المحتوى الرئيسى

تنامى العلاقات الصينية الإيرانية لم يعد من الممكن تجاهله

01/19 20:14

نشرت مجلة فورين بوليسى مقالا للكاتبين برادلى بومان وزين زوفاك تناولا فيه تزايد النفوذ الصينى فى منطقة الشرق الأوسط فى وقت تنسحب فيه الولايات المتحدة من المنطقة، إلى جانب تزايد التعاون العسكرى والاقتصادى بين الصين وإيران وهو ما سيضعف من تأثير العقوبات الأمريكية ويعرقل الوصول إلى حلول دبلوماسية حول برنامج إيران النووى.. نعرض منه ما يلى.

زار وزير الخارجية الإيرانى حسين أمير عبداللهيان الصين يوم الجمعة الماضى لتعميق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة» التى وقعها البلدان العام الماضى. تنامى التعاون الأمنى الصينى الإيرانى يشكل تهديدًا خطيرًا على المصالح الأمنية للولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج العربى، وتحتاج إدارة بايدن إلى اتخاذ عدة خطوات عاجلة لمواجهته.

تقدم الشراكة الاستراتيجية التى استمرت 25 عامًا، والتى وقعتها بكين وطهران فى مارس 2021، فوائد كبيرة وتعكس اتحاد دولتين فى خصومة الولايات المتحدة. فى تعزيز علاقاتها مع إيران، تعزز الصين وجودها فى الشرق الأوسط، وتقوض الولايات المتحدة، وتؤمن وصولها للنفط الإيرانى. أما إيران، فستحصل على مليارات الدولارات من استثمارات الصين فى الطاقة والبنية التحتية، مما يقوض فعالية العقوبات الأمريكية.

يركز جزء كبير من تعاون بكين وطهران على العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية. فى الواقع، أجمعت منظمة شنغهاى للتعاون التى تقودها الصين وروسيا فى سبتمبر الماضى على إعطاء إيران عضوية كاملة بالمنظمة. وسيكون من الخطأ إغفال التداعيات الأمنية للعلاقة الصينية الإيرانية.

شراء الصين للطاقة الإيرانية واستعدادها للاستثمار فى إيران سيكون لهما تأثيران سلبيان سيزدادان سوءًا مع الوقت. أولا، سيوفر الاستثمار الصينى حافزا اقتصاديا وإيرادات لإيران.. إذا كان الماضى يعلمنا شيئا، فسنعلم أنه وبالتأكيد ستستخدم إيران إيرادات علاقاتها الاقتصادية مع الصين لبناء ترسانتها من الصواريخ والطائرات بدون طيار، وتعزيز برنامجها النووى، وتصدير الإرهاب، ومهاجمة جيرانها.

سيخفف الاستثمار الصينى من فاعلية العقوبات الأمريكية ضد إيران. ومن شأن ذلك تكثيف التعنت الإيرانى فى أى مفاوضات بشأن برنامجها النووى. يزيد دعم الصين أيضًا من فرص فشل الدبلوماسية وقد تكون هناك حاجة لعمل عسكرى أمريكى، و/أو إسرائيلى، لمنع إيران من حيازة أسلحة نووية.

بينما تظل البنود النهائية لاتفاقية الشراكة الاستراتيجية سرية، تناولت نسخة مسربة من الاتفاقية، بعنوان «النسخة النهائية»، اتفاق الصين وإيران على إجراء تدريبات عسكرية مشتركة، وتمارين، وتطوير أسلحة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية. يجب أن يطلق هذا جرس الإنذار فى واشنطن وإسرائيل والسعودية والإمارات.

تزايد التعاون الصينى الإيرانى قد يؤدى، بمرور الوقت، إلى تحسين القدرة العسكرية الإيرانية بشكل كبير. إذا كانت القوات الإيرانية تستطيع تحسين قدراتها بالتعاون مع الصين، فقد تعتقد طهران أنها تستطيع ردع ــ أو الدفاع ــ أى هجوم أو عدوان يهدف إلى عرقلة مشروعها النووى. وبالتالى، سيزيد هذا من الثقة الإيرانية وسيزيد من صعوبة عرقلة إحداث أى تقدم فى المشروع النووى.

