المحتوى الرئيسى

علا الشافعي تكتب منى زكي.. حلال أم حرام؟

01/23 23:02

فى حقيقة الأمر لم أكن أتمني أن أدخل فى النقاش العجيب والمفتعل والغوغائي ضد فيلم " أصحاب ولا أعز"، تلك الهوجة من الهجوم المعروف دوافعه، لولا السهام التي وجهت لصناع العمل، ومحاولات إرهابهم بالخوض في السمعة والشرف، والحلال والحرام. وللأسف تلك القضية باتت تتكرر بين الحين والآخر وتجعل الفنانين وصناع السينما أكثر جبنًا في اختياراتهم، كما يصبحون أكثر ارتباكًا تجاه ما يفكرون فيه أو يحاولون تقديمه في هذا المجتمع الرافع دائمًا لراية الأخلاق الحميدة انطلاقا من المجتمع الأفلاطونى الذي نعيش فيه والمدينة الفاضلة التى نسبح بحمدها ليلًا ونهارا لنجد أن المحصلة النهائية هي فن معلب يخلو من أي إبداع يذكر.

والأهم أننا أمام هذا الهجوم المفتعل لن نجد من يلتفت للفيلم أو يقيمه نقديا، أو يطرح تساؤلات لماذا تم تقديم الفكرة، وما الذي يهدف إليه صناع العمل من إعادة تقديم فيلم سينمائي إيطالى  بعنوان "  Perfect Strangersتم تقديمه فى أكثر من نسخة، هل نافس " أصحاب ولا أعز" الفيلم الإيطالي مثلًا، هل اقترب من روحه، هل قارب النسخة الفرنسية من العمل، هل أضاف المخرج اللبناني في تجربته الأولى شيئًا إلى الرؤية البصرية التي قدمها الفيلم الإيطالي خصوصًا وأن الفيلم ينتمي إلى نوعية أفلام  one location”"، أم أنه اكتفى بأن لديه هذا العدد من النجوم  فراهن على التنافس في الأداء، ولماذا ترتبط الأحداث بخسوف القمر الذي تصر بعض بطلات العمل أن تطلق عليه كسوف فيصلح لهن الرجال  أبطال الفيلم قائلين "خسوف" وليس كسوفًا، ماذا عن الجوانب المظلمة التي تحملها كل شخصية، وكيف نكون أصدقاء إلى هذه الدرجة ولكننا نجهل بعضنا البعض إلى درجة قد تفاجئنا، عن الصندوق الأسود الذي نحمله داخل أنفسنا وأجهزتنا النقالة؟.

كل تلك الأسئلة وأكثر هي ما اهتم به المشاهد والمتفرج عند مشاهدة النسخة الأصلية الإيطالية من الفيلم الذي عرض بالمناسبة في مهرجان القاهرة السينمائي، وحاز على إعجاب الكثيرين، وكان من المفترض أن تفجر النسخة العربية الكثير من الأسئلة والمسكوت عنه إذا تم الاعتناء بتفاصيل السيناريو والحوار، وما هومنطق الدراما في أحداث النسخة العربية، ولماذا تم جمعهم في بيروت، ولماذا هذا الاستسهال من صناع العمل في الكثير من التفاصيل الفنية، بدءا من ثقل اسم الفيلم؟ وتميز أداء مني وجورج خباز ونادين لبكى .

من المفترض أن يكون هذا هو النقاش الدائر حول "أصحاب ولا أعز"، وليس توجيه شتائم لفنانة، أو اتهام عمل بأنه يروج للمثلية الجنسية وكأننا طوال تاريخ السينما المصرية لم نقدم مثل هذه الشخصيات. وعلى سبيل المثال وليس الحصر "حمام الملاطيلي، وديل السمكة، وعمارة يعقوبيان، والطريق المسدود"، وكأن تاريخ السينما المصرية لم يتناول علاقات لمراهقات بتنويعات مختلفة، إذا كنا صدمنا من شخصية الفتاة المراهقة التى تدخل نقاشا مع والدها حول علاقتها بشاب وهل تبيت عنده أم لا؟

ببساطة شديدة لو أننا فتحنا الباب لهذه النوعية من المحاكمات الأخلاقية للفن فعلينا أن نردم على الكثير من إنتاجات السينما المصرية  والعربية.

أتخيل الفنانة منى زكي وهي توجه بكل بساطة تهنئة على صفحتها الشخصية لكل فريق عمل الفيلم الذي شاركت فيه مع طاقم لبناني بأكمله، وبدلًا من أن تتلقى عبارات التهنئة على عمل جديد، فوجئت بمئات الشتائم  تنهال عليها وليس الانتقادات بعضها يأخذها لمنطقة العيب والأخلاق والحلال والحرام. وكيف لمنى الزوجة والأم أن تقدم على هذا الفعل، وتنطق بألفاظ قبيحة، وتقدم مشهدا جريئا؟

وبالطبع تعيش منى حالة من الرعب  والإرهاب النفسي، وسوف تفكر ألف مرة هي وغيرها من النجمات عند تقديم دور يحمل قدرًا من الاختلاف، وبدلًا من أن تركز في الدور وتقديم أنماط مختلفة من الشخصيات، ستدخل في حسبة برما، رغم أنها مرات قليلة التي حاولت منى زكي فيها التمرد على نمطية أدوارها أو القالب الذي ظلت محبوسة فيه، خصوصا وأنها خريجة مرحلة السينما النظيفة التى لم تكن مسؤولة عن وجودها، فهذا نمط خلقه رأس المال الذي كان متحكما فى السينما في ذلك الوقت، إضافة إلى قلة وعي عدد من نجوم تلك المرحلة الذين استسهلوا فكرة النجومية وأكل العيش طبقا للباترون المفروض، وهو ما دفعت ثمنه مني زكي، فكلما حاولت أن تتمرد تجد من يقف لها حاملًا يافطة العيب والحلال والحرام. حدث هذا في فيلمها "احك يا شهر زاد" ولكن كان معها حائط صد هو الكاتب الراحل وحيد حامد، وفي مسلسلها البديع "أفراح القبة"، وبهذا الدور في فيلم "أصحاب ولا أعز" الذي حاولت فيها أن تتحرر قليلا وهذا حقها كفنانة. ولكن للأسف ستعاني طويلًا من تبعات هذا الهجوم، ولكن أتمنى أن تدرك في النهاية أن ما سيتبقى في تاريخها الفني هو التنوع وليس تعليقات وغوغائية وجهل البعض.

منى تستحق الاحترام لأنها قبلت هذا التحدي وهي تدرك من داخلها أنها قد تكون هدفًا لهجوم البعض، ولكنها بالتأكيد لم تكن تتخيل أن يتحول الأمر لتلك الحالة العبثية. ما   يحدث من حولها يجب أن يجعلها تصر أكثر وتقاوم وتحاول أن تقدم كل ما هو مختلف خصوصا بعد أن وصلت لمرحلة من النضج الفنى  تؤهلها لذلك.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل