المحتوى الرئيسى

«دول».. مدينة أشباح بلجيكية ترفض الاندثار

01/20 12:31

تصنف «دول» في شمال أنتويرب أشهر “مدينة أشباح” في بلجيكا بشوارعها المهجورة وواجهاتها الجدارية، غير إن سكّانها البالغ عددهم 21 حالياً مصممون على رؤيتها تزدهر مجددا.

وسيشكل ذلك تبدلا مذهلا في موقع يفرغ باستمرار منذ نهاية سبعينات القرن العشرين حين كان عدد سكانه أكبر بستين ضعفا مما هو عليه حاليا.

تعرف المدينة خصوصا بأنها استضافت محطة نووية معزولة في وسط الأراضي المستصلحة عن البحر على تتاخم نهر سخيلده، وقعت القرية الفلمنكية الصغيرة ضحية مشروع توسيع ميناء أنتويرب الضخم الذي دفع بالسكان إلى الفرار، لكنه لم ير النور يوماً. ونتيجة ذلك، تحولت دول إلى ميدان لرسامي الغرافيتي ونقطة جذب للسياح الفضوليين و”المستكشفين الحضريين” الآتين لالتقاط صور لهم بين أنقاض المباني.

تسير الشرطة باستمرار دوريات للتحذير من أعمال النهب ومنع استيطان المكان بصورة غير قانونية. وحدها كنيسة ومقهيان، أحدهما ملاصق لطاحون من القرن السابع عشر، تذكّر الزائرين بأن القرية ليست مهجورة بالكامل.

وتقول ليزي ستوير المقيمة في القرية لوكالة فرانس برس هذه ليست مدينة أشباح.. بطبيعة الحال إذا قصدتموها  أو خصوصا في فترات المساء، لن تروا سوى منازل فارغة، ما يفسّر هذا النوع من التعليقات.

هذه المرأة البالغة 37 عاما، والتي تدرس الهولندية للأجانب وتعمل مصممة جرافيك، انتقلت قبل خمس سنوات للعيش في دول حيث يقيم زوجها. كانت تقصد القرية مع جديها المقيمين في منطقة مجاورة، وقد رسخت في بالها ذكريات من المكان كوجهة محببة لدى هواة التنزه في الطبيعة الخضراء.

غير إن قدر دول انقلب في نهاية تسعينات القرن العشرين، عندما قررت السلطات البلجيكية مصادرة أو هدم مناطق حضرية كثيرة في محيط ميناء أنتويرب، ثاني أكبر مرافئ أوروبا، لبناء رصيف جديد للحاويات.

ورغم أن أكثرية السكان رضخوا للأمر وغادروا القرية، بقيت حفنة من الأهالي المتصلبين في موقفهم الرافض لهذا المشروع وقرروا نقل قضيتهم إلى المحاكم، مع الترويج لفنون الشارع كوسيلة لإضفاء بعض البهجة على المشهد الكئيب للمنازل الفارغة.

بعد سلسلة من التطورات القضائية، حقق هؤلاء السكان نصرا سنة 2019 حين أكدت حكومة منطقة فلاندر البلجيكية الناطقة بالهولندية على إمكان الحفاظ على القرية.

وكان مجلس الدولة البلجيكي قبل ثلاث سنوات، العام 2016، قد أبطل مشروع توسعة المرفأ مستندا إلى قرار أصدرته محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي شددت فيه على ضرورة الحفاظ على المستنقعات المتاخمة لنهر سخيلده.

وتوضح ليزي ستوير أنها بقيت في دول حباً في طبيعتها، ومن باب التضامن مع السكان والحفاظ على الروابط معهم.

وتضيف مصممة الجرافيك أن اللون الأخضر الذي نراه هنا خلال الصيف مريح حقا للنظر هذا المكان الذي أريد لطفلي أن يكبر فيه.

وتتابع لا أشعر أني معزولة، بتاتا، الجو دافئ جدا هنا، مؤكدة أنه من المهم جدا أن يدرك الناس أننا لا نزال قادرين على العيش والإقامة هنا.

تتواصل المحادثات بين السلطات والسكان بشأن الشكل الذي ستتخذه مشاريع إنهاض المنطقة.

وفي ديسمبر، قدمت السلطات المحلية خطة ترمي إلى استقبال سكان جدد تدريجا وتجديد سفينة قديمة غارقة، بموازاة بناء رصيف جديد لتلبية حاجات حركة الملاحة في المرفأ.

يقول وزير المال والتراث العقاري في منطقة فلاندر البلجيكية ماتياس ديبندايل لوكالة فرانس برس “ندرك أن القرية لن تزول.. لقد التصقت بها صورة مدية الأشباح، لكن يجب أن لا تكون كذلك”.

وتملك الحكومة المحلية كل المنازل في القرية حاليا، باستثناء واحد منها فقط. ويضيف الوزير “الأمر الأصعب هو أننا ندرك جيدا أنه في الجوار، ثمة مرفأ ينشط 24 ساعة يوميا و7 أيام في الأسبوع”.

وفي هذه المرحلة، لم يتم اعتماد أي جدول زمني، وتبقى المسألة مرتبطة بتحديد المشاريع اللازمة لإعادة إحياء دول في الأسابيع أو الأشهر المقبلة.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل