المحتوى الرئيسى

بسبب ألم الفراق.. ماتوا معًا في لمح البصر

01/22 16:34

كتب : أبو المعارف الحفناوي

تقول الحكمة؛ «كل الأشياء حولنا تولد صغيرة، إلا الحزن يولد كبيرًا ثم يتلاشى مع مرور الوقت والأيام، لينتهي أثره في النفس إعمالا بسنة الحياة»، لكن منا قد لا يتحمل ألم وفراق الأحباب فتجده من شدة الحزن عليه لا يستوعب عدم وجوده بجانبه ووطأة بعده عنه؛ فيسقط ميتًا بجواره أو بعد دفنه بدقائق أو ساعات قليلة وسط اندهاش المحيطين حوله، وبدلًا من أن يحمل المشيعون نعشًا واحدًا يحملون نعشين وقد ربطوا على قلوبهم ليتحملوا أثر هذا، وكأن ما بداخل هذين النعشين لسان أحدهما يقول للآخر؛ «لن يترك أحدنا نفسه أسيرًا للحزن، فإما الحياة معًا أو الموت رغبة معًا»؛ واقعتان مؤثرتان حدثتا في محافظتين متجاورتين هما، قنا وأسوان؛ في الواقعة الأولى مات الابن حزنًا على رحيل أمه فلم يستوعب موتها فمات بعدها بساعات قليلة، والثانية لم يتحمل قلب الشقيق وفاة شقيقه فمات بعده بساعتين اثنتين.

الموت حقيقة لا شك فيه ولكن الفراق مؤلم، وبعضنا لم يطق الدنيا بعد رحيل من نحبه، فيموت حزنًا عليه.

..لم تمر ساعات على وفاة والدته، أثناء تواجدها في القاهرة، لتلقي العلاج هناك، حتى دخل في حالة من الاكتئاب الشديد غير مصدق فراق أمه، فتوفي على إثرها، داخل مسكنه بجوار مدرسة الإعدادية الجديدة بنجع حمادي.

بيشوي وليام، 19 عاما، طالب جامعي، كان يرتبط بوالدته كثيرًا ولما لا وهي التي ضحت من أجله كثيرًا، والتي دائما ما كانت تحنو عليه، فرسخت في قلبه كل معالم الأمومة، التي نعم الشاب بها منذ صغره، فلقد كانت سنده وقوته وقت ضعفه.

كان بيشوي يعيش مع أسرته، في وحدة سكنية، هنا في نجع حمادي، وانتقلت أفراد أسرته إلى القاهرة، لعلاج والدته، وتركوه وحيدا في مسكنه، داخل عقار يسكن فيه أقاربه، حتى تلقى خبر وفاة أمه داخل المستشفى، أصيب الشاب بحالة اكتئاب، توفي على إثرها، حزنا على وفاة والدته.

"أخبار الحوادث" رصدت ملامح الحزن، في "شقة مدرسة الإعدادية"، والتي عثروا فيها على جثة بيشوي، عقب محاولات من دخول الشقة، لوجود كلاب أمامها كأنها تبكي ما بداخلها، نعم كانت هذه الكلاب تحرس الشاب، وتنوح بصوت عالي، وكأنها تبكي على فراقه، وكانت سببًا في دخول قوات الشرطة والمواطنين إلى الشقة، لاستخراج الجثة.

في السابعة والنصف مساءً تقريبا، بدأ الخوف يسيطر على أقارب الشاب داخل العقار، فلم يظهر الشاب منذ أن سمع بوفاة والدته، بعد أن فشلوا في الوصول إليه عبر الهاتف، فلم يستجب بيشوي للرد عليهم، حاول البعض وقتها دخول الشقة للاطمئنان عليه، إلا أن الكلاب التي كانت أمامها، أحالت دون دخول أحد، استعانت إحدى السيدات، التى تربطها صلة قرابة به، بأحد أصدقائه، والذي تسلل من مكان خلفي، وشاهد "بيشوي"، من إحدى النوافذ نائمًا فوق فراشه، وما هو بنائم بل متوفى.

هرول الشاب، ليخبر أقارب "بيشوي"، بما حدث، فلقد أصابته حالة من الرعب، وذهب أحد أقارب الشاب المتوفى إلى مركز الشرطة، لاتخاذ الإجراءات القانونية، ومساعدتهم بعد الحصول على إذن من النيابة بدخول الشقة، في دخولها خاصة مع وجود كلاب أمامها.

دخلت الأجهزة الأمنية الشقة، وتوصلت إلى مكان الجثة، ونقلها إلى المستشفى، وتيين أن الشاب توفي بعد إصابته بحالة اكتئاب. 

حضر غُسل شقيقه واحتضنه وبعد ساعتين سقط بجانبه

..حادث ثاني فى قنا، شاب مات حزنا على شقيقه، حيث كانت حياتهما مليئة بالترابط، كانا شقيقان تربطهما علاقة الود والمحبة والاحترام، روح واحدة في جسدين، يصلان الرحم، ويوطدان كل ما هو جميل في معالم الأخوة،  فكانا مثالا يحتذى به في كيفية كيف يعامل الأخ شقيقه «اللي من لحمه ودمه».

سنوات عديدة قاربت على نصف قرن من الزمان، كان الشقيقان ناصر ومنصور، يثبتان للجميع ، أن الأخوة،  ليست كما نراها في هذه الأيام من قطع صلة الرحم جحود البعض، أو الخصام والمشاكل،  أو حتى ربما تصل لحد القتل والخيانة، فلقد كانت المحبة تحتويهم، والتقدير والتعامل الحسن أساسا في حياتهما، التي انتهت بمشاهد حزن، لن ينساها أحد، فلقد كانت حياتهما درسًا وأيضا وفاتهما كذلك، بعد أن توفي الشقيق الأكبر، ثم بعده بساعتين توفي شقيقه بنفس السبب .

هنا في قرية الفوزة بمركز إدفو التابع لمحافظة أسوان، وفي الوقت الذي خيم الحزن والأسى على الجميع قريب وبعيد، بعد سماعهم نبأ وفاة مربي الأجيال منصور محمود عبد الحليم، 50 عاما، بعد إصابته بأزمة قلبية، أثناء تأدية عمله، توفى الرجل على إثرها، خرج الجميع للوقوف بجانبه وقت إصابته وأيضا لإنهاء أوراق تشييع جثمانه، بعد وفاته، في مشهد سيطرت عليه ملامح الحزن والحسرة على فراقه.

أصيب وقتها، الجميع من محبيه وأقاربه، بالذهول، وسط عويل السيدات على الفراق، فمربي الأجبال الاستاذ منصور، كان مشهودا له بكل ما هو جميل، فصفات التقوى والورع واحترام الغير، ووده للكبير والصغير، كان سببا في أن يبكي عليه الأطفال والكبار.

كل مشاهد الحزن التي شهدتها القرية بعد وفاة مربي الأجيال الاستاذ منصور، لم تكن شيئًا عابرًا، في ما ألم بشقيقه ناصر، الذي يكبره بقرابة 5 أعوام، فالحزن على وفاة شقيقه لم يكن هينًا، لم يتوقع أن يموت من سهر وتعب من أجل أن يراه يكبر أمامه،  قبل أن يموت هو، لم يتخيل أن يموت من كان يبديه عن نفسه، من كان يتقاسم لقمة العيش معه قبله،وفي أقل من ساعتين من وفاة شقيقه الأصغر، توفي ناصر، بعد أن أصيب بأزمة قلبية أيضا، حزنا على وفاة شقيقه، في مشهد مأساوي،  كان يلقي بظلال حزنه على الجميع.

أهم أخبار حوادث

Comments

عاجل