المحتوى الرئيسى

هانى رسلان فى السماء | المصري اليوم

12/06 05:15

«الحياة حلم يوقظنا منه الموت» (مثل فارسى).

واستيقظت على خبر رحيل الدكتور هانى رسلان، وله من صفات الفارس الكثير، وكان عنوانه الأثير «أوقعتنى الشجاعة فى مأزق لم أنْجُ منه إلا بمزيد من هذه الشجاعة».

هكذا كان يصول ويجول فى ملف جد خطير، ملف وحده مأزق، ملف مياه النيل، ولكنه كان يحمل «حق وطنه» على ظهره، ينازل بشجاعة، ويكافح بفروسية، ولم تَلِنْ عريكته حتى على فراش مرضه، كان يعانى دون أن يخبر أحدًا، ويغسل كُلَى دون أن يتألم، ما كان يُظهر ضعفه، وهذا من شيم الفرسان.

لم يتخلَّ عن لهجته الصعيدية المُحبَّبة، كان يبادرك بالمحبة، ويؤنسك بحلو الحديث، حماسته كانت طاغية على شخصيته، تحس أنك أمام فارس من زمن مضى، محتشد إيمانًا بالوطن، وبضاعته العلمية حاضرة.

عُرف محليًا ودوليًا بخبير فى شؤون القرن الإفريقى، تقديرى أنه تخصص فى هذا الركن الإفريقى الساخن فقط ليذود عن الحياض المقدسة، البعض يحمل رسالته، رسالة حق، والإمام على بن أبى طالب يقول: «الحق لا يُعرف بالرجال، ولكن يُعرف الرجال بالحق»، وكان حقانيًا فى حق وطنه، وعُرف بالحق.

هانى رسلان (صعب تنعاه وهو حاضر بروحه)، ولكن الموت يأتى بغتة، «وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ» (الأعراف: ٥٧).

صعب قوى الفراق، فراق الأحباب سقام الألباب، قلبى موجوع، وفى الوجع يقول محمود درويش: «فإن أسباب الوفاة كثيرة من بينها وجع الحياة».

السواد والحزن الذى لوّن حوائط الفيس استثنائيًا حزنًا على رحيل الدكتور هانى رسلان ليس مستغربًا، كل مَن اقترب من الراحل الكريم لمس مكارم أخلاقه، ومحبته، وإيثاره، وفضله، فضلًا عن علمه، وكرمه فى إهداء العلم لمَن يطلبه.

ما كان طيب الذكر يرفض طلبًا يستطيعه، ولم يرد طلبًا كان فى مُكْنته، وهذا من صفات الكرماء، وكما يقول المثل الصينى: «يلتصق أريج الزهرة باليد التى تقدمها».. ويده كانت ممدودة بالحب للجميع، لذا كانت الفجيعة التى حرّكت الدمع فى العيون.. لَكَم كرهت «كورونا»، التى تختطف منّا الأحباب، نبكيه بالدموع، وبالدمع جودى يا عين.

رحلة هانى رسلان فى الحياة لم تكن ناعمة، مثلنا جميعًا أبناء القرى الذين يقتاتون الحلم تحت قبة السماء، وما إن تشرق شمس الحياة تنير دنياهم، تنفرج أساريرهم بهجة، قصيرة لحظات السعادة، ولكن سرعان ما تخبو الشمس، وتتحول إلى غيم ماطر على رحيل الأحباب.

أهم أخبار كورونا

Comments

عاجل