كيف تم تسييس قميص كرة القدم الأصفر الشهير في البرازيل؟ - BBC News عربي

صدر الصورة، Getty Images\nتعتبر البرازيل من بين المرشحين للفوز بكأس العالم هذا العام في قطر\nفي البرازيل، عندما تم إطلاق قميص كأس العالم 2022 الذي طال انتظاره في أغسطس/آب الماضي، سارع الطالب جواو فيتور غونسالفيس دي أوليفيرا للحصول على القميص.\nذهب الشاب البالغ من العمر 20 عاما إلى أقرب متجر حيث أمسك بالقميص الأصفر والأخضر الشهير وأخذه إلى صاحب المتجر ليدفع الثمن فقوبل بابتسامة حماسية.\nحقائق ومعلومات أساسية عن البرازيل\nكيف يستخدم مرشحا الرئاسة في البرازيل وسائل التواصل الاجتماعي في الحملات الانتخابية؟\nوقال جواو لبي بي سي: "ظن صاحب المتجر أنني أؤيد الحكومة الحالية لأنني أشتريت القميص، وأعرب عن غضبه ضد المرشح اليساري لولا".\nولا يدعم جواو حكومة جائير بولسونارو، الذي يترشح لإعادة انتخابه يوم الأحد. لكن شراء القميص، كما أدرك في المتجر، قد يجعل الناس يعتقدون ذلك.\nومن أجل تجنب المواجهة، تظاهر جواو بأنه من مؤيدي بولسونارو. لقد كان هذا الموقف علامة أخرى على أن القميص الأصفر والأخضر، الذي اشتهر به بيليه ورونالدو وكثيرون غيرهم، أصبح رمزا للأمة المنقسمة.\nصدر الصورة، PA Media\nمنتخب البرازيل لكرة القدم في مونديال 1966 بإنجلترا\nويقول ماتيوس جامبا توريس، أستاذ التاريخ في جامعة برازيليا: "لقد أصبح القميص يحمل دلالات سياسية منذ عام 2014".\nفقبل 8 سنوات خرج ملايين البرازيليين إلى الشوارع للاحتجاج على ديلما روسيف، الرئيسة آنذاك، وهم يرتدون ألوان العلم وهم يطالبون بإقالة الرئيسة اليسارية.\nرئيس البرازيل: "لا أحد على وجه الأرض يستطيع تخويفي"\nانتخابات الرئاسة في البرازيل: تعرف على "ترامب البرازيلي" \nثم في عام 2018، استخدم الرئيس الحالي اليميني المتطرف جائير بولسونارو ألوان العلم مرة أخرى.\nوتجد في هذا العام أيضا الألوان الخضراء والصفراء والزرقاء هي الألوان الرئيسية في تجمعات بولسونارو الانتخابية ، حيث يرتدي الأنصار القمصان التي عليها هذه الألوان وهم يحملون العلم الوطني.\nويقول جامبا توريس: "أصبح القميص الأخضر والأصفر رمزا لأولئك الموالين لحكومة بولسونارو، مما يعني أن جزءا كبيرا من السكان لم يعودوا مرتبطين بتلك الألوان".\nصدر الصورة، Reuters\nالرئيس البرازيلي السابق لولا يقف أمام العلم البرازيلي على الشاشة في تجمع انتخابي في ماناوس\nتغيير بسيط: ما علاقة سلة مشترياتك بتغير المناخ؟\n\nلم يكن لقاء جواو بصاحب المتجر هو السبب الوحيد الذي يجعله مترددا الآن في الحديث عن السياسة، ففي البرازيل، يمكن أن تصبح الخلافات السياسية قاتلة على ما يبدو.\nففي يوليو / تموز الماضي، قُتل مارسيلو ألويزيو دي أرودا، وهو من مؤيدي الرئيس السابق والمرشح اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، بالرصاص في حفل عيد ميلاده الخمسين على يد ضابط شرطة صرخ دعما للرئيس اليميني بولسونارو.\nوقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، انتقم أرودا وأطلق النار على مهاجمه، الذي قضى بعض الوقت في المستشفى قبل إرساله إلى السجن، حيث ينتظر المحاكمة.\nدا سيلفا من الفقر لرئاسة البرازيل وحتى تسليم نفسه للشرطة\nسيدة البرازيل الأولى تقفز في بحيرة لإنقاذ كلبها\nوفي 9 سبتمبر / أيلول، قُتل بينديتو كاردوسو دوس سانتوس، البالغ من العمر 44 عاما، على يد زميل له بعد مناقشة سياسية ساخنة بين الاثنين. ولا يزال المشتبه به، البالغ من العمر 22 عاما، في حجز الشرطة.\nوقال المبرمج التكنولوجي روي أراوجو سوزا جونيور، البالغ من العمر 43 عاما، لبي بي سي نيوز إنه لا يرتدي القميص إلا في المنزل، لتجنب اعتباره بالخطأ من مؤيدي بولسونارو.\nوإذا فاز الرئيس السابق لولا في الانتخابات فإنه يأمل أن "يوحدنا القميص مرة أخرى ويرمز إلى الحب الحقيقي لبلدنا، وليس لحزب سياسي".\nوركز المرشح اليساري لولا على "استعادة" العلم، وقد حرص العديد من مؤيديه، مثل المغنية لودميلا، وأنيتا وهي أول برازيلية تفوز بجائزة غرامي، ومغني الراب دجونغا، على ارتداء القميص أثناء أدائهم.\nوقال دجونغا، الذي كان جزءا من حملة نايكي الرسمية لقميص البرازيل في كأس العالم، للجمهور في إحدى الحفلات الموسيقية إن ارتداء القميص في الأماكن العامة هو بمثابة احتجاج.\nوقال: "إن أنصار بولسونارو يعتقدون أن كل شيء يخصهم سواء ما يتعلق بمعنى الأسرة، ونشيدنا الوطني، وكل شيء، ولكن ها هي الحقيقة.. كل شيء لنا، ولا شيء لهم".\nلكن ليس خصوم بولسونارو وحدهم من يتخوفون من ارتداء القميص.\nوتقول أليساندرا باسوس، وهي من مؤيدي بولسونارو وتبلغ من العمر 41 عاما: "أنا وطنية ويمينية وأريد حقا التصويت وأنا أرتدي قميصي الأصفر".\nولكن بسبب الأجواء المتوترة بين الناخبين، تقول إنها "تخشى ارتداء القميص في يوم الاقتراع".\nصدر الصورة، Getty Images\nريتشارليسون يحتفل بتسجيله هدفا في فوز بلقاء ودي على غانا في سبتمبر\nلكن ما رأي لاعبي كرة القدم أنفسهم في أن القميص أصبح رمزا سياسيا؟ قال ريتشارليسون، مهاجم منتخب البرازيل وتوتنهام، إن ذلك قد يبعد البرازيليين عن القميص والعلم مما يزيل جزءا من الهوية المشتركة للبلاد.\nوأضاف قائلا:"بصفتي مشجعا ولاعبا وبرازيليا، أبذل قصارى جهدي لنشر الهوية التي نملكها معهم في العالم بأسره، وأعتقد أنه من المهم أن ندرك أننا جميعا برازيليون ولدينا دم برازيلي قبل أي شيء آخر".\nوتضم الحملة الإعلانية لشركة نايكي الخاصة بالقميص الجديد شخصيات من مختلف جوانب الطيف السياسي مع التركيز على العمل الجماعي باعتباره موضوعها الرئيسي. وتقول نايكي إن القميص "يعكس العمل الجماعي، ويمثل أكثر من 210 مليون برازيلي، إنه قميصنا".\nوقد حظرت العلامة التجارية أيضا ربط القمصان بالمرجعيات السياسية أو المصطلحات الدينية. ومع ذلك، ما زال العديد من البرازيليين يختارون شراء القميص الأزرق والذي نفد بعد ساعات قليلة من صدوره.\nصدر الصورة، Reuters\nبيدرو بقميص البرازيل الأزرق الجديد بعد أن سجل ضد تونس في مباراة ودية هذا الأسبوع\nوقال ماثيوس روشا، مدرب كرة القدم داخل الصالات المغلقة (أحد أشكال كرة القدم المشهورة في البرازيل)، لبي بي سي نيوز إنه قرر ارتداء القميص الأزرق هذا العام.\nوأضاف قائلا: "لا أشعر بأي رغبة في ارتداء القميص الأصفر، وفي الواقع إن فكرة ارتداء القميص الأصفر تصدمني، حتى أنني لم أخرج قميصي الأصفر القديم من الدرج، إنه لأمر محبط لأن القميص نفسه رائع".\nومضى يقول إنها نفس مشاعر مجموعة من أصدقائه وزملائه. ويقول: "إن القميص الأصفر يرقد في سلام، وآمل أن تفوز البرازيل بلقبها السادس في كأس العالم باللون الأزرق للشعب".\nعلى الرغم من أن الكثيرين يشاركون ماثيوس مشاعره إلا أن القميص الأصفر لا يزال يحظى بشعبية لدى مشجعي كرة القدم الآخرين في جميع أنحاء البلاد.\nوتعتقد مجموعة من المشجعين، وهي مجموعة موفمونتو فيرد إي أميرالو (حركة الأخضر والأصفر)، أن كأس العالم ستساعد في إعادة البرازيليين للقميص الأصفر.\nويقول لويز كارفالو، العضو المؤسس للمجموعة: "نحن لا نتفق مع أولئك الذين يصرون على أن قميص السيليساو الأصفر قد مات، ومن المحزن أن يتم استخدامه مادة في المعارك السياسية".\nوأضاف قائلا: "ليس من المنطقي أن نقول إن القميص الأصفر لا يمثل هذا السياسي أو ذاك بينما الفكرة وراءه هي عكس ذلك تماما".\nومضى يقول:"عندما يدخل فريقنا إلى أرض الملعب فإن ذلك مصدر الفخر لنا كبرازيليين جميعا، لذلك مهما يحدث في اقتراع أكتوبر/تشرين الأول يجب أن يسود الحب الذي نتشاركه كما كان الحال دائما".\nصدر الصورة، EPA\nفي تجمع حاشد للرئيس بولسونارو، ظهرت الألوان الوطنية بشكل كبير\nومع ذلك، أصبح القميص بالنسبة لبعض أنصار بولسونارو رمزا كبيرا لحب الوطن.\nوتقول أدريانا مورايس دو ناسيمنتو، البالغة من العمر 49 سنة، لبي بي سي: "لم يكن هناك شعور بالوطنية قبل حكومة بولسونارو لأن الحكومات اليسارية لا تلبس علمنا".\nومضت تقول: "نشكر الرب أن رئيسنا يحب البرازيل وقد حفظ لنا هذه القيم".\nوبالنسبة لأدريانا، فإن القميص كان يشير فقط إلى كرة القدم ولكنه يظهر الآن حب البلاد.\nوتقول: "إذا فاز اليسار في الانتخابات سيختفي العلم مرة أخرى، هل سبق لك أن رأيت علما في أيديهم؟ لا، لكن هذا لن يحدث لأن الرئيس بولسونارو سيفوز".\nوهذه هي المرة الأولى التي تتزامن فيها الانتخابات الرئاسية البرازيلية بشكل وثيق مع كأس العالم، سواء في جدولها الزمني أو في المناقشات الاجتماعية.\nويقول البروفيسور جامبا توريس إن البرازيليين بحاجة إلى فصل القميص عن السياسة. وأضاف قائلا: "إن القميص هو مجرد قميص".\nوتابع قائلا: "بالطبع للقميص معان لكنه في النهاية لا يمثل حكومة واحدة بعينها، فالحكومات تأتي وتذهب لكن بلدنا وفريقنا سيظلان موجودين على الدوام".\n© سياستنا بخصوص الروابط الخارجية.