المحتوى الرئيسى

شائعات تقتل النجوم.. والفاعل مجهول !

01/27 23:19

من المؤلم جدًا أن يستيقظ الإنسان على نبأ وفاته ويقرأ خبر نعيه وهو على قيد الحياة, تلك الشائعات المغرضة دائمًا ما تستهدف نجوم الفن كضريبة للشهرة, فطالما عانوا من إطلاق الشائعات السوداء, التى لم تخلو من الوفاة والمرض ليتم تسديد الفاتورة من حساب حالتهم النفسية والبدنية, وما تشكله من صدمة وذعر لأسرهم ومحبيهم, كان ولا يزال الفاعل مجهولا, وما زاد من انتشار هذا السلوك، هو التوسع فى التعامل مع العالم الافتراضى ووسائل التواصل الاجتماعى ومايندرج تحته من قنوات وحسابات مزيفة مجهولة المصدر تسعى للتربح وتصدر “الترند” على حساب مشاعر الأخرين, ولأنها ظاهرة متكررة ومسلسل لا نهاية له, كان لابد من فتح الملف فى محاولة للوصول لحلول وطرق لمواجهة تلك الظاهرة والحد من انتشارها.

أثارت الأخبار الكاذبة التى انتشرت مؤخرًا حول وفاة صلاح السعدنى حالة كبيرة من الجدل عبر وسائل التواصل الاجتماعى, لكن سرعان ما تدارك نجله أحمد السعدنى الأمر، لينفى الخبر برسالة شديدة اللهجة عبر صفحته الخاصة قائلا: “أبويا بخير الحمد لله..إن شا الله تنشل يا اللى كتبت الإشاعة”.

كما ترددت أخبار عن وفاة سوسن بدر، وهو الأمر الذى أثار تعجبها من أسباب ومصدر تلك الأخبار الكاذبة, ولم تكن المرة الأولى التى تتعرض لها سوسن بدر لمثل تلك الشائعات، فقد أطلقت إحدى الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعى نفس الخبر خلال الأشهر الماضية, لتخرج نقابة المهن التمثيلية لنفى الخبر مؤكدة عدم صحته.  

وحظى الزعيم عادل إمام بنصيب الأسد من تلك الشائعات, تارة أخبار عن وفاته، وأخرى عن إصابته بمرض “الزهايمر” ودائمًا ما يستقبلها بروح الدعابة حيث علق سابقًا: “ كويس الواحد يقرأ نعيه وهو عايش, ولكن أخشى مع تكرار تلك الشائعات عدم تصديق الخبر إن حدث بالفعل”، وهى شائعات سرعان ما بادر المقربون منه بنفيها جملة وتفصيلا مطمئنين الجمهور عنه وعن حالته الصحية.

قبل رحيل عدد كبير من الفنانين، كانوا قد استقبلوا خبر وفاتهم وهم على قيد الحياة، منهم من سخر من الشائعة ومنهم من عبر عن استيائه الشديد لما قد تسببه تلك الشائعات من صدمات وحزن وألم, منهم الراحل سمير صبرى والذى عبر وقتها عن ألمه وانزعاجه الشديد من نوعية تلك الأخبار القاتلة,  ومنهم من إعتبرها بروفة للموت وهو كان تعليق الراحل أحمد خليل على خبر وفاته وقتها، ومنهم من رفض الظهور بنفسه لنفى الخبر كما فعل الراحل هشام سليم, حيث تولت نقابة المهن التمثيلية مسئولية الرد.

 ومع كثرة تداول تلك الشائعات أصبح الجمهور فى حالة تخبط وعدم إدراك الحقيقة من الشائعة، وهو ما حدث بالفعل وقت رحيل سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة, فقد رافقتها شائعات الوفاة لفترة طويلة وسرعان ما كان يتم نفيها, ففى كل مرة لم تخرج عن كونها شائعة سخيفة, وفى الوقت الذى صدق فيه الخبر لم يتمكن جمهور سيدة الشاشة ومحبيها من تصديقه.

هذا التمادى فى نشر الأخبار المغلوطة عن وفاة نجوم الفن ليست جديدة, فقد عانى منها الفنانون فى الماضى وقبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعى، عندما نشرت وكالة الأنباء الفرنسية خبر وفاة الفنان فريد شوقي دون تحرى الدقة قبل النشر ثم قامت بنفيه بعدها بربع ساعة, كما تعرضت الفنانة شادية لشائعة الوفاة بعد ابتعادها عن الأضواء, وعانت الفنانة وردة الجزائرية من نفس الشائعة, حيث انتشر خبر وفاتها فى أواخر السبعينات إثر تعرضها لحادث أليم, وعادت وردة إلى القاهرة, لتنفي الخبر بنفسها, كما واجه العندليب عبد الحليم حافظ أيضا شائعة وفاته أكثر من مرة، والتى كانت تزداد انتشارًا وقت سفره إلى لندن للعلاج، بينما كان يعود ليكذبها بنفسه.

تلك الشائعات السوداء طالت أيضا الفنانة ليلى طاهر والتى أبدت انزعاجها الشديد من تلك الحالة التى أصبحت ظاهرة من الصعب السيطرة عليها, وتقول: “أنا مستاءة جدا من سعى البعض لنشر هذه النوعية من الأخبار القاتلة, هؤلاء منعدمى الضمير الذين يتاجرون بحياتنا من أجل تحقيق الربح السريع والتربع على عرش ما يسمى «بالترندات» ذلك المصطلح الدخيل علينا, فلابد من اتخاذ موقف ضد الهجمة الشرسة التى تستهدف الفنانين فى مسلسل مستمر لا نهاية له, سواء كانت شائعات الوفاة أو المرض والخوض بشكل غير مقبول فى الحياة الخاصة للفنانين وكلها أكاذيب”.

وتضيف: “لعل عدم وجود ضوابط معينة تحكم عملية تبادل المعلومات على السوشيال ميديا أحد أهم أسباب انتشار تلك الظاهرة, السبب الآخر أن أخبار الفنانين وخاصة الوفاة تشكل وسيلة فعالة لتحقيق أعلى نسبة من المشاهدات و”الشير” مع افتقارهم لوسائل جذب أخرى أكثر مراعاة للقيم والاعتبارات الإنسانية، ولا يدركون حجم التأثير النفسى السىء الذى تتسبب فيه تلك الأخبار وليس من المنطق والمعقول أن أقرأ خبر نعى بين الحين والآخر، ومن الأخبار التى أحزنتنى جدا خبر بتر قدمى, فلماذا ولمصلحة من؟, وحتى زملائى عندما أكون بصحبة إحداهن “وهى زى القمر” وبكامل صحتها ونجد أخبار مدمرة للنفسية، أو التنمر على شكلها لمجرد أنها تقدمت فى العمر مع العلم أن ذلك لم ينقص شيئا من جمالها”.

وتتابع: “هناك وسائل إعلامية تقليدية تحترم الضوابط وتعمل بها ولكن عالم السوشيال ميديا هو عالم بلا قلب ولا رحمة ومع سيادة لغة المال ومفهوم الربح السريع أصبح من الصعب التحكم فيها, فمن يدير هذه الواقع وتلك الصفحات المزيفة سوى معدومى الضمير؟ “.

وعن كيفية مواجهة مثل هذه الظاهرة، تقول : “أعلم جيدا أنه من الصعب الحد منها وإخضاع ذلك العالم لقوانين الضبط ولكن أتمنى أن تجد الجهات المعنية والمسئولة حلًا للحد من هذه المهزلة التى تخطت كل حواجز الأدب، لذا أطالب بضرورة فرض عقوبات واتخاذ إجراء قانونى لكل من يساهم فى الترويج لمثل هذه الشائعات لما قد تسببه من ضرر نفسى, وبالنسبة للنقابة فهى تبادر دائمًا بسرعة الرد نيابة عن الفنان والإطمئنان عن حالته، وهم أيضا منزعجين مما يحدث ولكن ما باليد حيلة”.

الوعى حجر الأساس

كان لابد من توجيه السؤال لأساتذة الإعلام والمختصين عن طرق مواجهة تلك الشائعات للحد من انتشارها, حيث علق د. محمد المرسى أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة قائلا: “المسألة ليست مجرد نشر خبر عن وفاة فنان سواء كان حقيقة أو غير ذلك، فنشرالأخبار الكاذبة سرعان ما يتم نفيها من قبل الفنان أو ذويه وأيضًا من النقابة التابع لها, لكن المسألة فى كيفية معالجة مثل هذا النبأ والتدخل غير المقبول فى الحياة الشخصية للمشاهير, وطبعًا أخبار الفنانين بشكل عام تشكل مادة خصبة لبعض المواقع والصفحات المزيفة لما تحققة من نسبة انتشار عالية, لذلك يتوجب على كل من يتصفح وسائل التواصل الاجتماعى التحقق من الخبر قبل أن يساهم هو الآخر فى نشره، خاصة الأخبار التى تخص الوفاة, فعملية التحقق من المصدر ووجود مرجعية موثوق فيها لهذا الخبر هى عملية مهمة جدًا، ويرتبط ذلك بمدى الوعى لدى الجمهور, وعند التحدث عن كيفية التحكم فى انتشار هذه النوعية من الأخبار فالعامل الأساسى والمتحكم الأول لتلك المسألة هو الوعى والذى يشكل حجر الأساس خاصة وأننا بصدد الحديث عن عالم إفتراضى شاسع وليس دولة واحدة, فمن الصعب ضبطه أمام ما يتمتع به من حرية وانتشار غير محدود، وبالتالى لانمتلك آلية معينة للمنع أوالتحكم فى مستخدميه خاصة خارج سلطة وحدود الدولة التى قد تفرض عقوبات قانونية معينة لمساءلة كل من يتخطى الحدود المهنية والأخلاقية, لكن من الصعب التحكم فى قوانين الدول الأخرى, المسألة كلها تدور فى فلك ومنطق الوعى وعدم الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعى كمصدر للمعلومات وضرورة التأكد من مصدر الخبر قبل القيام بأى عملية من عمليات معالجة الخبر سواء بالشير أواللايك.

ويتابع: هذا السلوك لا يحدث فى الوسائل الإعلامية التقليدية لما تتمتع به من ضوابط ومعايير مهنية وأخلاقية، لكن المشكلة فى العالم الافتراضى حيث لايوجد من يحكمه بشكل فعَال، لذلك فمسألة وجود ضوابط من عدمها مسألة هو أمر غير مجدى فى حالة انعدام الوعى، فلو تحدثنا عن الضوابط فمن المستحيل تفعيلها بشكل حاكم عام على كل مستخدمى السوشيال ميديا, وأحيانا يكون مصدر الشائعة من الخارج.

ويضيف: أما بالنسبة لدور الجهات المختصة، لهم بالفعل دور فعال وقائم التنفيذ وهذه حقيقة لمستها بنفسى من خلال سرعة إثبات صحة الخبر أو نفيه, ودائما ما يبادر د.أشرف زكى نقيب المهن التمثيلية بنفى تلك الشائعات، لأن أخبار الفنانين لها اهتمام كبير من قطاع عريض من الجمهور، وبالتالى فهى سريعة الانتشار والتأثير لذا الرد لابد وأن يكون بنفس السرعة سواء بالتأكيد أو النفى مع تطبيق بعض العقوبات القانونية إن لزم الأمر ضد مروجى تلك الشائعات، ولكن للأسف هذا التحرك لايتم إلا داخل الدولة فقط, فالسوشيال ميديا فضاء مفتوح لذلك أؤكد على مسألة الوعى وضرورة نشر المعلومة الصحيحة فى التوقيت المناسب مع سرعة الرد أكثر من وجود قوانين وضوابط فى المقام الأول, صحيح من الممكن أن تكون رادعة لكن لن تكون فعالة فى حالة انعدام الوعى”.

جرائم نشر

واستنكر د.ياسر عبد العزيز الخبير الإعلامى إساءة البعض استخدام التكنولوجيا وتطويعها لأهداف منافية للقيم والإنسانية حتى وصلت للمتاجرة  بأخبار الوفاة والمرض, ويقول: “الأخبار المضللة والتزييف أصبح جزء أساسى لما يسمى بعالم التواصل الاجتماعى, والتزييف يبدأ من انتحال الحسابات نفسها وصولا إلى بث معلومات مضللة, وقد تطور وازدهر بسبب استفادته من تطورات التكنولوجيا والتقنيات المتقدمة جدا مثل تقنيات الذكاء الإصطناعى, وبات من الممكن جدا خلق عالم موازى قائم على مجموعة من الإفادات المزيفة واستبداله بالواقع الحقيقى.

ويتابع: الأمور الخاصة بالفنانين هى مادة مغرية جدًا, فما يتعلق بالفنان المشهور هو أداة لجذب التفاعلات أو”الترافك” وأخبار الوفاة هى من نوعية الأخبار التى تقع فى مراتب عليا من الأهمية بالنسبة للمعحبين و والمهتمين بشئون الفنانين وخاصة المتقدمين منهم فى العمر أو من يعانى من أمراض معينة هم هدف وفريسة سهلة  للراغبين فى زيادة عدد التفاعلات على مواقع التواصل، ويؤدى هذا السلوك إلى تبعات نفسية ومعنوية سيئة جدًا وتؤثر بالتأكيد على صحة الفنان الذهنية وأيضا البدنية.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل