المحتوى الرئيسى

إلى أين تأخذ روسيا الحبوب المسروقة من أوكرانيا؟ - BBC News عربي

06/28 05:09

صدر الصورة، Maxar

اتُهمت القوات الروسية مرارا وتكرارا بسرقة الحبوب من المزارعين الأوكرانيين في المناطق التي باتت تسيطر عليها، بالإضافة إلى محاصيل أخرى مثل بذور عباد الشمس، إلى جانب الأسمدة والمعدات الزراعية. تحدثت بي بي سي إلى المزارعين في المنطقة، وحللت صور الأقمار الصناعية، ورصدت بيانات التتبع، للبحث عن دليل على المكان الذي تذهب إليه الحبوب المسروقة.

على بعد بضع عشرات من الأميال من خط المواجهة، يصف المزارع الأوكراني دميترو، كيف فقد خلال أربعة أشهر منذ بدء الغزو الروسي، المشروع الذي طوره ورعاه على مدار 25 عاما.

حاولت بي بي سي الاتصال بأكثر من 200 مزارع تقع أراضيهم الآن في المناطق التي تسيطر عليها القوات الروسية. يقول دميترو - لا نستخدم اسمه الحقيقي لحمايته من الأعمال الانتقامية - الذي كان من القلائل ممن أبدوا استعدادا للحديث معنا: "لقد سرقوا حبوبنا، ودمروا مبانينا، ودمروا معداتنا".

لقطات كاميرات المراقبة لحظة وصول الجنود الروس إلى منشأة تخزين

ويقول ديمترو إن القوات الروسية باتت تسيطر على 80 في المئة من عشرات الآلاف من الهكتارات التي كان يزرعها، ويتهمها بسرقة الحبوب على نطاق واسع.

التقطت كاميرات المراقبة الأمنية من أحد مواقع الشركة لحظة وصول القوات الروسية. وقد تم تمويه صور بعض المناطق المحيطة لحماية هويات أصحاب المزارع.

لاحقا تُظهر إحدى اللقطات أحد الجنود الروس وقد انتبه لوجود كاميرا أمنية، وأطلق النار عليها، لكنه أخطأ الهدف.

سُرقت شاحنات الحبوب، ويقول دميترو إن اثنتين منها مزودتان بأجهزة تتبع بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS).

تمكنا من استخدام هذه البيانات لمعرفة وجهة الشاحنات وتبين أنها ذهبت جنوبا إلى شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا في عام 2014، ومنها إلى روسيا.

وفقا لبيانات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، توقفت الشاحنتان بالقرب من منشأة تخزين - تم تحديدها كموقع لتفريغ وتخزين الحبوب - في بلدة أوكتيابرسكه في القرم.

ويمكن رؤية رتل طويل من الشاحنات على الطريق بجوار المنشأة، في صورة الأقمار الصناعية الملتقطة في 14 يونيو/ حزيران من هذا العام.

كما يمكننا أن نرى أن منشأة التخزين تقع بجوار خط السكك الحديدية، والتي يمكن استخدامها لنقل الحبوب إما إلى روسيا، أو إلى الموانئ في جنوب شبه جزيرة القرم. ويبدو أيضا أن سطح موقع التخزين يحمل الرمز Z - الذي أصبح يمثل شعار الغزو الروسي.

من الصعب جدا تتبع الشحنات الفردية من الحبوب المسروقة، لكن هناك الكثير من الأدلة على أن الكثير منها يذهب أولا إلى شبه جزيرة القرم. وفي صور القمر الصناعي عند نقطتي دخول رئيسيتين - في تشونهار وأرميانسك - يمكنك رؤية رتل الشاحنات، التي يمكن استخدامها لنقل الحبوب وغيرها من المنتجات.

كما تُظهر صورة من نقطة دخول تشونهار تم التقاطها في 17 يونيو / حزيران، رتلا من الشاحنات يزيد طوله عن 5 كيلومترات (ثلاثة أميال).

ويعد هذا المستوى من حركة المرور على الطرق في شبه جزيرة القرم أمرا غير معتاد، لأن أوكرانيا لم تتمكن من الوصول إلى المنطقة منذ أن ضمتها روسيا في عام 2014، بل تقوم منذ ذلك الحين بتصدير الحبوب وغيرها من المنتجات عن طريق أماكن أخرى.

قد يكون من الممكن تفسير جزء من حركة المرور بأن الشاحنات الفارغة عائدة من المناطق التي تسيطر عليها القوات الروسية، بعد أن سلمت الإمدادات إلى القوات. لكن التفسير الأقرب للمنطق هو أن العديد من الشاحنات تحمل الحبوب - أو غيرها من المنتجات مثل بذور عباد الشمس - المأخوذة من المزارعين الأوكرانيين.

تُظهر صور الأقمار الصناعية لبلدة دزهانكوي في شبه جزيرة القرم، شاحنات تنتظر على طريق بجوار منشأة لتخزين الحبوب، وبالقرب من محطة القطار.

تُظهر الصور قطارات شحن - بها عربات من النوع المستخدم لنقل الحبوب ومنتجات أخرى - في المحطة المجاورة لمرفق التخزين.

