المحتوى الرئيسى

نوفمبر وقممه الخمس وانتخابات جديرة بالمتابعة

12/03 21:04

شهد شهر نوفمبر لهذا العام أحداثا ولقاءات عالمية وانتخابات مهمة فى أنحاء مختلفة تابعناها؛ لأن الكثير منها ــ من لقاءات القمم ومن الانتخابات ــ لها تأثير مباشر أو غير مباشر على منطقتنا.

أما مؤتمرات القمم الخمس فهى قمة المناخ بشرم الشيخ، وقمة العشرين بإندونيسيا، وقمة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان) بكمبوديا، وقمة آسيا والمحيط الهادى (APEC) فى تايلاند، وقمة الفرانكفونية فى جزيرة جربا بتونس.

كثير من اجتماعات القمم هذه هى لقاءات دورية ولكن تكمن أهميتها فى الأجواء العالمية التى عقدت فى ضوئها، وأيضا فى اللقاءات التى تتم خلالها، فقد خيم عليها جميعا آثار الحرب الروسية على أوكرانيا وما نجم عنها من اضطراب فى الاقتصاد العالمى وتهديد خطير لإمدادات الغذاء والطاقة، ويبدو أن المجتمع الدولى بدأ يعد نفسه للتعايش مع هذا الوضع لفترة طويلة وقد استنفد الغرب كل ما عنده من ضغوط، كما قلصت روسيا أهدافها وأعلنت أنها لا تهدف إلى تغيير النظام فى أوكرانيا بعد أن كان هذا هدفا معلنا فى أوائل الحرب؛ حيث أعلنت أنها تسعى لتخليص الشعب الأوكرانى من النظام النازى فى كييف، كما قلصت أهدافها العسكرية وبدا واضحا أنها تسعى لتعزيز وجودها فى إقليم الدونباس والانسحاب مما عدا ذلك.

ولم تختلف اجتماعات القمم المتعددة هذه عن سابقتها باستثناء مؤتمر المناخ فى شرم الشيخ الذى حقق تقدما فى أحد الهدفين الرئيسيين الذى كان يسعى لتحقيقهما وهما معالجة الاحتباس الحرارى المسبب لتغير المناخ وهنا نستطيع القول إن المؤتمر فشل تماما فى إحداث أى تقدم يذكر فى هذا المجال، وألقى الكثيرون باللوم على الاتحاد الأوروبى إلا أن الاتحاد الأوروبى ألقى اللوم بدوره على مواقف الصين والسعودية والدول المنتجة للوقود الأحفورى، بينما أنجز المؤتمر نتيجة ملحوظة بالنسبة للهدف الثانى وهو معالجة الأضرار الناجمة عن التغير المناخى لدى الدول النامية خاصة الأفريقية منها التى تتحمل القسط الأكبر من الضرر بينما هى أقل المناطق إسهاما فى الانبعاثات الكربونية، وتحققت هذه النتيجة بعد مفاوضات شاقة أدت إلى إنشاء صندوق لهذا الغرض وإن كان لم يحدد بعد وسيلة تمويله أو الدول التى يحق لها الاستفادة منه.

وبالنسبة لسائر اجتماعات القمم فإن أهم ما نجم عنها جاء من الاجتماعات الجانبية وعلى رأسها الاجتماع، الذى ضم الرئيسين الأمريكى جو بايدن والصينى شى جين بينج، والذى طرح فيه الجانبان وجهات نظرهما وخطوطهما الحمراء ونطاق التعاون ونطاق التنافس، أما الخطوط الحمراء وأهمها تايوان فقد طمأنت أمريكا الصين بأنها متمسكة بمبدأ الصين الواحدة ولكنها تعارض بشدة استخدام القوة لتنفيذ ذلك. ومن جانبها أكدت الصين أن تايوان جزء لا يتجزأ منها وأنها لن تتردد فى استخدام القوة للحيلولة دون استقلالها.. وكان هذا كافيا للطرفين اللذين اتفقا على استمرار التعاون و«التنافس» بينهما واللجوء إلى الدبلوماسية لحل الخلافات بينهما واستمرار الاتصالات على كل المستويات.

