المحتوى الرئيسى

سبب دعم كل من الصين والغرب للاتفاق النووى الإيرانى

01/22 21:38

نشر المجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية ECFR مقالا للكاتب إسفانديار باتمانجيليدى، يذكر المقال أن الدعم الاقتصادى الصينى لإيران شجع الأخيرة على العودة إلى طاولة المفاوضات. رؤية الصين تتلخص فى أن العودة للاتفاق النووى الإيرانى من شأنه أن يحافظ على الاستقرار الإقليمى وبناء عليه الحفاظ على سلاسل إمداد الطاقة العربية للصين... نعرض منه ما يلى:

كان وزير الخارجية الإيرانى، أمير عبداللهيان، فى بكين قبل أسبوعين تقريبا، فى أحدث خطوة ضمن مجموعة من الاتصالات رفيعة المستوى بين المسئولين الإيرانيين والصينيين على مدى السنوات القليلة الماضية. كانت المناقشات المتعلقة باتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة (CSP) الموقعة بين الصين وإيران فى مارس 2021 على أجندة عبداللهيان. توفر الاتفاقية إطارا للتعاون السياسى والاقتصادى والأمنى على مدى السنوات الـ25 سنة المقبلة؛ لكنها ليست فريدة من نوعها. فلدى الصين اتفاقيات مماثلة مع العديد من الدول، بما فى ذلك العراق والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. لكن الشىء الفريد من نوعه حول اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة هو أن تنفيذها يعتمد على استعادة اتفاقية أخرى وهى خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA).

لكن بالرغم من التحذيرات بشأن تعميق الصين وإيران علاقاتهما بهدف تحدى الهيمنة الغربية، فإن العلاقات بين البلدين متوترة فى الواقع، لا سيما منذ انسحاب إدارة ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة فى مايو 2018. فعلى مدى العامين التاليين، أصيبت إيران بخيبة أمل من تحركات الصين لتقليص التجارة النفطية وغير النفطية فى ظل مواجهة إيران العقوبات الأمريكية. من جانبها، كانت الصين قلقة بشأن استفزازات إيران بما فى ذلك الهجمات على البنية التحتية النفطية فى المملكة العربية السعودية والإمارات وهى تعتبر أجزاء مهمة من سلسلة إمداد الطاقة فى الصين.

إلا أن جهود إيران المستمرة فى الدبلوماسية ساعدت على تهدئة المخاوف الصينية بشأن انزلاق الشرق الأوسط نحو أزمة أعمق. بكلمات أخرى، استئناف المحادثات حول مستقبل خطة العمل الشاملة المشتركة بجانب جهود إيران للدخول فى محادثات مع جيرانها العرب جعلت الصراع الإقليمى أقل احتمالا. ففى كلتا الحالتين، تساعد الدبلوماسية الإيرانية فى الحفاظ على أمن الطاقة الصينى من خلال تقليل احتمالية الصراع الإقليمى والذى من شأنه أن يوقف تدفق النفط الخام الذى يعتمد عليه اقتصاد الصين.

فى المقابل، زادت الصين مشترياتها من النفط الإيرانى، فى تحدٍ مباشر للعقوبات الأمريكية المفروضة على إيران. عزز ذلك من انتعاش قطاع النفط الإيرانى بعد ثلاث سنوات من الركود. من جانبها، حذرت إدارة بايدن الصين علنا وسرا بشأن هذه المشتريات. وأشار بعض الخبراء إلى أن مشتريات النفط من جانب الصين تعنى أن إيران ستكون أقل ميلا لاستكمال مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة. لكن هذا التحليل يتجاهل حقيقة أن الولايات المتحدة والصين لديهما مصالح مشتركة بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة، وأحد التفسيرات لعدم تنفيذ إدارة بايدن لعقوبات النفط هو أن القليل من الدعم الاقتصادى الصينى لإيران كان فعالا فى إعادة إيران إلى طاولة المفاوضات. ويبدو أن الصين جعلت دعمها الاقتصادى لإيران مشروطا بضمانات من طهران بأنها ستسعى إلى استعادة خطة العمل الشاملة المشتركة.

كانت الصين إذن هى الطرف الوحيد فى خطة العمل الشاملة المشتركة القادر على منح إيران شريان حياة اقتصاديا فى مواجهة العقوبات الأمريكية. وقد منح هذا المسئولين الصينيين نفوذا فريدا. فخلال زيارته لبكين، من المرجح أنه تم تحذير عبداللهيان من أن عدم إنهاء المفاوضات سيكون له عواقب وخيمة على العلاقات الصينية الإيرانية. الأهم من ذلك، أن الدعم الاقتصادى الصينى لإيران محدود حاليا فبينما انتعشت مشتريات الصين من النفط الإيرانى، لم ترتفع مشتريات إيران من السلع الصناعية الصينية.

وإذا فشلت المحادثات النووية، ستقاوم الصين تأييد الجهود التى يقودها الغرب لإعادة فرض عقوبات متعددة على إيران، وستمنع إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة، وربما تفضل الوصول لاتفاق مؤقت. ولإثبات سيادتها الاقتصادية وتعزيز أمن طاقتها، ستواصل الصين شراء بعض النفط الإيرانى.

لكن من غير المحتمل أن تستمر هذه المشتريات بنفس الأحجام التى نشهدها اليوم. ولن يكون خفض المشتريات هو الوسيلة الوحيدة أمام الصين لفرض أعباء على إيران إذا حاولت تصعيد الأوضاع نوويا فى أعقاب فشل خطة العمل الشاملة المشتركة، ولكن ستكون هناك وسائل أخرى.

جوهر القول، إن الدفء فى العلاقات الصينية الإيرانية ينذر بالخير بالنسبة لخطة العمل الشاملة المشتركة. فالصين حافظت، بصفتها طرفا فى خطة العمل الشاملة المشتركة، على دعمها الاقتصادى لإيران بذكاء، وقامت بتحديد مستوى الدعم لتحفيز إيران على البقاء فى الاتفاقية، مع توضيح أن التعميق الحقيقى للعلاقات الثنائية يعتمد على استعادة الاتفاق النووى. على الجانب الآخر، يشعر المسئولون الغربيون عن حق بالقلق بشأن المخططات الجيوسياسية للصين، لكن الغرب والصين يشتركان فى المصالح فيما يتعلق بإيران.

إذا تم إنقاذ الاتفاق النووى، فإن الدبلوماسية الاقتصادية الصينية يرجع لها الكثير من الفضل.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل