طلعت حرب ومصطفى أمين .. حديث الرجل الصامت مع الصحفي الصادق

 الكاتب الكبير مصطفى أمين ، كتب في آخر ساعة عام 1959 يقول: ذهبت أقابل طلعت حرب في مكتبه ببنك مصر لأكتب مقالا في المجلة عن قصة حياته.

 وعندما قابلني قال لي: أنا متشكر جدًا.. أنا متشكر جدًا .. أنا ممنون جدًا على مقالك.

قال طلعت حرب: المقال المنشور عني في مجلة روز اليوسف بعنوان الرجل الصامت.

قلت : ولكني لم أكتب هذا المقال. إن التابعي هو صاحب فكرة المقال. وسعيد عبده هو الذي كتبه.

وضحك طلعت حرب وقال: هل تعرف أنني شكرت قبلك 17 شخصُا على هذا المقال وتقبلوا الشكر. وأنا مسرور أنك لم تدع لنفسك شيئا في هذا المقال كما فعل غيرك. هذا يدل على أنك تريد أن تقف على قدميك ولا تدعي لنفسك ما ليس لك فضل فيه .

إن عيبنا في هذا البلد أن كل واحد يدعي فضائل غيره ويوزع على الناس نقائص نفسه، وكل واحد منا له جيوب في بدلته ولكن كثيرين  عندنا  يفضلون أن يضعوا أيديهم في جيوب الآخرين، لو أنهم فتشوا في جيوبهم لوجدوا شيئا ولكنهم يضيعون وقتهم في التفتيش عما في جيوب الناس وسرقته، ولهذا أنا أحب دائما أن امتحن الشبان الذين أقابلهم لأعرف هل هم يقون بأنفسهم أم يحاولون التسلق على أكتاف غيرهم .

 وقال لي طلعت حرب أننا ورثنا طبيعة العبيد نتيجة الاستعمار . كل عمل ناجح نحاول أن نحطمه ولو أن معاولنا استعملناها في البناء بدلا من الهدم لكان لنا في كل قرية هرم أو مصنع .

اقرأ أيضا| «لأكفر عن ذنوبي».. محمد عبدالوهاب يكشف سر ركوبه الطائرة

وقال لي طلعت حرب : عندما  أنشأت شركة مصر للتمثيل والسينما قال الناس أنني أنشأتها لأن زكي عكاشة صاحبي . وعندما  أنشأت شركة المحلة الكبرى قالوا أنني فعلت ذلك لن  بنك مصر سيفلس وعندما أنشأت شركة مصر لتجارة الأقطان  قالوا إنها شركة  بأموال الانجليز وأنني مجرد اسم مستعار، وعندما أنشأت شركة الكتان قالوا أنني أنشأت شركة مفلسة لجد عملا لمهندس قريبي .

كنت في الماضي أتضايق من هذه الإشاعات والأكاذيب،   ولكني تعودت عليها الآن إن هذه الأكاذيب والإشاعات والتهم هي دائما إعلان عن النجاح . الرجل الفاشل لاتسمع أحدا يذكره لا بالخير ولا بالشر والرجل الناجح يجب أن يدفع ضريبة نجاحه فيتهم في شرفه وذمته وكرامته ووطنيته،  وأنا أسمي هذا ضوضاء تعلن بصخبها عن قصة نجاح  وعندما أقابل رجلا  لا أعرف شيئا عنه أذكر أمامه اسم احد الناجحين  فإذا شتمه وسبه عرفت أنني في حضرة رجل فاشل وإذا سمعته يثني عليه عرفت أنني أجلس مع  في غرفة واحدة مع شاب مرشح للنجاح.