المحتوى الرئيسى

عِلمُ بلادى الجميلة: egyptology | المصري اليوم

09/29 04:12

يغمرُنى الفرحُ أننى شهدتُ لحظةً جميلة تتضافرُ فيها جهودُ الدولة المصرية لنشر الوعى المجتمعى بعظمة حضارتنا المصرية الاستثنائية. فى عهود سابقة كنتُ أكتبُ بمَسٍّ غائرٍ من الأسى أن العالمَ بأسره يعرف قيمة تاريخ بلادى ويُدرسّه للنشء، فيما نحن أقلُّ شعوب الأرض درايةً واعتزازًا بتاريخنا العظيم. لكن فى «الجمهورية الجديدة»، ومنذ اللحظة الأولى لتولّى الرئيس السيسى المثقف مقاليد الحكم، بدأت كوّة النور تتسع لننظر إلى الجدّ المصرى بعين التقدير، فدُشِّنتِ المتاحفُ فى جميع أرجاء مصر، وبدأ العمل الدؤوب على توعية الشعب بكنزنا الحضارىّ، وكُلِّفَ علماءُ مثقفون لحمل حقيبة وزارة الآثار والسياحة مثل د. «خالد عنانى»، الذى حقّق طفرة مشهودة فى ملفّ السياحة والآثار ونشر الوعى المجتمعى والعالمى بفوائد كنوزنا، ليُسلّم المشعلَ إلى د. «أحمد عيسى» لتشييد صناعة السياحة لتكون أهم ركائز الاقتصاد القومى بالعمل على زيادة حجم الوفود السياحية لتدرَّ على مصر مدخلات هائلة. وأثناء كل هذا لا يتوقف د. «مصطفى وزيرى» عن الإعلان شبه اليومى عن كشوف أثرية جديدة، يحفرُ بيديه مع فرق الكشوف لإماطة التراب عنها.

نزهو بتاريخنا ونفخر بأن مصر هى الدولة الوحيدة التى اِشتُقَّ من اسمها عِلمٌ عالمى عظيم يُدرَّس فى مدارس وجامعات العالم. علم المصريات Egyptology الذى تأسس قبل ٢٠٠ عام، ونحتفل به فى سبتمبر الراهن على مستوى دولى سيادى راق، كما يليق بحضارتنا. ٢٧ مارس هو اليوم العالمى للسياحة، وفيه فتحت الدولةُ المصرية جميع أبواب متاحفها للزوار المصريين وغير المصريين، لينهلوا من رحيق ماضينا الساحر المثقف الفنان. يتزامن نشوء علم المصريات مع اكتشاف حجر رشيد فى يوليو ١٧٩٩، أثناء الحملة الفرنسية على مصر، ثم عكوف علماء الآثار على محاولة فك رموز الحجر الذى نُقش عام ١٩٦ قبل الميلاد، عن طريق مضاهاة الكلمات المكتوبة باللغات الثلاث: الهيروغليفية، الديموطيقية، اليونانية، حتى نجح فى الأخير عالم الآثار الفرنسى «فرانسوا شامبليون» فى فك الرموز الكاملة للأبجدية الهيروغليفية فى ١٤ سبتمبر ١٨٢٢، فنشأ من ثم علمُ المصريات، لنتمكن بعدئذ فى قراءة البرديات التى تركها لنا الجد المصرى القديم، والخوالد الأدبية المحفورة على الجداريات فى المعابد المصرية المنتشرة على ضاف النيل شرقًا وغربًا من الدلتا حتى أسوان، لنتعرف على جوانب من عبقرية الجد المصرى القديم فى جميع ألوان المعارف العلمية والفنية والإنسانية والسياسية والأخلاقية والدينية.

لولا كشوف حجر رشيد، الذى نرجو استعادته من متحف لندن وتجرى محاولات سيادية جادة فى هذا الأمر، لولا كشوفه وفك شيفرة أبجدياته ونشوء علم المصريات، ما تعرفنا على أرقى وأقيم قانون أخلاقى عرفته البشرية ذاك الذى ابتكره الجد المصرى القديم لبناء المنظومة الروحية والأخلاقية والإنسانية لدى الإنسان، قبل نزول الرسالات السماوية بآلاف السنين. أتكلم عن «قانون الماعت» Egyptian Maat›s Laws الذى نسَبَ الجدُّ المصرى مبادئه للإلهة «ماعت»، ربّة العدل والضمير، الذى من خلاله ضُبِط ميزانُ المجتمع المصرى على قيم «الحق والخير والجمال». ومن تلك المبادئ: «لم أكذب، لم أقتل، لم أسرق، لم أشهد زورًا، لم أستغل منصبى، لم أغضب دون سبب، لم أساند الإرهاب، لم أتسبّب فى دموع إنسان، لم أسلك سلوك الشر، لم أخرّب ممتلكات الوطن، لم أعذِّب حيوانًا، لم أتسبب فى شقاء نبات بأن نسيتَ أن أسقيه،… كنتُ عينًا للأعمى، كنتُ يدًا للمشلول، كنتُ ساقًا للكسيح، كنتُ أبًا لليتيم»... إلى آخر الاعترافات الإيجابية البالغ عددها ٤٢ اعترافًا، والاعترافات الاستنكارية بنفس العدد، وهو عدد محافظات مصر القديمة، وكان على رأس كل محافظة قاضٍ يقف أمامه المتوفى ليُنقّى ثوبَه من الخطايا، وتشهد لصدقه أو كذبه ريشةُ «الضمير» أو «ريشة ماعت» بعد وضعها فى الميزان أمام قلب المتوفى، لنرى إن كان قلبه خفيفًا من الآثام، أم مثقلا بالخطايا. هكذا تحدثنا الميثولوجيا المصرية القديمة فى كتاب: «الخروج إلى النهار»، أو كتاب الموتى.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل