المحتوى الرئيسى

عبد الوهاب الراعي يروي لـ«الوطن» حكاية أعرق جهاز شرطة في التاريخ «1-2»

01/23 20:46

قبل 70 عامًا وتحديدًا في 25 يناير من عام 1952 سطرت الشرطة المصرية واحدة من الملاحم الفاصلة في تاريخها وتاريخ مصر كله، حيث تصدت ببسالة منقطعة النظير لقوات الاحتلال البريطاني، ورفضت تسليم أسلحتها وتسليم مدينة الإسماعيلية للمحتل، ودارت معركة بين قوات الشرطة بأسلحتها الخفيفة وقوات الاحتلال بأسلحتها الثقيلة ليسقط من قوات الشرطة المصرية 56 شهيدًا و73 جريحًا، وهو ما مهد الطريق أمام ثورة 23 يوليو في نفس العام، ويتحول يوم 25 يناير من كل عام إلى عيد للشرطة المصرية، حيث سيذكر التاريخ بكل الفخر بطولات وتضحيات هيئة الشرطة في الحفاظ على أمن واستقرار الوطن ومواجهة الجرائم بأنواعها، وعلى مدى السنوات اللاحقة قدمت الشرطة آلاف الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم وهم يتصدون لقوى الجريمة الإرهابية والجنائية دفاعًا عن أمن الوطن، وما زالوا على العهد ويمين الولاء، بدعم وتلاحم مع قواتنا المسلحة الباسلة.

«الوطن» التقت لواء دكتور عبد الوهاب الراعي الخبير الأمني والأستاذ بالأكاديميات العسكرية والشرطية الذي روى لنا تاريخ الشرطة المصرية أحد أعرق أجهزة الشرطة في العالم، بل يرى الراعي أن جهاز الشرطة المصرية أعرق مؤسسة شرطية في التاريخ البشري.

حدثنا عن تاريخ الشرطة المصرية؟

تاريخ الشرطة المصرية يمتد للعصور القديمة منذ آلاف السنوات بعهد الفراعنة، حيث عرفت الدولة الفرعونية الشرطة في عصر الملك نارمر وكانت مهمتها الحرص على تأمين توزيع مياه النيل بشكل عادل بين جميع المصريين آنذاك، وتولى وزير الفرعون مهام رئيس الشرطة، وامتدت مهامها إلى حراسة مقابر الفراعنة من لصوص الذهب، وهي المهمة التي تقوم بها شرطة الآثار حاليا، وتشير سجلات التاريخ إلى ماقامت به الشرطة الفرعونية بقيادة رئيسها «سمحو» من إحباط مؤامرة لاغتيال إخناتون فرعون مصر.

إذن وجود الشرطة المصرية مرتبط بوجود الدولة؟

بالتطلع إلى النقوش الموجودة على جدران المعابد والقصور والبرديات التي عثر عليها يتبين أن أناسًا يُوكل إليهم أعمال الشرطة ففي عصر الفراعنة كان هناك تنظيم واضح لجهاز الشرطة، فكان هناك الشرطة المحلية، وشرطة المعابد  وحراسة المقابر، وشرطة نهرية، وشرطة للمناجم والمحاجر، وأخرى لجمع الضرائب وضبط الأسواق، وشرطة لحراسة فرعون، وأخرى لمراقبة حكام الأقاليم لضمان تأييدهم لفرعون وانتهى عصر الفراعنة ووقعت مصر تحت حكم البطالمة والرومان والبيزنطيين والفرس وأصبح دور الشرطة المصرية ضئيلاً بالنظر لعصر الفراعنة، وذلك خشية مواجهة المستعمر الغازي، واستعيض عنه بما يعرف بالفرق العسكرية.

وماذا جرى في العصور اللاحقة؟

جاء الإسلام ودخل إلى مصر، ليكتسب جهاز الشرطة المصرية أهمية فرضتها نشأة الدولة الإسلامية القوية وتوسعاتها خلال العصور الوسطى فى الكثير من البلدان، وأصبح قائد الشرطة في كثير من الأحيان نائباً يقوم بإمامة المصلين أثناء مرضه أو سفره للخارج هذا بجانب قيامه بإخماد الفتن ومواجهة الثورات وتأمين الحكم، واتخذت الشرطة المصرية أكثر من مسمى عبر التطور التاريخي لمفهوم الأمن الداخلي للبلاد عبر التاريخ، فسميت بـ«العسعس» أثناء خلافة الفاروق عمر بن الخطاب، ثم أطلق عليها اسم الشرطة في خلافة  عثمان بن عفان وكذلك سميت بـ«الخفر».

عسكري الدرك من أشهر الملامح الأمنية القديمة بجهاز الشرطة لارتباطه بأذهان المواطنيين بالسينما المصرية مرآه المجتمع، وظل معمولا به منذ العثمانيين حتى نهاية القرن العشرين تقريبًا، وجاءت الدوريات الأمنية مكانه، حيث كان الهدف من وجوده بث الطمأنينة في الشوارع وتأمين المحلات التجارية.

وهل كان هناك تواجد للشرطة النسائية؟

الشرطة النسائية نشأت في العصر الفاطمي، قام الحاكم بأمر الله بوضع اللبنة الأولى لإنشاء أول جهاز للشرطة السرية في العصر الفاطمي، وكان أغلبه يضم عناصر نسائية لحفظ الأمن وكشف خفايا المتآمرين على السلطة عام 390هـ 1000م تحت اسم «أصحاب الأخبار»، ثم قام الحاكم بأمر الله في عام 399هـ بحملة تطهير في الجهاز نتيجة اكتشافه مخالفات، ثم تم حل الجهاز في عهد الخليفة المستنصر بالله، وفي عهد المماليك أسند للشرطة مهمة تأمين القناطر والسدود والجسور والعمائر والمياديين والإشراف على حفر الترع والخلجان وجمع الضرائب.

في عهد محمد علي أصبحت الشرطة المصرية ذات طابع أكثر تميزاً مع تولي الحكم في مصر، حيث أولى اهتماما كبيراً بالأمن الداخلي للبلاد وأعاد تنظيم وهيكلة جهاز الشرطة مرة أخرى، وكان هناك نوعان من الأمن، الأمن الداخلى وهي مهمة الشرطة، والأمن الخارجي وهى مهمة الجيش وتم رفع رتبة التنظيم الأمني إلى ديوان أسماه «ديوان الوالي»، ليضبط الأمن ويفصل في المنازعات بين الشرطة، أما في عهد محمد سعيد باشا فقد تم رفع ديوان الوالي إلى مستوى تنظيمي آخر يسمى النظارة، فصارت نظارة الداخلية، وهي المؤسسة المسؤولة عن الأمن الداخلي رسميا وأصبح رئيس النظارة يسمى ناظر الداخلية.

حدثنا عن تاريخ وزارة الداخلية؟

يعود تاريخ وزارة الداخلية إلى بداية النظام الوزاري في مصر عام 1878م، وكان وزراؤها في بادئ الأمر لا ينتمون إلى جهاز الشرطة، وفي الغالب كانت الداخلية تسند إلى رئيس الوزراء، ومن هؤلاء سعد زغلول وعبد الخالق ثروت وجمال عبد الناصر ، ولكن في عهد الرئيس السادات اختلف الأمر منذ 1971م، وبدأ يتعاقب على الوزارة المنتمين إلى الشرطة فقط اعتبارا من الوزير ممدوح سالم.

وتعاقب على وزارة الداخلية حوالي 79 وزير داخلية من عام 1878م حتى الآن 2022، منهم 57 وزيرا حتى ثورة يوليو 1952م، و22 وزيرا من 1952 حتى الآن 2022، وكان أول ناظر «وزير» داخلية نظارة نوبار باشا الأولى 1878م.  

وفي ظل الاحتلال الفرنسي والبريطاني، حيث قام الفرنسيون بفرض وجودهم على رأس الشرطة وعينوا مأموراً فرنسياً على رأس كل قسم من أقسام القاهرة.

ماذا عن فترة إلغاء الحماية؟

وشهدت الفترة من عام 1922  تاريخ إلغاء الحماية وحتى ثورة يوليو 1952  الكثير من التطوير على جهاز الشرطة المصري، فتم إنشاء أجهزة أمنية داخل الوزارة مثل قلم المباحث الجنائية وقلم الأمن السياسي ومكتب لمكافحة المخدرات ومكتب حماية الاّداب ومكتب مكافحة تزييف العملة وفي عام 1944 كان أول قانون خاص بنظام هيئات البوليس واختصاصاتها، وبعدها صدرت ثلاث قوانين خاصة بهيئة الشرطة أعوام ( 55-64- 71 ) وتعديلاتهم، وفي عام 1977 وتم إنشاء قوات الأمن المركزي التابعة لوزارة الداخلية.

أهم أخبار حوادث

Comments

عاجل