـوتر» يصف محمد عبدالعــزيز، الطــالب بكلية الهندسة تجربته، بعــدما عــرف عــن التطـــبيق الإلكــترونى من أصـدقائه. يثمّــن ســهولة استخدام التطبيق الإلكـترونى لبـدء وإنهـاء رحلات السكوتر، من خلال «الباركود» أو الرمز التعريفى للسكوتر الذى يقوم بتصويره بعد انتهاء الرحلة، ويمكن الدفع عن طريق المحفظة الإلكترونية التى يتم شحنها باستخدام طرق متنوعة للدفع، ليظهر له من خلال التطبيق أقرب سكوتر متاح للاستخدام، والمسـافــة التى يمكـن أن يقطعها فى ضـــوء مــا يتوافــر من شحن فى البطارية.

تكلفــة الرحــلة الواحــدة تـتراوح بــين 10 و13 جــنيها لمتوســط مسـافة كيلومترين، كما يوضح محمــد الذى يــرى أن تسـعـيرة الاستخدام اقتصادية، لكنـــها يمكـــن أن تُمثل عبئًا ماديًا إذا زادت المسافة، أو عــند الاعتمــاد علــى السكـوتــر بشــكل يومــى للتنقــل، فالقفــــل المُخصص يتم فتحه قبل بدء الرحلة بثلاثة جنيهات، وتُحسب بعـــــد ذلك الدقـيـقـــة الواحـــــدة بجنيه. بينما تمثل محدودية النطاقات التى يغطيها السكوتر الكهربائى عائقًا له، حيث تُتاح القيادة فى نطاق محدد يسمى المنطـــقة الخضــــــراء، «رغـــــم انتشـار المنظومة بعدد متزايد من المناطق، فإننى أتمنى أن تغطـى أحياءً أكثر فى القاهرة والجــيزة، أنـا أسـكــن بمنطقة إمـــبابـــة وأستخــــدم السـكوتر بشكل أساسى فى مناطـق الدقـى والمهــندســين وأحــــيانًا بمحـيط جامعة القاهرة التى أدرس بها».

يؤمن محمد سيف بالأثر الإيجابى لاستخدام وســـائل النقـــل المُســتدام فى المسـافات القصيرة، كونـهـا خطوة نحو التحوّل لنمط حـياة صديق للبيئة، فضلاً عن فاعليتها فى التنـقـل وتوفير الوقت وإنجـــــاز المشـــــــاوير الصغيرة، ما دفعه إلى إطلاق مــــبادرة لرفـــع الوعى بأهميتها، ودعم تجربـــة القـــيادة الآمـنة للسكوتر الكهربائى فى الشوارع، يتابع: من التحديات التى واجهتنى أثناء قياتى للسكوتر، إحكام توازنى عليه، ومن هنا جاءتنى الفكرة، بدأت بنشر بعض تعليمات السلامة على وســائل التواصـــل الاجتماعـــى، من خــــلال صفحة أسستها لرفـــع الوعــى ومساعـــــدة الراغبين فى استخدامه، مع إيضاح الأخطاء التى يمكن تفاديها أثناء القيادة، يجب أن نرفع شعار السلامة أولاً، فرغم أن سرعة السكوتر محدودة للغاية مقارنة بالسيارات، إلا أن قيادته دون حذر تنطوى على مخاطرة بالتأكيد، هذا ما أحاول إيصاله للجمهور من خلال الجولات الميدانية أيضًا.

ويشير كمال الصويني، الرئيس التنفــــيذى لمشـــــروع «رابيت موبيليتــي» لخــــدمات النقـــل التشاركى الذكي، إلى أن زيادة الإقبال على استخدام السكوتر الكهربائى فى الفترة الماضية، دفعتهم للتوسع فى تطــبيق المنظــومة بعــدد من المحافظــات، لتشمل حتى الآن ست محافظات من بينها القاهرة والجيزة والإسكندرية فضلاً عن مــدن الدلتــا. موضــحًا أن البعــد البيئى يعد من أهم أسباب اهتمامهم بمنظومة النقل المستدام، فما يزيد على 28% من الانبعاثات الكربونية فى مصر تنتج عن قطاع النقل والمواصلات، «كما وجدنا عند دراستنا لمنظومة النقل أن لدينا فجوة كبيرة فى المواصلات».

يتابع: الحكومة تتخذ خطوات فاعلــة بالتوسع فى تطوير منظومة النقــل المســتدام، من وسـائــل النقــل العــام وخطــوط المـترو والمـونـوريل وغـــيرها، لكــن دائمًا ما كانت هناك فجوة فى تزويد خدمة النقل للمســافـــات القصـــيرة الأقـــــل مــــن خمســــة كيلومترات، ووجدنا أن 50% من الرحلات التى تُقطع فى مصر سنويًا تُعد من الرحلات القصيرة، وكثير ممن يمتلكون سيارات خاصة لا يستخدمون المترو لأنهم يحتاجون لوسيلة نقل وسيطة، وهــنا تـبرز أهمـــية خـــدمات النقل التشاركى الذكى لرحلات الميل الأول والأخير، وهو ما يتوفر بصورة ملحوظة فى العديد من المدن والعواصم العالمية.

لم يكن يتوقع صاحب المشروع الذى حصل على المركز الأول فى المبادرة الوطنية للمشروعات الخضـــراء الذكـيـــة، أن يحـظـى استخدام السكوتر الكهربائى والدراجات بهذا القـــدر مــن التفاعــل والقبول من الناس كما يُشــير، ويقول: «كان لدينا فى بداية الأمر قلق من رد الفعل ومن عوامل الأمان واحتمالات السرقات، بدأنا بشكل تجريبى بقرى سياحية فى الساحل الشمالي، وبمجمعات سكنية مغلقة فى المجتمعات العمرانية الجديدة بالقاهرة، والتجاوب الكبير شجعنا على التوسع فى تغطية مناطق عديدة بالقاهرة والجيزة».

يتـــابع: «انطـلقــــنـا فــــى حــــى الزمـــــالك والمهندسين والدقـــى، وتوســعــنا بالمعــادى ومصر الجديدة، كما انطلقنا إلى الإسكندرية وبورسعيد وشرم الشيخ، وبمحافظات الدلتا فى مدن طنطا والمنصورة، وكانت المفاجأة بالنسبة إلينا أن أعلى معدل رحلات حققناه فى المنصــورة، مـــع زيـــادة إقـــبال الشـــباب وطلاب الجامعات، فخلال العام الماضى وصل عدد المستخدمين لما يزيد على 85 ألـف مستخــدم، بإجمــالى رحـلات تزيد على مليون كيلومتر».

تقل تكلفة استخدام السكوتر الكهربائى فى المسافات القصيرة عن سيارات الأجرة وتطبيقات النقل بنحو 25% كما يُشير، ما يجعـله اقتصــاديا بالنســـبة للمسـتخـدمين، وتعتمد المنظومة على تطبيق إلكترونى يقوم المستخدم بتحميله، لإدارة استخدام السكوتر والدراجــــات الكهربائـيــــة، حــــيث تســاعدنا التكنولوجيا بشكل كبير فى التحكم الكامل من خلال غرفة عمليات تعمل على مدار الساعة، لرصد نقاط السكوتر ومراقبتها من خلال GPS، بخلاف فرق الدعم على الأرض التى تعمل على منظومة الصيانة والشحن وإعادة التوزيع وفقًا لأوقات الذروة فى استخدام العملاء والتى تختلف من مكان إلى آخر.

وأغلب المناطق التى تغطيها المنظومة تقع فى الشوارع الداخلية للأحياء، كما يوضح كمال الصويني، حيث تكون سرعة السيارات محدودة، وهو ما يحد من عوامل الخطر عند قيادة السكوتر الذى تصل سرعته إلى 25 كيلـومــترًا فى الساعـــة، أمــا عــن عمليـة الشحن الكهربائى فتستغرق 4 إلى 5 ساعات، وتغطى استخدام السكوتر الكهربائى لمسافة 20 كيلـومــترًا. هناك بالطبع نسبة محسوبة مـن السـرقـات والتخريب تحدث للسكوترات بحكم وجودها فى الشارع، لكننا أقل من النسبة العالمـــية الــتى يصـــل هامشها فى أوروبا وأمريكا إلى 8% ســنويًا من إجمالى السكوترات المتوفرة فى الشوارع.

أهم أخبار الوسيط

Comments

عاجل