القطارات من دزهانكوي متصلة بموانئ سيفاستوبول وكيرتش، حيث يمكن نقل المنتجات إلى روسيا أو إلى الخارج.

إلى أين تؤخذ الحبوب الأوكرانية بعد القرم؟

يقول أندري كليمينكو، الخبير في معهد البحر الأسود للدراسات الاستراتيجية في كييف، والذي يراقب بانتظام تحركات السفن حول شبه جزيرة القرم: "إنهم يأخذون الحبوب إلى شبه جزيرة القرم أول ، حيث ينقلونها إلى [موانئ] كيرش أو سيفاستوبول، ثم يقومون بتحميل الحبوب الأوكرانية على متن سفن روسية متجهة إلى مضيق كيرش".

ويضيف: "هناك في مضيق كيرش [بين القرم وروسيا]، ينقلون الحبوب الأوكرانية من السفن الصغيرة إلى ناقلات البضائع الكبيرة، حيث يتم ضمها إلى الحبوب المجلوبة من روسيا - أو في بعض الحالات، يبحرون إلى هذه المنطقة فقط للإيحاء بأنهم يتزودون بالحبوب الروسية".

ويضيف أنه يتم بعد ذلك تصديرها حاملة أختاما روسية، على أنها حبوب روسية.

غالبا ما كانت تلك السفن تتجه بعد ذلك إلى سوريا أو تركيا.

وقد قال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو، إنهم حققوا في مزاعم بشأن شحن حبوب أوكرانية إلى تركيا ولم يعثروا على أي دليل حتى الآن.

وقال "لدى التدقيق في السجلات وجدنا أن ميناء مغادرة السفن ومكان المنشأ لتلك الصادرات هو روسيا".

تغيير بسيط: ما علاقة سلة مشترياتك بتغير المناخ؟

تُظهر صور الأقمار الصناعية من محطة حبوب أفليتا في ميناء سيفاستوبول في غرب شبه جزيرة القرم، مستوى عالٍ من النشاط طوال شهر يونيو/ حزيران، حيث يتم تحميل عدد من تلك السفن بمواد لها لون مماثل للون الحبوب.

وقد فحصنا صورا لنفس المحطة على مدار السنوات القليلة الماضية، ويبدو أن هذا القدر من النشاط مرتفع بشكل غير عادي.

قال بعض الخبراء الذين تحدثنا إليهم إن هذا النشاط لا يمكن إلا أن يكون متعلقا بالحبوب المنقولة من البر الرئيسي لأوكرانيا. تقول ماريا بوجونوس، خبيرة السياسة الزراعية في كلية كييف للاقتصاد: "القرم لا تزرع كثيرا من الحبوب للتصدير".

كما أنه لن يكون من المنطقي من الناحية الجغرافية بالنسبة لروسيا، أن تستخدم سيفاستوبول لتصدير حبوبها.

لكن مايك لي، خبير الزراعة في شركة غرين سكوير أرغو الاستشارية، والذي سبق وأن عمل في كل من أوكرانيا وروسيا، يقول إن بعض الحبوب القادمة من شبه جزيرة القرم يمكن أن تكون جزءا من تراكم محصول العام الماضي، تم تخزينه بسبب الحرب: "شبه جزيرة القرم تحت السيطرة الروسية، لكن خطوط الإمداد هناك تأثرت أيضا".

السفن التي تُوقف أجهزة التتبع الخاصة بها

حددت السلطات الأمريكية والأوكرانية وتقارير وسائل الإعلام، تسع سفن يُعتقد أنها نقلت حبوبا أوكرانية مسروقة من القرم إلى الخارج.

وباستخدام بيانات من قائمة لويدز الاستخباراتية( المعنية بمراقبة الملاحة البحرية حول العالم) Lloyd's List Intelligence، تتبعت بي بي سي هذه السفن في رحلات بين شبه جزيرة القرم وموانئ في تركيا وسوريا منذ أبريل/ نيسان الماضي.

تقول بيانات لويدز إن السفن استخدمت ما قد يصفه المتخصصون في الملاحة البحرية بأنه ممارسات إبحار "خادعة" - وذلك عبر إيقاف أجهزة التتبع على متنها عند دخول البحر الأسود، أو التحرك حول مضيق كيرش بالقرب من شبه جزيرة القرم.

وعندما تعود أجهزة التتبع للعمل، تبحر السفن جنوبا ويظهر أنها تكون على عمق أكبر في الماء، مما يشير إلى أنها أخذت حمولة أثناء إيقاف أجهزة التتبع.

قامت بي بي سي برسم خرائط رحلات ثلاث سفن: ماتروس بوزينيتش،وسورموفسكي 48، المملوكتين لشركتين في روسيا، وكذلك فينيقيا، المملوكة للسلطات البحرية العامة السورية.

حاولنا الاتصال بمالكي هذه السفن المسجلين في روسيا للاستفسار عن الرحلات، لكن لم نحصل على رد. ولم نتمكن من الوصول إلى الملاك السوريين.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل