تاج محل: 20 ألف عامل جسدوا قصة حب في إحدى عجائب الدنيا

تاج محل: 20 ألف عامل جسدوا قصة حب في إحدى عجائب الدنيا

منذ سنتين

تاج محل: 20 ألف عامل جسدوا قصة حب في إحدى عجائب الدنيا

في مثل هذا الوقت من عام 1666 توفي شاه جهان ملك المغول في الهند، والذي خلف وراءه إحدى عجائب الدنيا أو أيقونة الحب "تاج محل" الذي بناه تخليدا لذكرى زوجته المفضلة ممتاز محل. فمن هو هذا الرجل؟ وما هي قصته مع زوجته؟ وما هي حكاية تاج محل؟\nالاسم الأصلي لشاه جهان، ويعني هذا اللقب ملك الدنيا وقد عُرف حتى عام 1628 بالأمير خرام، هو شهاب الدين محمد خرام وقد وُلد عام 1592 في لاهور بباكستان الحالية وتوفي في 22 يناير/كانون الأول من عام 1666 في أغرا بالهند، وقد جلس على عرش إمبراطورية المغول في الهند بين عامي 1628 و1658 وهو من بنى تاج محل.\nوكان الابن الثالث للإمبراطور المغولي جاهانغير وأميرة راجبوت مانماتي. وفي عام 1612 تزوج من ممتاز محل ابنة شقيق نور جهان زوجة جهانغير.\nوقد تمرد خورام، الذي كان طموحا للفوز بالخلافة، على والده في في عام 1622 لكنهما تصالحا في عام 1625. وبعد وفاة جاهانغير في عام 1627، مكن دعم آصف خان، والد ممتاز محل وشقيق نور جهان، شاه جهان من إعلان نفسه إمبراطورا في أغرا في عام 1628.\nوشهد عصر شاه جهان تمددا كبيرا للإمبراطورية المغولية في الهند، كما شهدت إمبراطوريته حالة من المد والجذر في شمال غرب شبه القارة الهندية .\nونقل شاه جهان عاصمته من أغرا إلى دلهي عام 1648 حيث أنشأ مدينة شاه جهان أباد الجديدة هناك.\nوكان لدى شاه جهان شغف بالبناء، ففي عاصمته الأولى أغرا بنى مسجدين كبيرين، هما مسجد موتي "مسجد اللؤلؤ" والمسجد الجامع "المسجد الكبير"، وكذلك الضريح الرائع المعروف باسم تاج محل.\nوتاج محل هو تحفة حكمه وقد شُيد تخليدا لذكرى زوجته ممتاز محل المفضلة بين زوجاته الثلاث. وفي دلهي، بنى شاه جهان مجمعا ضخما لقصر الحصون يسمى القلعة الحمراء بالإضافة إلى مسجد جامع آخر، وهو من بين أرقى المساجد في الهند.\nوقد شهد عهد شاه جهان أيضا فترة نشاط أدبي كبير كما كان هناك اهتمام بفنون الرسم والخط. وكان بلاطه مظهرا للأبهة والفخامة، وربما كانت مجموعته من المجوهرات الأكثر روعة في العالم.\nوقد وصف الكتاب الهنود عموما شاه جهان بأنه المثل الأعلى للحاكم المسلم.\nورغم أن روعة البلاط المغولي بلغت ذروتها في ظل حكمه، إلا أنه أطلق حملات عسكرية أدت في النهاية إلى انهيار الإمبراطورية.\nوكان شاه جهان حاكما متسامحا نسبيا تجاه رعاياه الهندوس.\nوفي عام 1657 مرض شاه جهان، مما أدى إلى صراع على الخلافة بين أبنائه الأربعة دارا شيكوه ومراد بخش وشاه شجاع وأورنغزيب. وقد أعلن المنتصر أورنغزيب نفسه إمبراطورا وحاصر شاه جهان بصرامة في حصن أغرا حتى وفاته.\nوُلدت ممتاز محل، وأُطلق عليها أيضا أرجوماند بانو في عام 1593 وتوفيت في عام 1631، وهي زوجة شاه جهان.\nوبعد أن توفيت في سن مبكرة بعد سنوات قليلة فقط من حكم زوجها، ألهمت ذكراها بناء تاج محل حيث دُفنت.\nوكانت ممتاز محل تنتمي لعائلة جاءت لقيادة البلاط الداخلي لسلالة المغول في القرن السابع عشر، وقد تم تأمين المكانة العالية لعائلتها عندما تزوجت خالتها مهر النساء، من والد شاه جهان جاهانغير "وبعد ذلك عُرفت باسم نور جهان".\nوقد عُيِّن جد أرجوماند ميرزا غياس بك المعروف أيضا باسم "عماد الدولة" الذي دخل البلاط الملكي في عهد أكبر الذي حكم من 1556 إلى 1605، وزيرا للإمبراطورية. كما نال أبو الحسن آصف خان، والد أرجوماند وشقيق نور جهان، أيضا مرتبة عالية داخل البلاط وأصبح فيما بعد وزيرا أعظم في عهد شاه جهان.\nوقد كانت أرجوماند مخطوبة للأمير خورام في عام 1607، ولكن لم يُسمح لهما بالزواج حتى عام 1612، وهو التاريخ الذي اختاره المنجمون في البلاط.