فى الواقع، التعاون العسكرى بين الصين وإيران ليس قصة خيالية أو تكهنات نظرية أو تنبؤات مستقبلية، بل هو تعاون يحدث بالفعل. إيران والصين وروسيا أجروا مناورات عسكرية مشتركة فى المحيط الهندى فى ديسمبر 2019 وفى روسيا فى سبتمبر 2020. وبحسب ما ورد، من المقرر إجراء تمرين عسكرى مشترك آخر تشارك فيه القوات الإيرانية والصينية فى الخليج العربى.

والجدير بالذكر، أفاد تقرير صادر عن لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية الأمريكية الصينية، وهى وكالة مستقلة تابعة لحكومة الولايات المتحدة، أن صاروخًا واحدًا على الأقل من الصواريخ الباليستية التى استخدمتها إيران فى هجوم عام 2020 على القوات الأمريكية فى قاعدة عين الأسد الجوية فى العراق كان «على الأغلب تم تطويره باستخدام تكنولوجيا الصواريخ الباليستية الصينية».

ليس من قبيل المصادفة أن تظل التفاصيل الدقيقة للتعاون الأمنى الصينى الإيرانى غامضة، فالصين لديها سبب وجيه لإخفاء هذا التعاون المتزايد مع إيران، وهو حرص الحزب الشيوعى الصينى على بناء علاقات مع حكومات دول الخليج العربى، والمساعدات العسكرية الصينية لإيران لن تساعد فى هذه المهمة.

من المرجح أن يفسر هذا سبب زيارة وزراء خارجية المملكة العربية السعودية والكويت وعمان والبحرين ــ الذين انضم إليهم الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي ــ الصين هذا الأسبوع الماضى. تحاول بكين تنمية العلاقات مع كل من طهران ودول الخليج فى آن واحد، وهذا يجعل من الضرورى للصين تأطير تعاونها الأمنى الثنائى المتنامى مع إيران بطريقة لا تثير غضب قادة الخليج.

سيكون هذا تحديًا لبكين، وعلى واشنطن أن تزيد من صعوبة هذا التحدى.. للقيام بذلك، فإن الخطوة الأولى التى يجب أن تتخذها واشنطن هى أن تفهم أن رفض تزويد شركائها فى الخليج العرب بوسائل الدفاع لن يؤدى إلا إلى تحفيزهم على اللجوء إلى الصين وروسيا للحصول على أسلحة. وهذا من شأنه أن يقوى خصمى الولايات المتحدة الرئيسيين ويقلل من نفوذ الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط. هذا ظهر بالفعل فيما يتعلق بمصر. عندما لم تتمكن القاهرة من الحصول على الطائرات والدبابات والصواريخ الأمريكية فى عام 2013، لجأت إلى موسكو وباريس للحصول على الطائرات الحربية وإلى الصين للحصول على طائرات بدون طيار. بدأت هذه السياسة تظهر بالفعل فى السعودية، والصين حريصة على الاستفادة من هذه الفرصة.

ثانيًا، يجب على واشنطن أن تشجع شركاءها فى الخليج على اتخاذ موقف واضح من الصين وروسيا إزاء تزويدهم إيران بأنظمة أسلحة، وأن يوضحوا أن هذا من شأنه الإضرار بعلاقاتهم.

ثالثًا، يجب على الكونجرس التأكد من أن البنتاجون ومجتمع الاستخبارات يقدمان تقارير مفصلة وسنوية وغير سرية عن التدريبات العسكرية الصينية الإيرانية، والتمارين، وتطوير الأسلحة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، لتجنب المفاجآت الاستراتيجية، وعلى واشنطن تبادل المعلومات حول التعاون العسكرى بين الصين وإيران بشكل استباقى مع إسرائيل وشركائها من دول الخليج العربى.

تُظهر «الشراكة الاستراتيجية الشاملة» بين الصين وإيران، والانضمام الإيرانى إلى منظمة شنغهاى للتعاون، ورحلة وزير الخارجية الإيرانى إلى الصين الأسبوع الماضى ثلاثة أشياء: تحالف متزايد بين بكين وطهران، ونفوذ بكين المتنامى فى الشرق الأوسط، وحقيقة أن التنافس الأمريكى الصينى لن يحدث فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ فقط.

ربما سئمت واشنطن من الشرق الأوسط، لكن الصين قد بدأت للتو فى التوغل.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل