المحتوى الرئيسى

منخفض القطارة.. مشروع آن أوانه

07/01 21:00

منذ أكثر من مائة عام والأحلام تراود المصريين حول مشروع منخفض القطارة والذى يقضى بتوصيل مياه البحر المتوسط إلى هذا المنخفض الصحراوى الكبير الذى ينخفض مستواه عن سطح مياه البحر بنحو 133 مترا، الأمر الذى سيكفل توليد الكهرباء، فضلا عن تغيير مناخ المنطقة إلى مناخ مطير وتحول مساحات شاسعة حول البحيرة التى ستنشأ إلى مساحات أعشاب خضراء ونشوء فرص سياحية كبيرة وصيد أسماك، وإن كانت بعض الدراسات تشير إلى أن نسبة الملوحة العالية فى البحيرة الناشئة ستجعلها شبيهة بالبحر الميت أى خالية من الحياة البحرية إلا أن الأمر سيستغرق مائة عام على الأقل حتى تصل نسبة الملوحة إلى هذا الحد.

الشىء المؤكد أن المناخ سيتغير إلى الأفضل وأن المنطقة ستتحول إلى منطقة رعوية مطيرة وستتيح القناة والبحيرة الضخمة إمكانيات سياحية كبيرة ونقل بحرى رخيص وفرص لتحلية مياه البحر، فضلا عن المكسب الأكبر وهو توليد الكهرباء.

لقد أجريت دراسات عديدة لهذا المشروع الهندسى الجبار، وتدور كلها حول حفر قناة يبلغ طولها بين 55 و65 كيلومترا من منطقة العلمين بالساحل الشمالى لأقرب نقطة عند حافة المنخفض حيث تصب فى المنخفض.

وباعتقادى أن حفر قناة بهذا الطول الذى لا يزيد كثيرا عن التفريعة الجديدة لقناة السويس (قناة السويس الجديدة) قد أصبح فى متناول اليد بعد التقدم الكبير فى تكنولوجيا الحفر وانخفاض تكاليفه عن تلك المقدرة فى الدراسات القديمة، فضلا عن الخبرة الكبيرة التى اكتسبتها مصر فى هذا المجال وتوفر آلات الحفر الحديثة لديها.

وقد كان من أهم الدراسات التى أجريت حول هذا المشروع وأكثرها جدية هى الدراسة التى أجرتها وزارة الاقتصاد الألمانية الفيدرالية (فى زمن ألمانيا الغربية) وتقريرها الذى عرف بتقرير Bassler نسبة إلى البروفيسور الألمانى فريديريش باسلر الذى تكون على أثر صدوره فى منتصف السبعينيات من القرن الماضى فريق من ثمانية علماء ألمان خلصوا على أن المشروع يستحق إجراء دراسة جدوى بشأنه وأن البحيرة التى ستنشأ سيتم ملؤها فى عشر سنوات إلى مستوى 60 مترا تحت سطح البحر ثم يتم الحفاظ على هذا المستوى بإحداث التوازن بين المياه المتساقطة وكميات البخر الناجم من الحرارة الشديدة وقدرت الدراسة فى ذلك الوقت أن إنتاج الكهرباء سيصل 5800 ميجاوات..

هذا المشروع الكبير الذى سينجم عنه بحيرة مساحتها 20000 كيلومتر مربع أى ما يساوى مساحة بحيرة أنتاريو فى كندا، لن يساهم فقط فى تغيير خريطة مصر الجغرافية والتنموية بل والمناخية أيضا وهو تغير مناخى إيجابى سيحول المنطقة من الجفاف الشديد ودرجات الحرارة المفرطة فى الارتفاع إلى جو مطير مشبع بالرطوبة ودرجات حرارة منخفضة وسماء ملبدة بالغيوم، وسيمتد هذا التحول اللطيف فى الجو إلى مناطق الواحات والوادى الجديد وإلى الجزء الشرقى من الأراضى الليبية.

بل أن بعض خبراء التغير المناخى يرون فيه مخرجا لارتفاع منسوب البحار نتيجة التغير المناخى، عن طريق إتاحة إمكانية تصريف مياه البحار الزائدة لإحداث التوازن المطلوب.

ويمكن استغلال فرصة انعقاد مؤتمر المناخ العالمى فى شرم الشيخ فى نوفمبر القادم Cop27 لعرض هذا المشروع والترويج له وإظهار آثاره الإيجابية على المناخ باعتباره مشروعا نموذجيا للتنمية المواتية للبيئة وإظهار آثاره الإيجابية على المحيط الإقليمى والعالمى من خلال التوازن الذى يحدثه على مستوى ارتفاع مياه البحار.

هذا المشروع العملاق الذى بدأ الحديث عنه منذ عام 1912 وتم إجراء دراسات جادة بشأنه مرتين على الأقل إحداهما فى الخمسينيات فى عهد جمال عبدالناصر للمفاضلة بينه وبين السد العالى والأخرى عام 1975 فى عهد السادات كما أسلفنا، وفى المرتين كان العائق الأساسى هو النفقة الباهظة لحفر القناة.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل