المحتوى الرئيسى

وسط علامات الاستفهام| أساتذة الفنون: اختبارات القدرات تغتال المواهب

08/08 11:59

د.سمير عبد الفضيل: هذه النوعية من الأسئلة ليس لها محل من الإعراب فى الفن التشكيلى

د. محمد العلاوى: لو كان هذا النظام موجوداً من قبل ما كان هناك مختارأو السجينى

عادل العلاف: ما يحدث الآن فوضى عارمة وفقدان لفنانين بسبب المجموع

علامات استفهام عديدة تحيط باختبارات القدرات التى فُرضت فرضًا على طلاب الثانوية العامة الراغبين فى الالتحاق بالكليات الفنية. أسئلة كثيرة ليس لها إجابات حتى عند أساتذة الفنون المتخصصين، الذين أبدوا اندهاشهم من هذه الأسئلة العقيمة التى لا تفرز مواهب حقيقية، بل تغتالها أمام أعين الجميع.

المتهم الأول معلوم لكن لا يستطيع أن يقوِّمه أو يلومه أحد، فهو العبقرى الوحيد الذى يرى أن هذه النوعية من الأسئلة فى الاختبارات هى القادرة على إفراز المواهب، على العكس تمامًا مما يحدث على أرض الواقع ونقله إلى الكثير من أساتذة الفنون الجميلة عقب نشر مقالى «شبح امتحانات القدرات» هنا فى أخبار الأدب العدد السابق المنشور بتاريخ 2 يوليو 2022، حيث اتصل بى العديد من الأساتذة والمعيدين والطلاب وأولياء الأمور معلنين تأييدهم التام لوجهة النظر الرافضة لمثل هذه النوعية من الأسئلة، ومطالبين بالعودة للنظام القديم الذى أفرز لنا: جمال السجينى، عبد الهادى الوشاحى، عبد العزيز درويش، عبد الله جوهر، سامح البنانى، حامد ندا، فاروق حسنى، طه حسين، جاذبية سرى.. وغيرهم من خريجى الكليات الفنية المختلفة الذين سطعت أسماؤهم فى سماء الفن.

بعض الطلاب أرسلوا لى نماذج من أعمالهم التى نفذوها فى اختبارات القدرات، لكنهم للأسف رسبوا فى الشق النظرى الصعب، وأساتذة أرسلوا لى بعض الأسئلة التى ليس لها أى علاقة بالتربية الفنية أو الفن التشكيلى بصفة عامة، ويعجز بعضهم عن إجابتها، وكان آخرها: ما هو عدد الكرات الموجودة على ترابيزة البلياردو؟، وماهو عدد الجيوب الأنفية للإنسان؟، من هو المطرب صاحب أغنية فاتت جنبنا؟، من هو بطل الدورى العام؟

السؤال العملى لم يكن مناسبا أيضا حيث طُلب فيه “رسم ظاهرة الزحام فى محطات القطار ومواقف السيارات مع مراعاة النسب الصحيحة للجسم البشرى وتحقيق الخطوط والملابس”.. علمًا بأن الطالب يدرس التشريح عند التحاقه بكلية الفنون الجميلة وليس فى الثانوية العامة!، وحتى لو كان لديه الموهبة الفذة فى رسم نسب الإنسان التشريحية ومراعاة النور والظل، فيجب أن تكون أسئلة الاختبار العملى أبسط من هذا، فنحن نبحث عن مواهب بالفطرة لنثقلها بالدراسة وليس عن فنانين محترفين!

الغريب أن هناك تعليمات صارمة بضرورة تسليم ورقة الأسئلة مرفقة بورقة الإجابة بعد نهاية الاختبار!، واستفسرت من أحد الأساتذة عن هذا الإجراء فقال: “عادى ربما لنتأكد من حضور الطالب”، لكنه علق بعدها ضاحكًا: “مع أن الطالب (ماضى وباصم وحالف بالله) أنه حضر الاختبارات، وفى الغالب بابا وماما منتظرينه خارج الكلية”!، لذا كان شرطا غريبا من القائمين على الاختبارات، فنحن طوال مدة دراستنا نخرج ومعنا ورقة الأسئلة خاصة أن الاختبار يتغير كل يوم. 

هاتفنى الكثير من الأساتذة معلنين رفضهم لهذه الاختبارات، والمساحة هنا لا تكفى لنشر معظم الآراء، لكن سأعرض بعضًا منها.. حيث قال د. سمير عبد الفضيل أستاذ التصوير بكلية الفنون الجميلة – جامعة المنيا: للأسف الشديد تكلمنا كثيرًا عن عدم ملاءمة أسئلة اختبارات القدرات، فقد تم إلغاء الامتحان النظرى لمدة سنتين، لكن فوجئنا بعودته مرة أخرى، علمًا بأن الطالب القادم من الثانوية العامة غير مطالب بأى معلومات نظرية ليُختبر فيها، وللأسف هذه النوعية من الأسئلة ‏ أصبحت غريبة وليس لها مكان من الإعراب فى الفن التشكيلي، لأنها ستكون بمثابة حائط صد للطالب الموهوب الذى لو رسب فيها لضاع عليه النجاح فى الاختبار، لأن أغلب الأسئلة تتجه نحو موضوعات ليس لها علاقة بالفن مثل الرياضة والأغانى والأفلام، حتى الأسئلة المرتبطة ‏بالفن لا يستطيع أى شخص غير متخصص معرفة إجابتها. هناك إسفاف واضح من واضع الأسئلة وكأنه قادم من عالم آخر، فهذه أسئلة معقدة، وكأنها لطلاب السنة النهائية بكلية الفنون، لذلك منذ أن اتجهنا لاختبار القدرات الفنية بهذه الطريقة العقيمة نادرًا ما نجد موهبة تستحق التقدير، فهذه الاختبارات تقتل المواهب، ولا تفرز إلا طالبًا حافظًا للتاريخ والجغرافيا، كفاكم هذا الكم من الضغوط على كاهل الأسر المصرية.

قال الفنان الكبير د. محمد العلاوى أستاذ النحت المتفرغ بكلية الفنون الجميلة– جامعة حلوان: قلنا منذ سنوات، عندما بدأت اختبارات القدرات أنها تأخذ مأخذ تجاهل المواهب الفنية بتعجيزها من خلال أسئلة نظرية متخصصة لم يدرسها واضعوها إلا بعد التحاقهم بالكليات، كما أن المسئول عن هذه الاختبارات لم يمر هو نفسه بمثل هذه الاختبارات النظرية، نحن نريد مواهب فنية، أما المعلومات فمن السهل تحصيلها فيما بعد، لمصلحة من نعيق التحاق الموهوبين بكليات الفنون من خلال اختراع أسئلة نظرية، وفعلًا لو كان هذا النظام موجودًا من قبل، ما كان هناك محمود مختار، أو السجينى أو يوسف كامل، وغيرهم ممن كانوا نواة النهضة الفنية فى مصر.

فيما قال د. شوقى الدسوقى أستاذ الجرافيك بكلية الفنون التطبيقية- جامعة بنها:  فى اعتقادى أن هذه الأسئلة التعجيزية التى توجه لطلاب الكليات الفنية على مدار الخمس سنوات تركز فى الأساس على الجانب الثقافى ومعرفة أساليب وطرز ومدارس الفنون المختلفة فى مادة تاريخ الفن لكنها للأسف انتهت تماما وهُمشت من المدارس الثانوية، وكذلك التدريب العملى لأساليب الفنون وممارسة الرسم والنحت والخزف والأشغال الفنية التى كانت تنمى المهارات الأدائية والفكرية لطلاب المدارس الثانوية ليجتازوا اختبارات القدرات الفنية المؤهلة للالتحاق بهذه الكليات دون خوف أو رهبة. لذا يجب أن تكون الاختبارات الحالية على هيئة عملية ابتكارية فقط ولاداعى للنظرية مطلقا، ولاداعى للتجريب خصوصا أنها عقدت فى سنوات سابقة وتم إلغاؤها، فلماذا العودة لها مرة أخرى الآن؟ حتى التدريب العملى بالكليات نظير أجر رمزى للطلاب تم إلغاؤه وترك الطلاب لأصحاب “السناتر” الخاصة لاستنزاف الطلاب ماديًا.. فالرجاء إعادة النظر والتروى فى مثل هذه الامتحانات التى تشكل عبئا ماديا على أولياء الأمور.

 وقال د. طاهر عبد العظيم أستاذ التصوير بكلية الفنون الجميلة- جامعة حلوان: الغريب أن هناك أسئلة نظرية “غلط”، مثل سؤال ذكر فيه لفظ “اللون الأبيض” وهذا خطأ فالأبيض ليس لونا، حتى المذكرات التى تنشر عبر مواقع الوزارة تحتاج إلى سنوات عديدة للإلمام بها، فأين المرجعية التى اطلع عليها الطالب قبل دخول اختبار القدرات، والغريب أن الأسئلة العملية أيضًا صعبة جدًا على الطلاب، ويكفى امتحان طبيعة صامتة ونحت تمثال لمعرفة قدرات الطالب، لكن من الظلم أن أطلب منهم رسم السيرك مثلًا، أو رسم كادر من داخل مترو الأنفاق، وأرى أن هذه النماذج من الاختبارات أدت إلى فقر واضمحلال فى المواهب، ومن الضرورى إعادة النظر فى هذا النظام السيئ فورًا. 

أهم أخبار الوسيط

Comments

عاجل