\nفي غضون ذلك، تزوج الأمير بأخرى، وبالتالي أصبحت أرجوماند زوجته الثانية.\nوقد أنجبت ممتاز محل 14 طفلا خلال زواجهما، توفي 7 منهم في سن الطفولة.\nوكان ابنهما الثالث أورنغزيب آخر أباطرة المغول العظماء.\nوعندما اعتلى شاه جهان العرش في عام 1628 منح أرجوماند لقب ممتاز محل وقد اشتهرت بأعمالها الإنسانية ومساندتها للمحتاجين.\nفي عام 1631، وعلى الرغم من أنها كانت حاملا، رافقت شاه جهان في حملة عسكرية، وأثناء وجودها في برهانبور أنجبت طفلهما الرابع عشر وتوفيت بعد فترة وجيزة جراء النزيف.\nدفنت مؤقتا في برهانبور حتى تم نقل جثمانها إلى أغرا في 1632، وفي الشهر نفسه، بدأ البناء في تاج محل فوق موقع دفنها.\nيتميز تاج محل المُشيد بالرخام الأبيض بأنه أفضل مثال على العمارة المغولية ويضم مزيجا من الأساليب الزخرفية الهندية والفارسية والإسلامية. ويشمل مجمع ضريح تاج محل كل من المسجد المزدوج والحدائق الجميلة والمتحف.\nويعد تاج محل أحد المعالم الأثرية الأكثر شهرة في العالم حيث يزوره ملايين السياح كل عام. وقد صنف كموقع للتراث العالمي لليونسكو في عام 1983.\nونُسبت مخططات مجمع الضريح إلى العديد من المهندسين المعماريين في تلك الفترة، رغم أن المهندس الرئيسي كان على الأرجح أحمد لهاوري، وهو هندي من أصل فارسي.\nوقد تم تصميم العناصر الرئيسية للمجمع وهي البوابة الرئيسية والحديقة والمسجد والضريح ككيان موحد الأمر الذي لم يسمح بأي إضافة أو تغيير على مجمع الضريح لاحقا.\nوبدأ البناء في حوالي عام 1632 حيث تم توظيف أكثر من 20 ألف عامل من الهند وبلاد فارس والإمبراطورية العثمانية وأوروبا في هذه العملية. وقد استمر بناء المجمع الذي تبلغ مساحته 42 فدانا نحو 22 عاما.\nوكان شاه جهان ينوي في الأصل بناء ضريح آخر عبر النهر لإيواء رفاته. وكان من المفترض أن يُشيد ضريحه من الرخام الأسود وأن يكون متصلا بتاج محل بواسطة جسر، ولكن تم خلعه في عام 1658 من قبل ابنه أورنغزيب، وسجن لبقية حياته في قلعة أغرا.\nوللضريح قبة مركزية مهيبة يصل ارتفاعها إلى حوالي 73 مترا، ويعكس الرخام الأبيض المُستخدم في بناء الضريح درجات الألوان وفقا لشدة ضوء الشمس أو ضوء القمر، وداخله غرفة رخامية مثمنة الأضلاع مزينة بنقوش منحوتة وأحجار مصقولة تسمى بيترا دورا.\nويوجد في تلك الغرفة تابوتان زائفان لممتاز محل وشاه جهان حيث تقع المقبرتان الحقيقيتان في مكان ما قرب الحديقة، وتقف مآذن الضريح الأربعة الأنيقة بعيدا عن المبنى المركزي في كل ركن من الزوايا الأربع للقاعدة المربعة للضريح.\nوتعرض تاج محل على مر القرون للإهمال، وقد تم إجراء ترميم كبير له في بداية القرن العشرين تحت إشراف اللورد كرزون، نائب ملك بريطانيا في الهند آنذاك.\nوفي الآونة الأخيرة، تسبب تلوث الهواء الناجم عن الانبعاثات من المسابك والمصانع المجاورة وعوادم السيارات في إتلاف الضريح، ولا سيما واجهته الرخامية.\nوقد تم اتخاذ عدد من الإجراءات للحد من الخطر على النصب من بينها إغلاق بعض المسابك، وتركيب معدات لمكافحة التلوث في أخرى، وإنشاء منطقة عازلة حول الضريح، وحظر حركة المرور بالقرب منه. وقد بدأ برنامج ترميم لتاج محل في عام 1998، لكن التقدم في تحسين الظروف البيئية حول النصب كان بطيئا.\nو كان تاج محل خاضعا للتفاعلات السياسية في الهند من وقت لآخر حيث تم حظر المشاهدة الليلية في مجمع الضريح بين عامي 1984 و 2004 لأنه كان يُخشى أن يكون النصب هدفا للمتشددين السيخ.\nوبالإضافة إلى ذلك، أصبح يُنظر إليه بشكل متزايد على أنه رمز ثقافي هندي حيث حاولت بعض الجماعات القومية الهندوسية التقليل من أهمية التأثير الإسلامي في تفسير أصول وتصميم تاج محل.

الخبر من المصدر