وقد حرصت الولايات المتحدة فى نفس الوقت على تأكيد دعمها لحلفائها فى المنطقة فقامت نائبة الرئيس الأمريكى كمالا هاريس بتأكيد تأييدها لحلفائها خاصة تايلاند والفلبين فى رفضهما لمطالب الصين فى جزر بحر الصين الجنوبى وكانت أوضح مظاهر ذلك هى الزيارة التى قامت بها السيدة هاريس لجزيرة بالاوان فى الفلبين وأعلنت فيها تأييد بلادها لحكم محكمة التحكيم الدولية القاضى بعدم أحقية مطالب الصين فى هذه الجزر.

أما الانتخابات الجديرة بالاهتمام والمتابعة فهى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأمريكى وانتخابات الرئاسة بالبرازيل والانتخابات البرلمانية فى إسرائيل. والملاحظ فى الانتخابات الثلاثة هذه هو تأييد المؤسسات الدينية لليمين المحافظ بل ولليمين المتطرف كما هو الحال فى إسرائيل.

فما الذى يجعل المؤسسات الدينية فى جميع الأديان تميل إلى اليمين السياسى وأحيانا اليمين المتطرف بالرغم من أن أحزاب اليمين لا تبالى كثيرا بالعدالة الاجتماعية أو بحقوق الإنسان، وتتخذ موقفا صارما وغير إنسانى من هجرة الفقراء الباحثين عن لقمة العيش، وتميل إلى الانحياز إلى الأغنياء ومنحهم التخفيضات الضريبية بادعاء أن ذلك يحفزهم على الاستثمار وتنشيط الاقتصاد، وبالتالى خلق الوظائف الجديدة ومعالجة الفقر، وإن كان ذلك لم يثبت، ففى الحالة الأمريكية ــ وعلى سبيل المثال ــ فإن الإحصاءات تشير إلى أن نسبة البطالة قلَّت فى ظل الإدارة الديمقراطية عنها فى الإدارة الجمهورية.

ولكن تظل هذه الحقيقة.. حقيقة تأييد المؤسسات الدينية لليمين السياسى قائمة وراسخة.. فقد شاهدنا مثلا فى الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية فى البرازيل أن الفجوة بين لولا دا سيلفا الاشتراكى نصير الفقراء وبين بولسنارو اليمينى الترامبى كانت كبيرة مما استنهض الكنائس إلى النزول بثقلها فى الدعوة العلنية لتأييد بولسنارو فى جولة الإعادة، ومما كان له أثر كبير فى تقليص الفجوة حتى فاز لولا بفارق ضئيل.

وفى الولايات المتحدة فإن الأمر أكثر وضوحا، حيث يعتنق التيار اليمينى أو المحافظ القيم المسيحية والأخلاقية وقيم الأسرة ويعارض الإجهاض والمثلية الجنسية، ولا شك أنها فى مجموعها قيم إنسانية وخلقية جديرة بالاحترام، إلا أن ذلك ليس كل القيم المسيحية، فهناك الكثير من مبادئ المحافظين تتضمن قيما لا يمكن وصفها بالمسيحية مثل معاداة الأجانب والتشدد مع المهاجرين والحق فى حمل السلاح، ومعارضة اتحادات العمال ومناصرة الأغنياء وإهمال البرامج الاجتماعية، بالإضافة إلى إثارة التساؤلات حول العديد من الحقائق العلمية، وعلى رأسها تغير المناخ الذى يشككون فى أسبابه فى محاولة لنفى مسئولية رجال الصناعة والأعمال عنه، كما يقلصون من برامج الرعاية الصحية.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل