المحتوى الرئيسى

25 يناير.. حكايات الشرطة عبر التاريخ وأقدم مركز بوليس في مصر بجنوب سيناء

01/21 14:09

تحتفل مصر بعيد الشرطة الذي يوافق ذكرى معركة الإسماعيلية في 25 يناير 1952، حيث رفضت قوات الشرطة المصرية تسليم أسلحتها وإخلاء مبنى المحافظة للقوات البريطانية، وأسفرت الاشتباكات بين الشرطة المصرية والقوات البريطانية عن مقتل 56 شرطيًا مصريًا و73 جريحًا، وقامت القوات البريطانية بالاستيلاء على مبنى محافظة الإسماعيلية.

وفى هذا الصدد، يسرد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، وقائع المعركة، حيث وجهت القوات البريطانية مدافع الدبابات ونيران قنابلهم بشكل مركز وبدون توقف ولمدة زادت عن الساعة الكاملة، ولم تكن قوات البوليس "الشرطة" مسلحة بشييء سوى البنادق العادية القديمة وقبل غروب شمس ذلك اليوم حاصر مبنى قسم البوليس الصغير ومبنى المحافظة في الإسماعيلية سبعة آلاف جندي بريطاني مزودين بالأسلحة تدعمهم دباباتهم السنتوريون الثقيلة وعرباتهم المصفحة ومدافع الميدان، بينما كان عدد الجنود المصريين المحاصرين لا يزيد على ثمانمائة في الثكنات وثمانين في المحافظة لا يحملون غير البنادق.

وتابع الدكتور ريحان، أن الجنود المصريون استمروا يقاومون ببسالة وشجاعة فائقة ودارت معركة غير متساوية القوة بين القوات البريطانية وقوات الشرطة المحاصرة في القسم ولم تتوقف هذه المجزرة حتى نفدت آخر طلقة معهم بعد ساعتين طويلتين من القتال، سقط منهم 56 شرطيًا مصريًا شهيدًا و73 جريحًا وهم جميع أفراد جنود وضباط قوة الشرطة التي كانت تتمركز في مبنى القسم هذا بخلاف عدد آخر من المدنيين وأسر من بقي منهم، ولم يستطع الجنرال إرسكين أن يخفي إعجابه بشجاعة المصريين فقال للمقدم شريف العبد ضابط الاتصال لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف واستسلموا بشرف ولذا فان من واجبنا احترامهم جميعًا ضباطًا وجنودًا.

وقام جنود فصيلة بريطانية بأمر من الجنرال إرسكين بأداء التحية العسكرية لطابور رجال الشرطة المصريين عند خروجهم من دار المحافظة ومرورهم أمامهم تكريمًا لهم وتقديرًا لشجاعتهم.

وتحول يوم 25 يناير إلى عيد للشرطة يحتفل به كل عام، كما أنه أصبح عيدًا قوميًا لمحافظة الإسماعيلية، وفي 2009 أصبح يوم 25 يناير من كل عام يوم عطلة رسمية في مصر.

وأشار الدكتور ريحان، إلى تاريخ أجداد هؤلاء الضباط والجنود منذ عصر مصر القديمة حيث كان قدماء المصريين أول من عرفوا نظام الشرطة واستخدموا السفن النهرية لحماية القوافل التجارية وضمان سلامتها كما اخترعوا الأسلحة والسيوف التي كانت تستخدم في تسليح رجال الأمن.

واعتنى المصريون القدماء، بنظام حماية الدروب والشوارع والطرقات والمقابر وكان اختيار رئيس الشرطة يعتمد على الذكاء وسعة الأفق والخلق الحسن من بين الضباط ممن يحملون رتبة "حامل العلم" في حرس الملك، وكان هناك رئيس لشرطة العاصمة والمدن الكبرى لوجود عمال نحت وتزيين المقابر وكانت لشرطة مدينة قفط جنوب مصر مكانة هامة لأنها تقع على طريق جلب الذهب من وادي الحمامات وكانت هناك سلطة كبيرة ونفوذ لرئيس الشرطة الصحراء التي تقوم بتعقب الفارين إلى الواحات وحماية عمال قطع الحجار وكان رئيس شرطة الصحراء تحت الإشراف المباشر للوزير.

وأوضح الدكتور ريحان، إن علم الشرطة كانت عليه صورة غزال في طيبة أو درع مستطيل الشكل مرسوم عليه الملك يضرب عدوًا له وكانت علاقة الشرطة بالشعب تعتمد على الصداقة، كما جاء في نصيحة الحكيم آني لابنه وهي "اتخذ من شرطي شارعك صديقًا لك ولا تجعله يثور عليك" وكانت أجهزة الشرطة تتكون من الشرطة المحلية لحفظ النظام في المدن الكبرى مثل منف وطيبة وتل العمارنة والصحراء والحرس الملكي وكان يشرف عليه الوزير وتضم كذلك شرطة المعابد وكانت مخصصة لحفظ النظام داخلها وشرطة المقابر لحفظ وحماية ما تحويه من كنوز وشرطة أمن الدولة لكشف المؤامرات ورصد أعمال حكام الأقاليم وكان يوجد ما يسمى بالشرطة النهرية لتوفير الأمن للتجارة عبر نهر النيل.

ولفت الدكتور ريحان، إلى أن عصر أمنحوتب الثالث تميز بانتشار القرصنة في حوض البحر المتوسط فعيّن الملك حراسة للسواحل المصرية وشرطة المناجم والمحاجر وكانت توكل للشرطة مهام أخرى مثل المعاونة في جمع الضرائب ومراقبة ضبط المكاييل والأوزان والخبز ومنع الغش.

وكان جهاز الشرطة في العصر البطلمي بداية من عام 30 قبل الميلاد يتكون من الضباط والمناصب القيادية من الإغريق ثم توالى تدريجيًا دخول المصريين وكان تسليح الضباط هو حمل السيف بينما كان تسليح المعاونين هو السوط والجنود العصا، ومن المهام التي أوكلت للشرطة في تلك الفترة حماية الأراضي الزراعية وحرس الحدود والمهام الخاصة والحراسات الخاصة والشرطة النهرية وشرطة تنفيذ الأحكام واقتفى الرومان أثر البطالمة في أول الأمر ثم لجأوا لنظام مزدوج يضم رجال شرطة مدنيين لحفظ الأمن والنظام يتم تعيينهم من أهالي المنطقة ويضم أيضاً رجال الجيش وكان رجال الشرطة في تلك الفترة من المتطوعين.

وفى الفترة البيزنطية من 297 إلى 641م  كان نظام الشرطة يتكون من الدوق وهو رئيس الشرطة ورئيس الأبروشية ويلعب دور مدير البوليس ونشأت قوة لحفظ النظام العام وضبط المتهمين في المدن والقرى وتسليمهم للقضاء والشرطة الخاصة لحراسة كبار الملاك.

وينوه الدكتور ريحان إلى الشرطة فى مصر بعد الفتح الإسلامي حيث أصبح منصب صاحب الشرطة منصبًا هامًا ويعتبر نائبًا للوالي وأسس المسلمون دارًا للشرطة بالفسطاط بجوار دار الوالي وتطور نظام الشرطة في العصر الأموي وأدخلت للشرطة ولأول مرة نظم محكمة مثل مراقبة المشبوهين وعمل سجل خاص لحصرهم للحد من نشاطهم كما أدخل نظام السجل الشبيه بالبطاقات الشخصية يتضمن الاسم والموطن الأصلي وبيانات أخرى ولا يسمح لأي شخص بالانتقال من مدينة لأخرى إلا بهذا السجل وكان هناك بدل فاقد وتالف لهذا السجل.

ويضيف الدكتور ريحان أن رجال الشرطة في العصر العباسي كانوا يقومون بحراسة الأحياء والأسواق وأسوار المدن ورئاسة حرس الخليفة وأسرته والنظر في الجرائم وإقامة الحدود وانقسمت الشرطة لمجموعتين تمثل الأولى اختصاصات إدارية من معونة الحكام وضبط المجرمين وحراسة الأرواح والأموال والأعراض والاختصاصات القضائية وهي النظر في الجرائم وكانت هناك الشرطة السفلى ومقرها الفسطاط والشرطة العليا ومقرها مدينة العسكر ومن مهام الشرطة الطواف ليلًا للمحافظة على الآداب العامة ومنع الخمور وفي عهد الدولة الطولونية نشأت الشرطة السرية لاستقصاء الأخبار من كل مكان وشرطة تشبه شرطة الجوازات وفي العصر الفاطمي نشأت شرطة المطافئ والآداب العامة والتصدي للإضرابات والثورات والفتن.

وفى عصر السلطان صلاح الدين الأيوبي حارب المفسدين واللصوص لدرجة أن الإنسان كان يمر بالصحراء وحده ومعه أحمال من الذهب دون خوف من قطاع الطرق وتصدت الشرطة لارتفاع الأسعار وتنظيم الأسواق خاصة في القاهرة والإسكندرية وفى العصر المملوكي استمرت نفس المهام وعرف صاحب الشرطة بلقب الوالي وقد أدى اتساع المدينة إلى وجود ثلاثة ولاة والي القاهرة ووالي الفسطاط ووالي القرافة.

ويقدم الدكتور ريحان، نموذجًا لأقدم مركز بوليس فى مصر بمدينة نويبع بجنوب سيناء، أنشأته وزارة الحربية في مصر كأول مركز بوليس للهجانة على خليج العقبة بمنطقة الترابين بمدينة نويبع والذى يعد أول مركز بوليس في مصر كلها ويبعد 75كم جنوب طابا، 75كم شمال مدينة دهب، 200م عن شاطئ خليج العقبة وهومسجل كأثر بالقرار رقم 991 لسنة 1999.

وارتبطت قصة إنشاء هذا المركز بمحمد على حين تسلم حكم مصر 1805م واستولى على قلاع الحجاز وجعل من نفسه حاميًا للحرمين الشريفين وحدث نزاع بين محمد على والدولة العثمانية انتصرت عليه وطالبته باسترجاع الحجاز ورغم ذلك ظلت العساكر المصرية بقلاع الحجاز والمويلح وضبا والوجه وقلعة العقبة وقلاع سيناء كقلعة نخل لحماية درب الحج ولما أهمل درب الحج البرى عبر سيناء بعد تحوله إلى الطريق البحرى عام 1885م، طالبت الدولة العثمانية محمد على باسترجاع قلاع الحجاز فسلمها.

وتابع الدكتور ريحان بأن آخر القلاع التي سلمت كانت قلعة العقبة عام 1892م وخرجت العساكر المصرية من قلعة العقبة وعسكروا ثمانية أشهر في وادى طابا بسيناء تحت قيادة سعد بك رفعت وحفروا هناك بئرا للمياه ولصعوبة الحياة في هذه المنطقة أرسلوا لوزارة الحربية بالقاهرة يشتكون ظروفهم وصعوبة تنقلهم في هذا الوادى فأرسلت وزارة الحربية لجنة لاختيار مكان مناسب للجنود وللأمن فوقع الاختيار على هذه المنطقة التي بنى بها مركز البوليس عام 1893م على مساحة 1000م2 وانتقل إليها الجنود المصريون لوفرة المياه وسهولة المواصلات وقربها من البحر والتجمعات السكانية وكان يوجد بها عددًا من رجال البوليس الهجانة

وعن المعالم المعمارية لهذا المركز يوضح الدكتور ريحان أن تخطيطه مربع طوله من الشمال إلى الجنوب 32.75م وعرضه من الشرق إلى الغرب 23.50م ولا يحوى أية أبراج دفاعية بل أبراج ركنية واستخدم في بنائه الأحجار الجرانيتية والرملية والجيرية والمرجانية والطوب الطفلى، وتتوسط كتلة المدخل الواجهة الشرقية المطلة على خليج العقبة ارتفاعها 4م وعرضها 4م وهى مبنية من الأحجار الجيرية المنتظمة الشكل.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل