المحتوى الرئيسى

ماكرون يواجه متناقضات حول إقرار الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي | شئون دولية | جريدة الطريق

01/21 15:12

ألقى الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" خطابًا أمام البرلمان الأوروبي، بالتزامن مع تولِّي بلاده رئاسة الاتحاد الأوروبي لمدة ستة أشهر، دعا خلاله إلى أهمية اضطلاع أوروبا بدور قوي وأن يكون لها صوت مسموع فيما يخص القضايا المتعلقة بأمنها.

وفي هذا الصدد، يعد الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي -وفقًا لرؤية "ماكرون"- يعني أن يكون لأوروبا مكانتها المحورية على خارطة العالم، وثقل قدرتها على التأثير في مجريات الأحداث العالمية، ورغم أحقية "ماكرون" في طرح رؤيته حول الاستقلال الاستراتيجي لأوروبا، ودفع الأوروبيين لتعزيز مكانة وأدوار قارتهم، فإنه لم يبلور -حتى الآن- الأولويات والمبادئ التوجيهية اللازمة لتحقيق هذا الهدف، كما أنه لم يضع أية استراتيجية من شأنها تعزيز قدرات القارة حتى تتمكّن من تحقيق استقلالها الاستراتيجي.

فضلًا عن ذلك تبدو رؤية "ماكرون" متناقضة بشكل كبير؛ إذ يدعو إلى امتلاك فرنسا القدرة على التأثير، وفي أحيان أخرى يؤكد أن استقلال القرار الفرنسي يأتي متسقًا مع التضامن والشراكة مع الأوروبيين، ومن هنا، لا يُفهم ماذا يريد "ماكرون" تحديدًا من رؤيته، هل يريد استقلال القارة أم الهيمنة الفرنسية على أوروبا والعالم.

ويجدر الانتباه إلى أن رؤية "ماكرون" للاستقلال الاستراتيجي للقارة تفترض أن أوروبا –التي لديها تاريخ طويل من الانقسامات– تبدو متحدة الآن بشأن قضايا الدفاع والسياسة الخارجية، لكن النقاشات الأخيرة حول روسيا والصين ودور الولايات المتحدة الأمريكية تظهر خللًا واضحًا في تماسك الدول الأوروبية، وفي ضوء ذلك، أشار المقال إلى أن رؤية "ماكرون" قد تقود إلى تقسيم أوروبا وإضعاف قدراتها، فضلًا عن دفع الولايات المتحدة الأمريكية بعيدًا عن التحالف عبر الأطلسي.

وفى ظل محاولات "ماكرون" المستمرة للتحدث نيابة عن أوروبا، والمطالبة بدور قيادي في المناطق المشتعلة بالصراعات حول العالم لا تقدم حلولًا للمشكلات التي قام ببلورتها في وقت سابق، وأبرزها الصعود الصيني، والتهديدات الروسية، وتراجع الديمقراطية، والاحتباس الحراري، وجائحة كورونا، وكلها تحديات خطيرة تتطلب إجراءات جماعية، وليس الهيمنة الفرنسية على أوروبا.

وتأتي الاستراتيجية الأوروبية لتحقيق الاستقلال الاستراتيجي للقارة لابد أن تأتي من ألمانيا –وليس فرنسا– بالنظر إلى إرثها التاريخي وقوتها الاقتصادية، ومن ثمّ، فأية استراتيجية ستبلورها ألمانيا ستكون أكثر تأثيرًا من فرنسا.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل